Beirut
16°
|
Homepage
"أمني سعودي" قام بتصفية العسكريين
عبدالله قمح | المصدر: ليبانون ديبايت | الثلاثاء 29 آب 2017 - 0:00

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

تفكّك تنظيمُ داعش في الجرودِ اللّبنانيّة السّوريّة بطريقةٍ مجهولةٍ تماماً كما بدأ، فأحجارُ الدّومينو التي تجمّعت بعضها على بعض آنذاك انهارت بفعلِ سلسلةِ ضرباتٍ قاضية كانت نِتاج عاملين؛ حِصار وقتال، دارَ رَحاهما طِوال أعوام على بُقعةٍ مشتركةٍ - مُتشابكةٍ بين لبنان وسوريا.

طُوِيَ ملفّ الإرهابيّين في الجرود، لكنّ أسرار وجودِهم لن تُطوى في المدى المَنظور نتيجة ما لفّ تلكَ الحالة من غموضٍ، ولعلّ قضية العسكريّين الشّهداء -الأسرى- كانت من أكثر القصص إيلاماً وغُموضاً.


أسرّ هؤلاء الجنود أتى في سياقٍ مُريب وغير مفهومٍ تماماً كاغلاقه على النّحو نفسهِ، إذ لا يوجد رواية رسميّة واضحة تشرحُ ما الذي حصل بالضّبط ولا كيفيّة حصول التصفية، علماً أنّ زملائهم على مقلبِ "النصرة" لم يشهدوا بغالبِيتهم على هذه النهاية. هُنا، ثمّة مجالٌ للمقارنةِ لفهم اختلاف المصيرين مُرتكزٌ على الاختلاف العقائديّ - الأدبيّ بين داعش كتنظيمِ "دولةٍ" وجبهة نصرة كتنظيمِ "قاعدةٍ" واللذان اختلفا من حيث الطبيعة العملانية في الميدان. ففي وقتٍ نظرتِ "النصرة" إلى الأسرى على أنّهم "صفقة تجاريّة" تذرّ لها الفوائد التفاوضيّة رأت "داعش" بِهم "كفّار وجب قتلهم".

وكون لا مجالَ هنا للغوصِ أكثر بالأفكار العقائديّة، يبقى أن ما أعلنه اللّواء عبّاس إبراهيم من أنّه كان يمتلكُ معلوماتٍ منذ شباط 2015 حول استشهاد، الجنود الاشد وضوحاً داخل جوقة مربّع الظلام، ويقدّم صورة تزيل القليل من الغموض. يعود بِنا هذا التاريخ إلى ذروةِ فترةِ النّزاع الدّمويّ الذي شابَ قاطع القلمون الغربيّ التّابع لداعش، والذي بدّل كثيراً من قيادة وشكل التنظيم هناك، حيث ان هذا التبدّل في الخارطة بلغت تأثيراته مستوى الاسرى الذين باتوا يتجاذبون النزاع ونتائجه.

استند اللّواء على اعترافاتٍ قدّمها موقوفون، تقاطعت معلوماتهم حول نقطةٍ واحدةٍ "تصفية الجنود وهم أسرى"، وجانب من هذه المعلومات، كان لنا بالغ الأسى حين سمعناها ذات عصرٍ عن لسانِ أحدِ المعنيّينَ الذي قال كلاماً لا يحمل الشكّ، إنّ الجنود هُم في عِدَادِ الشّهداء (اللّهمّ إلّا إذا حَصِلت مُعجزة!) مُتمنّيناً إبقاء الموضوع طيّ الكِتمان لمزيدٍ من التّأكّد.. وهذا ما كان.

بعض تفاصيل ما حصل كانت المراجع الأمنيّة على اطّلاعٍ عليه استناداً إلى مِروحة الاعترافات التي قدّمها موقوفين جرى القبضُ عليهم في تواريخ مُتلاحقة، فجّرت مُقاطعتها وأعطت مبدئيّاً صورةً أوّليّة عن المشهد الذي بقي مُحاطاً بهامشٍ من الحِيطة لكي يتثنّى الاعتماد على قرائن من أجلِ الإعلان الرسميّ.

وما عزّز هذا الاستناد هو استسلامُ القياديّ المدعو أحمد وحيد العبد (سوريّ الجنسيّة) المعروف بأبي البراء الجراجيري، وهذا كان أميراً شرعيّاً لقاطع "الزمرانيّ - مرطبية" الذي عُرِفَ عسكريّاً باسمِ "فصيلِ أوسامة"، إذ حمل اعترافات مؤكّدة حول مصيرِ العسكريّين مدلّاً إلى بقعةِ دفنهم في حرف وادي الدّب في جرود عرسال، وهو ما واكبة الأمن العامّ عند بداية معركة "فجر الجرود" إذ أرسل قوّة أمنيّة يومها للبحث في تلك البُقعة، لكنّها لم تجد شيئاً ليتبيّن لاحقاً أنّها كانت تبحثُ في مكانٍ يبعد أمتاراً قليلةً عن مكان الدّفن الحقيقيّ.

تقول الرواية إنّ الصّراع الذي اشتعل داخل "قاطع القلمون" بين الوافدين من عناصر مُبَايعَة حديثاً من كتائب الجيش الحرّ (سابقاً) القادمة من القصير، كان سبباً في إعدامِ العسكريّين، إذ أتى من أجل تأمين الفترة الانتقاليّة من - إلى. كيف ذلك؟ لأنّ الإطار الذي قاد خطف العسكريين عام 2014 تغيّر ببروز حُضورِ ودورِ المُستجدّين على التنظيم بعد هذا التاريخ.

إذاً حصلت ولادة قيصريّة داخل رحم "قاطع القلمون" في داعش كانت نتيجتها بروز مولودٍ جديدٍ (عام 2015) ليخلفَ القديم (قبل 2014)، وهذه الوِلادةُ كانت عبارةً عن صراعٍ عسكريٍّ أطاح بمجموعةٍ من الأمراء وختم مرحلة الأسر. أمّا تلكَ الولادة فحتّمت تنظيم كلّ المُخلّفات السّابقة.

"المستجدّون" الذين ورِثوا الحالة السّابقة سعوا لنيلِ رضى "الرقة" بعد سلسلةٍ المُتغيّرات التي حصلت في قاطِعهم، والتي تقبّلتها "الإمارة" نسبةً إلى ضروراتِ الميدان وما أنتجه. وعملاً بمبدأ التثقيف، تقرّر إرسال أحد الأمراء الشّرعيّين الموصوفين بالشّدّة والقساوة إلى القاطع، المدعو "أبو الوليد المقدسيّ" (أردني من اتّباع التيّار السلفيّ الجهاديّ في الأردن) إلى الجرود لتسويةِ الأوضاع هناك وإعادة تنظيم الصّفوف و"عقدنة" المستجدين، لكنّ الأمور كانت مُختلفة وسرعان ما تحوّل طرفاً في الأزمة، فأصدر في شباط 2015 فتوى شرعيّة قضت بتصفيةِ الأمير العامّ آنذاك "أبو عائشة البانياسي" (سوريّ) على حاجزٍ عسكريّ، ما أرهبَ المُبايعين وأجبرهم على قَبُول "أبو الوليد" أميراً.

كانت الرقة وبالتوازي قد أرسلت برفقةِ المقدسيّ قياديّين لا يقلّانِ فتكاً هُما العراقي "أبو بلقيس العدناني" والسّعودي "أبو الزبير المهاجر"، وهذا الأخير كان مسؤولاً أمنيّاً وذا عقلٍ استخباراتيٍّ (ويُردّد انه خدم بأحد الاجهزة في بلده)، لا يبدو من سياقِ المعلومات أنّه كان مُتّفقاً مع "المقدسيّ" حول الإجراءات التي كان يقومُ بها في الجرودِ خاصّةً إشهار قتل المُنتسبين إلى النصرة، فوقعَ بنزاعٍ حادٍّ معه كان أحد أسبابه التّفرّد بالإفتاء بقتلِ "البانياسيّ" بجرمِ "العلاقةِ مع المُرتدّين" (أمير جبهة النصرة أبو مالك التلي) تعاظم بعد طردهِ من أحد الاجتماعات ثمّ تسريب تسجيلٍ منسوبٍ للمقدسي يصف فيه "عناصر تنظيم الدولة بجرودِ القلمون بأنّهم حفنة من قُطّاع الطّرق والسّارقين"، ما أتاح لـ"الزبير" إصدار قرار إعدامه الذي نفّذهُ عناصر "موفق الجربان" (المعروف باِسمِ موفّق أبو السوس - قائد كتيبة الفارووق المُستقلّة سابقاً).

دخل التنظيم في فراغٍ قياديٍّ مدّةً قصيرة من الزّمن، وتُرِكَ أمر القيادةِ إلى مجلسِ شورى مُؤلّف من شرعيّين وعسكريّين، ليتدبّر شؤون القاطع حتّى جرى الاتّفاق على إعلان "أبو السّوس" أميراً بعد التسوية.

وبغية إراحة "أبو السوس" من تراكماتِ الفترة الماضية اتّخذ "أبو الزبير" قراراتٍ عدّة بتصفيةِ عددٍ من أعضاء ومسؤولي التّنظيم في القاطع بهدفِ إرساء معادلة "الانتقال" كان من ضمنِها قرار بتصفيةِ الجنود اللّبنانيّين الثّمانية في زنازينهم بعد بُروزِ مخاوف من استغلالهم من قِبَلِ أحد التّيارات التي كانت تتنازع داخل التّنظيم، بالإضافة إلى اعتبارِهم "حِملاً ثقيلاً ولا حاجة لهم كي يبقوا أحياء".

وبعد أن ثبت مُعادلته -أي معادلة الرقة- غادر أبو الزبير القاطع متّجهاً إلى البادية، ثمّ لاحقاً إلى الرقة واختفى أثره هناك، ولَحِقَهُ "العدنانيّ" إلى المُوصل حيث أُعلِنَ مقتلهُ أواخر عام 2015، ليجري بذلك التخلص من كل من لهم معرفة حقيقية بتفاصيل ما جرى او شاركوا بدور ما.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
"سوريا الثورة" تثير البلبلة في البترون! (صور) 9 الحزن يخيم على عائلة الحريري! 5 بو صعب خارج "التيّار" رسميًا! 1
إنتشار عسكري "غربي" في لبنان وحشود إيرانية وروسية وصلت.. عماد رزق: بيروت ستقصف وحرب التحرير بدأت! 10 "رح نحمي بيوتنا" و"الله أكبر سوريا"... غضبٌ عارمٌ وثورة سورية قريباً في البترون! 6 الحقيقة بشأن جريمة باسكال سليمان 2
نائب يتعرض لوعكة صحية! 11 "الرجل الطيب الودود"... الحريري ينعى زوج عمته 7 كلاب بوليسية وانتشار أمني... ماذا يجري في الضاحية؟ 3
إشتباك أميركي - سعودي.. البخاري يعلق مشاركته في الخماسية؟ 12 في جونية... سوريّون يسرقون مخزناً للبزورات! 8 إشكال وجرحى في بلدة لبنانية... ما علاقة "الزوجة الثانية"؟! (فيديو) 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر