"ليبانون ديبايت"

خلافا لما يعتقده الكثيرون، لم ولن تكون مسألة إثارة عدم مشاركة رئيس الأركان "اللواء حاتم ملاك" في الوفد العسكري الذي زار قصر بعبدا، والتي تحولت الى قضية درزية استدعت استنفار الطائفة "المغبونة" زوبعة في فنجان، إنتهت مع ظهور اللواء الى جانب العماد في احتفال رياق التكريمي.

فالمسألة بالنسبة لبيك المختارة اكبر بكثير، تضرب جذورها بعيدا في تاريخ العلاقة الدقيقة والحساسة بين المختارة واليرزة ، بل ابعد من ذلك تعود الى حسابات الصراع الدرزي - الماروني الذي ادارتها قيادة الجيش وقبلها رئاسة الجمهورية.

من هذا المنطلق يمكن فهم قرقعة جرس الانذار الذي دقه "ابو تيمور" بعد سلسلة من المعطيات التي بدأت تتجمع غير مبشرة بالخير. فرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي غير مرتاح للدور المتقدم الذي بدأ يلعبه رئيس الجمهورية، بوصفه القائد الاعلى للقوات المسلحة متخطيا المظهر الشكلي لتلك الصلاحية، ذاهبا الى حد ممارسته، وهو ما بدا جليا في التسريبات التي اعقبت اعلان الانتصار من بعبدا.

يضاف Yلى كل ذلك، أن التباهي العوني وصل إلى حدود اعتبار أصحاب البرتقالي ان الاجهزة الامنية والعسكرية باتت في جيبتهم، وسط تسليم المستقبل ورضوخه.

مشهد لا تكتمل ملامحه إلا بالممارسات التي اعقبت دحر الارهابيين واصرار الفريق الرئاسي على فتح ملفي "النصرة" و"داعش"، انتقاما من الفترة السابقة وبالخصوص من العماد جان قهوجي، تصفية لحساب معركة رئاسة الجمهورية.

عليه ترى كليمنصو ان إنتصار الجيش في الجرود يعني عملياً انتهاء الدور العسكري الفعلي للمؤسسة، وبالتالي تفرغ الاخير، وفقا لرؤية رئيس الجمهورية، للاعب على الساحة الداخلية في خدمة الرئاسة وفريقها عبر تحويله الى اداة الغاء للخصوم، الامر الذي طالما حصل في السابق بحجة تفعيل الدور الامني للمؤسسة، ما سينعكس سلبا على الوضع العام في البلاد، خصوصا عشية الانتخابات النيابية المنتظرة، والتي قد تكون نهاية لبيوتات سياسية تاريخية.

هكذا إذاً، ما إن عرف السبب بطل العجب، فزوبعة رئيس الاركان ليست سوى ورقة حشد وتجييش للشارع الدرزي استباقا لما قد يأتي. شارع درزي مقبل علىأيام صعبة في ظل التوازنات الجديدة، وصعوبة التعايش العوني-الجنبلاطي وفقا لشروط البيك. وما رسالة اللواء ملاك إلا اول الغيث!