Beirut
16°
|
Homepage
هل من تكريمِ للقاتل؟!
المحرر السياسي | المصدر: ليبانون ديبايت | الثلاثاء 29 آب 2017 - 1:00

تحمّل حزب الله مسؤوليّة الكشف عن نهايةٍ سوداء لقضيّةٍ بحجمِ الوطن

تفاوض حزب الله لم يكن بنيّة التفاوض بقدرِ ما كان سبباً ناتجاً عن مسبّبٍ

الدولة لم تُكرِّم القاتل؛ بل فِرار القاتل كان على وقع مدفعيّة الجيش اللّبنانيّ


"ليبانون ديبايت" - المُحرِّر السياسيّ

على الرغم من التوقّع... جاء خبر استشهاد العسكريّين الثمانية على أيدي التنظيم الآثم "داعش" في جُردِ القلمون، صادماً لأهاليهم ولعموم الشّعب اللّبنانيّ، الذي عاش أوجاع الأهالي على مدى السّنوات الثّلاث الماضية بكلِّ فصولِ انتظارها حتّى الانهيار الأخير.

وراحَ اللّبنانيّ، المُتعاطف مع قضيّة العسكريّين المخطوفين، يرمي بفائضِ حُزنِه وجامِ غضبِه على مواقعِ التّواصل الاجتماعيّ، مُشتّتاً في بعض الأحيان بوصلةِ الاتّهام، مُبرّئاً بذلك مذنبين ومُتّهِماً بريئين. وربّما لا نَخُطّ هذهِ السّطور لنوجّه اللّوم لهذا الشعبِ المفجوعِ بوطنٍ مَخطوفٍ عادَ شهيداً بعد ثلاثِ سنواتٍ من التآمرِ السّياسيّ عليه؛ بل لنُعيد تصويب أصابع الاتّهام حيث يجب تُوجيهها.


يمكن للمتنقّل عبر صفحاتِ التّواصل الاجتماعيّ أن يلمسَ اتّهاماً صريحاً، ويرسمُ دائرةً حمراءَ حول مُتهمٍ لم تَثْبُت إدانته إلّا في العالمِ الافتراضيّ، فحمّل كثيرون ذنبَ تأمينِ ممرٍ آمنٍ لِمَا تبقّى من تنظيمِ داعش في جُرُودِ القلمون، أو ما أسمَوهُ روّاد مواقعِ التّواصل بـ"تكريمِ قاتلِ العسكريين" من حزب الله، الذي أثمرت مُفاوضاته الأخيرة مع التنظيم عن كشفِ مصيرِ العسكريّين المخطوفين وتسليم جثامينهِم، إضافةً إلى تسليمِ جثامين 4 شهداء من الحزب مدفونينَ في وادي ميرا في القلمون السوريّ، وشهيدين وأسير لدى "داعش" في البادية السّوريّة، مقابلَ تقديمِ ضماناتٍ لخروجِ مُسلّحي التّنظيمِ باتّجاهِ البوكمال السوريّة.

وهنا، سواء كنّا نتّفق أم نعترض مع الحزب الأصفر، تجدر الإشارة إلى أنّ لولا حزب الله وفوزه في التضييق على الإرهابّيينَ في القلمون؛ لَمَا كُنّا وصلنا لصفقةِ التّفاوض الأخيرة التي تمّ الكشف عبرها على مصيرِ العسكريّين والحصول على جثامينِهم، ولرُبّما كانت دُهُورُ الانتظارِ المُغمّس بالمُعاناةِ طالت أكثرَ من ثلاثِ سنواتٍ على أهالي العسكريين، لا سّيما وأنّ الأماكنَ التي عُثِرَ فيها على رُفاةِ العسكريّينَ تقعُ ضمنَ الحدودِ السّوريّةِ لا اللّبنانيّة.

فالحزبُ أخذَ على نفسهِ أن يتحمّل مسؤوليّة التّفاوض بهذا الملفّ، الذي كانت الدولة قد أهملت حُلوله العسكريّة حتّى الأمس القريب، وهي تعلمُ منذ منتصف 2015 بمصيرِ عسكريّيها، ولكن أحداً لم يَجرُؤ على الإفصاح عن استشهادِهِم قبل التّأكّد من صحّة المعلومات، وبالتالي تحمّل مسؤوليّة الكشفِ عن نهايةٍ سوداء لقضيّةٍ كانت بحجمِ الوطن، وكانت صفحتها الأخيرة بمثابة زلزالٍ ضربَ البلد في وجدانِهِ الإنسانيّ، بعد عجزِ الدّولة اللّبنانيّة عن التّوصّلِ لدليلٍ يقطعُ الشّكّ باليقين في هذه القضيّة.

فتفاوض حزب الله بالشقّ الأخيرِ منه لم يكن بنيّة التفاوض بقدرِ ما كان سبباً ناتجاً عن مُسبّبٍ، سببٌ كان لمعرفةِ مصيرِ العسكريين، ومُسبّبٌ كان هو الظروف التي سمحت أن يكونَ هناكَ عسكر مخطوفين، وعدم تحمّل الدّولة اللّبنانيّة وقتها لمسؤولياتِها تجاه حادثة الخطف.

وهنا يمكن القول، إنّ أخذ حزب الله على عاتقِهِ مسؤوليّة هذا التفاوض ونتائِجِه، كان سبباً غير مباشرٍ لتحوّل أصابع الاتّهام عن المُجرمِ الحقيقي نحوه، فغطّت المُفاوضات الأخيرة على المسؤول الأساس عن خطفِ واستشهادِ العسكريّين وهو الدولة اللّبنانيّة بأركانِها الرئيسةِ بين عامي 2014 و2015.

هذا لناحية حزب الله، أمّا لجهة الدّولة اللّبنانيّة، فتجدرُ الإشارة أيضاً إلى ضرورة تخصيصِ موضِع الاتّهام، فالدولةُ اللّبنانيّة لم تُكرِّم القاتل بتأمينِ معبرٍ آمن لانسحابِهِ؛ بل انسحاب القاتل كان على وقْعِ مِدفعيّةِ الجيش اللّبنانيّ، فلا يمكن نكران حقيقةٍ مفادها أنّ دولة 2017 لم تتعاطى مع قضيّةِ العسكريّين بشكلٍ خاصّ والإرهابُ المُرتبطُ بالقضيّة بشكلٍ عامّ، كما تعاطت دولة 2014، وإن كانت التركيبة السّياسيّة نفسها، إلّا أنّ مواقِعَ القرار قد اختلفت.

فدولة 2017 أعطت القرارَ السّياسيّ للجيشِ اللّبنانيّ الذي خاضَ معركةَ فجرِ الجرود ضد آخر إرهابيٍّ في جرودِ السّلسلةِ الشّرقيّة، قاتلَ حتّى النّصر وتطهير الجرودِ اللّبنانيّة من فُلولِ داعش، لم يُكرَّم القاتل؛ بل حاربهُ حتّى الموت وأسقطَ في صُفوفِه خسائرَ روحيّة كبيرة، وضيّقَ خِنَاق النّار عليه حتّى فرَّ مَنْ بَقِيَ مِنهُ هارباً باتّجاهِ الأراضي السّوريّة. لتنتهي مع ذلك مهمّة الجيش اللّبنانيّ عند الحدودِ كون القاتل أصبحَ ضِمنَ الأراضي السّوريّة.

وعليه، إن كانَ هناك أسئلةٌ يجبُ أن يحملها الشّعب اللّبنانيّ اليوم ويسلّط الضوء عليها فهي: لماذا تأخّرت الدّولة بقرارِهَا السّياسيّ للحسمِ العسكريّ في جرودِ عرسال وجِوَارِها، مَنْ سمحَ بخطفِ العسكريّين الشّهداء، من تَخاذل، مَن تآمر على مَصيرِهِم، ومن أعطى الأمر للجيش اللّبنانيّ في الـ2014 بوقفِ إطلاقِ النّار وترك العسكريّين ليواجهوا حتفهم وكأنّهم ليسوا أبناء المؤسّسة العسكريّة، وكأنّهم لم يُختطفوا خلال قِيامهم بواجبِهم بحمايةِ هذا الوطن؟!
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
بعد أسبوع... لماذا كشفت إسرائيل إصابة مواقع حساسة بالهجوم الإيراني؟ 9 سيناريو "مُقلق" ينتظر مطار بيروت... إنذار خطير وأيام حاسمة! 5 إنتشار عسكري "غربي" في لبنان وحشود إيرانية وروسية وصلت.. عماد رزق: بيروت ستقصف وحرب التحرير بدأت! 1
بشار بطل عمليّة نصب كبيرة في طرابلس! (صور) 10 واشنطن تكشف دورها في "الضربة الإسرائيلية" على ايران 6 حادثة رئاسية فضحت "الثنائي الشيعي" 2
عصابة "خطرة" تنشط في طرابلس... بطلتها إمرأة! 11 "النكزة الأخيرة"... منشورٌ "ناريّ" للسيّد! 7 "عبوهن بالباصات وكبوهن بسوريا": سياسي يدعو الى التحرك سريعاً… ونسب مقلقة في السجون اللبنانية! 3
بقوة 5.6 درجة... زلزال "يهز" شمال تركيا! 12 كليب "يُرجح" ما قد تبلغه فرنسا لِميقاتي اليوم! 8 مستجدات فصل بو صعب من التيار! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر