Beirut
16°
|
Homepage
الأحزاب المسيحية من الآن وهابطاً
روني الفا | المصدر: ليبانون ديبايت | الاربعاء 25 تشرين الأول 2017 - 17:11

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

لم يعد خافياً على أحد أن بعض الأحزاب المسيحية، خصوصاً تلك التي تتشكل من تحالفاتها في هذه الأيام العجاف جنّة الحكم وجحيم التحكم، أضحت مأزومة، ويصحّ تشبيهها بآنية الفضّة التي بات شحوبها من جراء الإفراط في فركها بمساحيق التلميع واضحاً لعَيان الرأي العام، لا شيء إلا لأنها اصطادت في مستنقع المحاصصة الآسن فحصدت مغانمَ دون أن تغنم صدقاً ومصداقيةً. (اللهم إلا في سيرك أرقام الإحصاءات مؤخراً والذي بات يشبه إرهاصات ميدان سباق الخيل ورهانات الفرس "جربوعة" ذائعة الصيت في سبعينيات القرن الماضي).

أحزابٌ تكاد تكون مبادؤها المرتجلة على وقع التغيرات في الأحوال والأموال (اذا ما قرأناها على نفس نرجيلة عجمية) أكثر إنفلاشاً من مبادئ الاتحاد السوفياتي السابق وأحلام لينين، واستراتجياتها أدوية ناجعة (أين منها فرمشية مستحضرات الدكتور زين المشهورة) ومستدامة لأكراد أربيل وأزيديي العراق وصولاً ربما إلى جزر أبو موسى المتنازع عليها بين إيران والإمارات أي من المحيط إلى الخليج).


أحزاب يسافر كوادرها على الدرجة الأولى في الطائرات النفاثة ليحتضنوا الدياسبورا بحنان وحنين في الزمن البيومتري الهجين ،كل هذا قبل أن يكتشف الرأي العام أن الأحزاب من "الطقطق للسلام عليكم" صارت خِياطة محلية ومفصّلة على قياس التنافس القروي أو المناطقي، حتى لنكاد نشهد على أحزاب على قياس محافظة أو قضاء أو مدينة أو قرية أو محلة أو زقاق.

الخطاب الذي أراده هؤلاء صالحاً لإسقاط أنظمة عربيّة أو لتأليه أخرى تحول بسرعة "شوماخارية" وللأسف الشديد الى خطاب تأليه للذات وإسقاط للذات الشبيهة، الذات التي تبعد أقل من قاب قوسين، تلك التي تسكن في القرية التالية أو البلدة المحاذية أو الجبل أو الأكمة القريبة.

أمام هذه الأحزاب فرصة لتغيير حقلها المعجمي في ظل سقوط الايديولوجيات الحزبية، القومية منها والعقائدية بالمعنى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والنفسي، فالناس في لبنان فقدوا القدرة على فك طلاسم لغة كيسنجر وهنري ليفي ودالوز وباتوا يتشوقون لمن ينير بيوتهم ويعبّد طرقاتهم ويشعل مدافئهم ويعلّم أولادهم ويغطي فواتيرهم الصحيّة.

بالطبع، الخطاب السيادي يجب أن يكون على قائمة الطعام السياسي ولكن بدون فلفل زائد حتى لا تُردّ الأطباق لمقدميها.

ليس المواطن اللبناني استثناءً عن زميله المتأنق في أوروبا؛ الفرنسي مثلاً أنجز ثورته في العام 1789 وانتظر أكثر من 150 سنة لقطف عنبها وتينها، أما اللبناني فتعيّشه أحزابه ثورات شبيهة ب1789 ولكن دون ضحايا من قامة وهامة لويس السادس عشر.

قليل من الضوء في نفق هذا الهراء رأيناه مع مبادرة حزب الكتائب الأخيرة التي صوّبت على قانون الضرائب وأصابته إصابة دستورية مباشرة وفِي نخاعه الشوكي، وقبل ذلك رشقات على البواخر المكهربة ورمايات على مكبات النفايات المسرطنة.

لا بدّ وسط العصر النابليوني الذي يجتاحنا دون فَرس ودون فرسان وبالتأكيد دون فروسية( في ما عدا فرسان مالطا) أن يتم إعادة تلقيح الأحزاب بقيم العائلات السياسية في لبنان، عائلات حلت محل الدولة في غيابها القسري وتحل اليوم محل بعض الأحزاب في غيابها الطوعي اليوم.

عودة بيوت السياسة إلى لبنان أستشرِفُها وستمرُّ حكماً عبر إفلاس تدريجي للخطاب المؤدلج (الأشبه بقُريدِس منتهي الصلاحية فيه خياشيم أكثر مما فيه غذاء) وبالأخص تلك التي تهوى استراتيجيات نطح الرأس بالاتفاق النووي الإيراني وبمستقبل النظام في سوريا وبالركمجة ( مخلوق لغوي عروبي من ٢١ كروموزوم ويعني "ركب موجة") على زبد التحالفات الإقليمية الجديدة فيما تظّهر في الداخل اللبناني أداءً أشبه بأداء نسور القمامة (ويعرفُ مفردها بال " قمّام" لأنه يقتات من قمامة الأجسام الميتة بعد أن تتآكلها الديدان) تنقر جيفة الدولة لتتأكد من موتها قبل أن تنهش لحمها ناهشةً معها مناقير النسور المنافسة.

سيستمع المواطن من الآن وهابطاً" الى الأحزاب الشمولية في لبنان تعده بالإنفاق الرشيد يوم الإثنين قبل أن يراها تأكل المنسف والمحاشي بأرز "بسمتي" مساء الثلاثاء، وسينصت اليها تعزف سمفونية الوطن وعند قراءة النوتا ستتحول الى طقطوقة "سنفرلو عالسنفريان" وسيتأمّل بخطاب وطني بنّاء ثم يُعطى سباب سياسي هدّام، وستزداد عصبيات هذه الأحزاب وستصيبها نوبة "حكاك" كلما دَنى موعد تغيير مجلس إدارة أو شغَر منصب مدير عام في الدولة، وستكون دهشة المواطن عظيمة عندما سيكتشف أن المبادئ الأساسية لهذه الأحزاب هي ملء الشواغر والتقاتل عليها وتكديس المال السياسي من الرعاة الإقليميين والتحضر لجولة اقتتال ممكنة عبر التسلّح وطبعاً كل ذلك على جيفة!

العائلات السياسية " راجعة" من منافيها، لم أقرأ هذه الجملة على الحيطان في الشوارع العامة بل أخبرني العندليب ... أخبرني العندليب!
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
في جونية... سوريّون يسرقون مخزناً للبزورات! 9 الحزن يخيم على عائلة الحريري! 5 بو صعب خارج "التيّار" رسميًا! 1
نائب يتعرض لوعكة صحية! 10 "الرجل الطيب الودود"... الحريري ينعى زوج عمته 6 الحقيقة بشأن جريمة باسكال سليمان 2
إشتباك أميركي - سعودي.. البخاري يعلق مشاركته في الخماسية؟ 11 "رح نحمي بيوتنا" و"الله أكبر سوريا"... غضبٌ عارمٌ وثورة سورية قريباً في البترون! 7 كلاب بوليسية وانتشار أمني... ماذا يجري في الضاحية؟ 3
إنتشار عسكري "غربي" في لبنان وحشود إيرانية وروسية وصلت.. عماد رزق: بيروت ستقصف وحرب التحرير بدأت! 12 "سوريا الثورة" تثير البلبلة في البترون! (صور) 8 إشكال وجرحى في بلدة لبنانية... ما علاقة "الزوجة الثانية"؟! (فيديو) 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر