Beirut
16°
|
Homepage
"حبيب الكل" عمل يمدّ الجسور بين بيروت وعكار
ريتا الجمّال | المصدر: ليبانون ديبايت | الاثنين 25 أيلول 2017 - 0:00

"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:

مَن قالَ، إنّ العمل المسرحيّ يتطلّب إضاءةً ضخمة، وديكوراً كبيراً، وأموالاً طائلةً، وعرضاً يفوق السّاعتين حتّى تصل فكرة المسرحيّة ورسالتها? يكفي أن تضع أشخاصاً يبحثونَ عن الفرص، يملكون الموهبة الحقيقيّة والطموح والإرادة والإيمان ويعيشونَ الوجع، حتّى تأخذ منهم ما يُدهش العالم ويتفاعل معه الجمهور ويُساهم في إيصال الرسالة التي لن تُنسَى بسهولة. هذا بالذات ما فعلته جمعيّة "مارش" وما تزال تفعله مع كلّ عملٍ كاملٍ مُتكامل تُقدّمه. فبعد النجاح الكبير الذي حقّقته في مسرحيّة "هنا بيروت"، و"حبّ وحرب عَ السطح" في طرابلس، ها هي تأتي إلى العاصمة اللّبنانيّة لتختتم "حبيب الكلّ" في عرضها الأخير، بعد النجاح الذي حقّقته المسرحيّة في المناطق الشماليّة، وتدخل إلى قلوب الناس الذين ملأوا مسرح "دوّار الشمس".. ومن دون "فيزا".

ساعة واحدة من الوقت، كانت كافية لعرض هموم منطقة من أكثرِ المناطق حرماناً في لبنان، على خشبةِ مسرحٍ كبيرٍ بقيمته الفنيّة، والثقافيّة، وقف عليه ثمانية وعشرون شاباً وشابّة لإيصال رسالة "تمثيليّة" حقيقيّة واقعيّة، فيها الكثير من الوجع والألم والمُعاناة، والألم والأحلام، فكانت الضحكة والدمعة أبطال عملٍ مسرحيٍّ ضخم بمضمونه وغنيّ برسائله. ساعة واحدة من الوقت، عُرِضَت خلالها كوميديا سوداء، من كتابة وإخراج المخرج نعمة نعمة، وتأليف موسيقي لدانييل صايغ، شارك فيها شبّانٌ وشابّاتٌ وصغارٌ من الطوائف والمناطق العكّاريّة كافةً، حاكوا فيها مشاكلهم، ومعاناتهم والحرمان الذي يُعانون منه بأسلوبٍ ساخرٍ، على وقعِ ألحانٍ موسيقيّة وأغنياتٍ كُتِبَت خصّيصاً للعمل، أظهرت في الوقت نفسه مواهب رائعة في التمثيل والغناء استحقّت عن جدارةٍ وقوف وتصفيق الناس بقوّةٍ وحماسٍ وتأثّرٍ شديد.


"حبيب الكلّ" (الذي جسّد دوره المُمثّل نزيه يوسف وحلّ ضيفاً مميّزاً على العمل)، هو زعيمٌ من لبنان، نُظّم له احتفالاً في المنطقة، حيث انتظره المسؤولون والشخصيّات السياسيّة والعامّة النافذة لتكريمه، غير آبهين بمشاكل الناس الحياتيّة والمستقبليّة، والحرمان من أبسطِ الحقوق المعيشيّة والإنمائيّة. وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه الناس قدومَ "حبيب الكلّ" الذي لم يحضر وفضّل الظهور عبر "سكايب" والحديث بشكلٍ متقطّع نتيجة خدمة الانترنت الكارثيّة، حصلت أحداثٌ كثيرةٌ، استفاد منها الشباب والشابّات للتعبيرِ عن همومهم وإيصال مواهبهم من خلال "إذاعة عكّار" فكان طرح مشكلة إطلاق النار العشوائيّ الذي أدّى إلى سقوطِ قتيلٍ كلّ حلمه أن يكون ضابطاً طيّاراً، فسافر إلى عالمٍ آخر نتيجة رصاصة وسياسة طائشة، وكذلك، لقضيّة الفتاة المُحجّبة التي تعرّضت لهجومٍ كبيرٍ تحت عنوان "العيب" فقط لأنّها تحبّ الرقص التعبيريّ الذي لا يُؤذي أيّ شخصٍ، بالإضافة إلى عرضِ همومِ شبابٍ لا يبحثون عن طرقٍ للسفرِ إلى الخارج؛ بل كلّ ما يتمنّونه "فيزا" إلى بيروت حيث المشاريع الإنمائيّة التي يتعطّشون إليها.. وغيرها الكثير من المشاكل التي تُظْهِرُ الحرمان والفقر والنسيان، في منطقةٍ حُرِمَت من كلّ شيء باستثناء "الحرمان الأحمر" واستشهاد عسكرييّ عكّار في سبيلِ استمرار نبضِ قلب هذا الوطن.

وقالت رئيسة "مارش" ليا بارودي لـ"ليبانون ديبايت"، إنّ "هذه المرّة وقع الاختيار على عكّار، كونها من أكثر المناطق حرماناً وإهمالاً من الحاجات البديهيّة، وعندما بدأنا تجارب الأداء، تفاجأتُ كثيراً بكميّة المواهب الموجودة من تمثيلٍ وأصوات رائعة، فكان هناك صعوبة كبيرة في اختيار الأشخاص المشاركين في العمل، وشعرتُ أنّهم رغم المأساة والحرمان، هم قادرون على إظهارِ مواهبهم وتقديمها بأفضلِ ما يكون".

ورأت بارودي "أنّ عكار لا تُعاني فقط من الحرمان، بل حتّى من الأحكام المُسبقة، فللأسف هناك تمييزٌ كبيرٌ ليس فقط طائفيّاً بل أيضاً مناطقيّاً، لذا يجب تقريب المسافة وبناء الجسور بين الناس، وهذا ما نحاول فعله، إذ ننظّم عملاً سيجمع بين شباب بيروت وعكار وطرابلس لتحقيق هذا الهدف". مشيرةً إلى أنّ "الدولة غائبة تماماً عن عكّار، ولا تُمارس أدوارها المطلوبة منها وأبسط واجباتها، ونحن لا يمكن أن نقوم مقامها، ولكن نحن مسؤولون في مكانٍ آخر من خلال التمييز المُشار إليه وعلينا وضع حدٍّ له".

وإذ كشفت بارودي أن "الوُجهة المُقبلة ستكون إلى بعلبك الهرمل، التي تُعاني بدورها من الحرمان"، أكّدت أنّ "المسرحيّات التي يعملونَ عليها تكون قصيرةً من حيث الوقت، لأن الهدف منها إيصال رسالةٍ معيّنة، التي من الصعب أن تصل إلى كلّ الناس وتدخل إلى كلّ بيتٍ وقلب، لذلك، يُصار إلى اعتماد الكوميديا السوداء التي تُضحِك وتُؤلِم في الوقت نفسه، فتصل الرسالة لأنّها تجسّد الواقع المُعاش".

هذا وكان لافتاً حضور الممثّل المبدع جورج خبّاز الذي دعمَ بوجودِهِ الشباب والشّابّات وفَرِحُوا عند تفاعله معهم، فقال لـ"ليبانون ديبايت": "إنّ أجمل ما تفعله "مارش" بقيادة ليا بارودي، أنّها تقصد المناطق المحرومة من الثقافة والنشاطات الفكريّة والفنيّة المدفونة، التي يغيبُ عنها الامتداد، وتأخذنا في جولةٍ سياحيّةٍ و"نحن جالسون مكاننا"، إلى هذه المناطق". مضيفاً: "أنا ابن الشمال والبترون، وشهادتي بعكّار مجروحة، لكن اليوم رأيت على المسرح، البيئة والنخوة العكّاريّة والطيبة والثورة والطموح العكّاري، رغم كلّ الانتقادات والمعاناة، وهذه النشاطات مهمّة جدّاً فهي تجمع اللّبنانييّن وتعرّفهم على بعضهم، كما أنّها جزءٌ من مشروع "مارش" لحلّ النِّزاعات، فعندما نتعرّف على بعضنا، نصبح قادرين أن ندخل في نقاشٍ معاً ونحبّ بعضنا البعض في المستقبل وهذا أيضاً هدف من أهداف الجمعيّة".

خباز الذي بنى نفسه بنفسه، وبدأ من الصفر وأقلّ حتّى، إلى أن أصبحَ ممثّلاً مخضرماً وكاتباً ومخرجاً نقلت أعماله أيضاً واقعاً لبنانيّاً مُعاشاً، قدّم للشباب نصيحةً بأن يسيروا خلف حلمهم، ويتحلّوا بالجرأة والشجاعة، والصبر والإيمان بالموهبة الحقيقيّة فما من شيء مستحيل.

وأشارت المُمثّلة ديان حمداش التي تملك موهبة التمثيل والتقليد والغناء وتتمتع بصوت جميل، وأبهرت الناس بأدائها، إلى أنّ "هذه التجربة هي الأولى بالنسبةِ إليها على صعيدِ الأداء على مسرحٍ كبير، وفرحت كثيراً لكيفية تفاعل الجمهور معهم، فلم تشعر وكأنّها تمثّل، بل قامت بأداءِ دورها بطريقةٍ عفويّةٍ وطبيعيّةٍ جسّدت خلاله حياة تعيشها وزملائها"، قائلةً "فرحت لقدومي إلى بيروت، فجمهور عكار يعلم معاناتنا، أمّا الجمهور البيروتي فتعرّف على قصصنا ومشاكلنا فضحك بدايةً وتأثّر مع تفاعل الأحداث، وهذا هو الهدف الأساس من الكوميديا السوداء".

أمّا المُمثّلة نادين العلي، التي فاجأت الجمهور بصوتها الجميل، والقوّي، والسّاحر، وادائها التمثيلي اللافت، فقالت: "شاركت في المسرحيّة، لإيصال صوت عكار، ونعرّف الناس على مواهبنا الدفينة في المنطقة والمجتمع الشرقيّ، الذي يقف حائلاً أمام عرض مواهب كثيرة، بالإضافة إلى مبدأ الوساطة والمحسوبيّة الذي يعيقُ أحلام الكثير من شباب لبنان والعكارييّن بشكلٍ خاصٍّ، فأنا على سبيل المثال، أملك صوتاً جميلاً وأحبّ الغناء وأتمنّى أن يصلَ صوتي إلى كلّ الناس". مشيرةً إلى أنّ "كلّ شاب في هذه المسرحيّة لديه حلم، وموهبة تسيرُ في عروقه ودمه، ولن يتخطّى أي منّا حلمه والأجمل رغم العوائق، أن أهلنا هم الداعم الأكبر لنا والمشجّع الأوّل في كلِّ ما نقوم به".
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
واشنطن تكشف دورها في "الضربة الإسرائيلية" على ايران 9 "الموس وصل عالرقبة"... على الحكومة التحرّك فورًا! 5 "رح نحمي بيوتنا" و"الله أكبر سوريا"... غضبٌ عارمٌ وثورة سورية قريباً في البترون! 1
كليب "يُرجح" ما قد تبلغه فرنسا لِميقاتي اليوم! 10 لتخفيف استعمال الدفع النقدي... بيان من مصرف لبنان 6 إنتشار عسكري "غربي" في لبنان وحشود إيرانية وروسية وصلت.. عماد رزق: بيروت ستقصف وحرب التحرير بدأت! 2
بقوة 5.6 درجة... زلزال "يهز" شمال تركيا! 11 بالفيديو: لحظة فرار منفّذي جريمة العزونية! 7 حادثة رئاسية فضحت "الثنائي الشيعي" 3
جديد جريمة قتل ياسر الكوكاش ... الجيش يوقف سوريَّين! 12 بعد أسبوع... لماذا كشفت إسرائيل إصابة مواقع حساسة بالهجوم الإيراني؟ 8 "عبوهن بالباصات وكبوهن بسوريا": سياسي يدعو الى التحرك سريعاً… ونسب مقلقة في السجون اللبنانية! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر