Beirut
16°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
بلديات
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
رياضة
صناعة الوطن
إعراب مفردات في خطاب مِعراب
روني الفا
|
المصدر:
ليبانون ديبايت
|
الاثنين
11
أيلول
2017
-
8:56
"ليبانون ديبايت" -روني الفا
عندما شملَ الأب أيوب شهوان ببَرَكَته "شهداء المعارك الأخرى" فرقّاهم بفصيحِ اللهجةِ ولو على خَفَر خلال عظته،الى رتبة شهداء الى جانب رفاقهم شهداء الجيش اللبناني خلال قداس شهداء "المقاومة" في معراب، وددتُ لو تُستكملَ البركةُ ببادرةٍ "معرابيّةٍ" فَيُبنى عليها جسرَ عبورٍ بين "مقاوَمَتَين"،جسرٌ يردمُ الهوَّةَ بين خطّينِ متوازيين لا يجمع بينهما (حتى الآن على الأقل) سوى تباينُهما.
لم أُفاجَئ بالمناقبية الفكرية للأب شهوان الذي أعرفه منذ أكثر من ربع قرن يوم كنت أزاول التدريس في جامعة الروح القدس- الكسليك التي لمعَ فيها اسْمُه بعد أن أوقَرَهُ الدينُ وأجزَلَهُ الله بموهبة مغازلةِ اللغةِ وتطويعها بما يخدم مطاوي الفكر والفلسفة.
ذكر الأب شهوان أخطاءً وهفوات ومطبات سُجِّلت في تاريخ القوات اللبنانية ليعفيها لاحقاً من صفة الكمال وليقلّدها شرف ضمير المقاومة.
ودعا الأب شهوان الى مراجعة ضميرٍ وأرسى بين سطور عظته بالغةِ الدقّةِ مقاربةً اجتَرأت على خلقِ توليفةٍ مبدعةٍ تسكِّنُ صداعَ التناقضات وتبتَدِعُ حواراً وطنياً وسياسياً، ما أغبطني وأغبط معي كلَّ من يحلم بلمِّ الشمل وبتدعيم مناعة لبنان في هذه الازمنة الصعبة.
زادني ترقّباً لأي مبادرة إيجابية تفصيلان بنيتُ عليهما توقعاتي المتفائلة: الأولى ، ترتيلة " يا مريمُ البكرُ" التي تُجَلُّ مريماً في القرآن الكريم وأُماً لله في الإنجيل المقدس ولفَتني إتقان الحكيم لأدائها وبالأخص في مقطعها القائل" نوّري عقلَنا والسَّمعَ والبصرَ".
أما الثانيةُ فتفرُّسي بتعابيرِ وجه قائد القوات خلال "الكلام الجوهري" ( مخالِفاً بذلك عُرفاً طقسياً بالخشوعِ والتبصُّر)الذي غالباً ما يُتْلَى بالسريانية في القداديس المارونية؛تعابير أبرزتها جليَّةَ التضاريس شاشتانِ ضخمتانِ أظهرتا وجهاً مغمضَ العينين ليسَ بنصفِ إغماضةٍ، وجهٌ يمارس انحناءةً خاشعةً تتماهى مع "هذا هو دمي".
وفي كلمته التي يصحُّ فيها أنها لم تخرج عن سياق سابقاتها شكلاً ومضموناً، قال الدكتور جعجع أنّ "أيلول الشهداء هو أيلول شهداء كل لبنان من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب مروراً بالبقاع وجبل لبنان وبيروت" فكأنما سبَقَهُ قلمُهُ، والأقلامُ مَطايا الفِطَن، في تثبيت ما قاله الأب شهوان في برَكَتِه الشمولية التي وحّدت مفهومَ الشهادةِ بين جرود عرسال من جهة وجرود رأس بعلبك والقاع من جهة أخرى.
وبالرغم من رمايات مدفعية بعيدة المدى أطلَقَها خطاب "إن عدتم عُدنا"، تلقّفتُ بقعةً من بقعِ الضوءِ فيه ومنها استشهادُ الدكتور جعجع بالإمام علي بن أبي طالب على خلفية "غفلةِ عينٍ وانتباهَتِها" وهو ما يثبت على الأقل أن الإمام يتصدّر مكتبة الحكيم سيرةً ونهجاً وبلاغةً وسموّاً في صفاء الروح.
لن أخوضَ غمار المَحاوِر التي فنَّدَها رئيس حزب القوات في كلمته النارية حتى لا أضيعَ في غَمرَتِها،وقد يكون من المفيد وطنياً أن نقاربها أولاً من حيثُ هي حائزةٌ على الأقل في شقِّها "الإستشهادي المقاوِم" على اعتراف رئيس الجمهورية وثانياً من حيث قابليتها للتحول الى مادة نقاش أولى أن تكون على طاولة حوار مع خصوم القوات، ولا بأس أن نضيف أنها تؤسس رغم قساوة تعابيرها لتباشير جدول أعمال لأي حوار بين القوات وحزب الله أو بين القوات وفريق عريض من الأحزاب والقوى التي لم يشأ الدكتور جعجع وضعها في خانة "الأغلبية الساحقة من اللبنانيين" مفضِّلاً إسباغ هذه الصفة على فريق دون آخَر من اللبنانيين.
لا شيئ يعيق مثل هذا الحوار، فقد حصلَ حوارٌ مماثل بين القوات والتيار الوطني الحر( حيث لم يَحُل الإختلاف على سلاح حزب الله والموقف من النظام في سوريا دون إتمام اتفاق يحرص موقّعوه على تدعيمه في كل مناسبة)، ويحصل حالياً بين القوات والمردة بالرغم من التركة الثقيلة بين الرجلَين والمؤسستين، وحصل أيضاً وأيضاً بين القوات وبين تيار المستقبل( حيث تمَّ نقل رأي عام سُنّي بأغلبه الى معسكَر قوّاتي سياسي وشخصي ما كان أحدٌ ليتوقّع نقله)، لذلك فإنّ ما نراه اليوم مستحيلاً قد يصبح غداً ممكناً مع نضوج الظروف وتبدّل المصالِح ومع تفاقم الأخطار المشتركة وتوفّر الإرادات والأطباع والأمزِجة القادرة على اجتراح الحوار.
وإذ نرى كل ما تقدّم متوفِّراً، فلنتذكر أن مصير المسيحيين في الشرق لا يتحقق في مقولة أنهم جسر عبور يجمع بين السنَّة والشيعةَ وهي مقولةٌ ممجوجةٌ وتوصيفٌ أدبيٌ وجدانيٌ بحت.
المسيحيون بحاجة الى جسر عبور يجمع ما انكسَر بينهم أولاً قبل أن يتحوّلوا الى ضرورة وبُناة جسورٍ للآخرين .
ومصيرُ المسيحيين يتحصّنُ بشبكة الأحلاف التي يجب أن ينسجوها مع المسلمين سنّةً وشيعة.
لقد اجتازَ "الحكيم" النصفَ الأوَّلَ من الطريق نحو الإمساك بهذه الشبكة عبر حلفٍ مع سنّة لبنان لم يكن كلّه شهر عسلٍ، وقد كلّفه الإبقاءُ عليه الكثيرُ من الصبر والأناة والتنازلات، وقد آن الأوانُ أو يكادُ لاجتياز النصف الثاني من الطريق عبر حلفٍ مع شيعة لبنان لا يلغي حلفَه الأول ولا يُفسِدُ فيه معهم بسببِه ودّاً.
قد يبدو الكلامُ هذا هذياناً وانسلاخاً عن الواقع لكنه في بُعدِه الاستراتيجي قادمٌ لا محالة وسيشكِّلُ مناعةً إضافيةً للمسيحيين عموماً ولمستقبل "القوات" خصوصاً،في ظلّ تحوّلات استراتيجية تحتّمُ على "الحكيم" إعادة صياغة خياراته القومية الكبرى على قاعدة مصلحة بلده ومصلحة حزبه وأولاً وأخيراً على قاعدة مصلحة المسيحيين في لبنان كجماعة ورسالة وقيمة مضافة في المشرق العربي.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان،
اضغط هنا