"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:

أن تكتب عن أرمينيا، يعني أن تتطرّق الى تاريخ طويل من الظلم والاحتلال والمُعاناة والمجازر والابادة والتهجير وصولاً الى الاستقلال، وأن تتنقل في المتاحف والاثارات والمعارض بين العصور القديمة فالوسطى الى الحديثة، لتروي مراحل النضال والتمسّك بالارض والهويّة، واللّغة، التي يُكتب بفضلها اليوم حاضر جمهوريّة فرضت نفسها بقوّة على خارطة السياحة، والتجارة والاقتصاد والاستثمار، والثقافة والفنّ، والذي سيُمهدّ حتماً لاعداد مُستقبل مزدهر متطوّر يضع أرمينيا في الصفوف الاماميّة على مستوى القطاعات العالميّة كافةً.

اليوم، وفي ظلّ الازدهار السّياحي والاقتصاديّ والاستثماريّ الذي تعيشه أرمينيا، وتمهيداً لتوثيق وتوسيع مجالات التعاون بين لبنان وأرمينيا، ولا سيّما على الصعيدين السياحي والاقتصادي - الاستثماري، وبمناسبة الزيارة التي يقوم بها وزير الاقتصاد والاستثمار في جمهوريّة ارمينيا السيد سورين كارايان على رأس وفد من رجال الاعمال الى لبنان خلال شهر تشرين الأوّل، يُطلق اتحاد غرفة التجارة والصناعة والزراعة في لبنان يوم الجمعة الواقع فيه 27 تشرين الاوّل "مُلتقى الاعمال الأرمني - اللبنانيّ" برعاية وزير الدولة للتخطيط ميشال فرعون، وبحضور الوزير كارايان والوفد المُرافق، وذلك في مقرّ غرفة بيروت وجبل لبنان - الصنائع.

وفي مقابلة مع "ليبانون ديبايت"، أشارت رئيسة لجنة السياحة بوزارة التنمية الإقتصادية والإستثمارات في جمهوريّة أرمينيا زارمين زيتونستيان، الى أنّ "واردات السياحة في أرمينيا باتت تشكّل خطّ التصدير الثاني بعد قطاع المعادن، وأكثر من نصف الصادرات، وحوالي 13% من مجمل الاقتصاد، حيث يتزايد عدد السّياح سنويّاً، ووصل خلال تسعة أشهر في عام 2017 الى أكثر من 25%، ولا سيّما مع تطبيق سياسة التسويق والحملات الدعائيّة التي ساهمت في رفع النسب بشكل كبير، وهدفنا أن نضاعف هذا الرقم حتّى عام 2020".

ولفتت زيتونستيان الى أن "النموّ الاقتصاديّ والسّياحي، يعود الى التركيز دائماً على النوعيّة، وحسن الضيافة، وخلق بيئة نظيفة، ملائمة، ومناسبة لجذب الاستثمارات والمُستثمرين، من دون أن ننسى التمسّك بالتقاليد، والاصالة، والجوّ العائلي الدافئ، والارث الثقافي، والديني، والتاريخ القديم الغني أيضاً بأسماء كبار العظماء والمُفكّرين، والحرص في الوقت نفسه على مواكبة التطوّر ومراحل الحياة المُتقدّمة.. وبفضل هذا كلّه، باتت يريفان وغيرها من المناطق، غنيّة بالفنادق التي وصل عددها الى 440 فندق، وتمّ انشاء مطارَين دوليَين (Zvartnots - shirak)، مع تأمين رحلات جويّة مُتواصلة، ومنها مُباشرة، وتقديم تسهيلات سفر كثيرة لعدد من الدول العربية والخليجيّة، من خلال اعفائهم من التأشيرة وغيرها الكثير من المشاريع".

زيتونستيان، كشفت عن اتفاق تعاون في مجال السياحة والاستثمار والاقتصاد بين لبنان وأرمينيا، وتبادل الرحلات الجويّة، بهدف التعرّف أكثر على ثقافة كلّ من البلدين، سواء بالنسبة الى الارمن القادمين الى لبنان أو لناحية اللبنانيّين الذين يرغبون في زيارة ارمينيا، ولا سيّما من خلال تأمين طيران الشرق الاوسط والخطوط الجويّة الارمنيّة رحلات مباشرة بين البلدين، ما من شأنه أن يؤمّن الرّاحة أكثر للمُسافرين، بحيث لن تستغرق الرحلة أكثر من ساعتين، بالاضافة الى اعفاء المسافرين من التأشيرات، واعتماد اسعار تجذب السيّاح".

هذا وأكدت زيتونستيان، أنّ "السّياحة ليست الهدف الوحيد وراء هذه الخطوة، فهدفنا الاساسيّ بناء صداقات وعلاقات قويّة في مختلف القطاعات خصوصاً مع لبنان الذي استقبل عدد هائل من الارمن وأشركهم في الحياة الاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة والتعليميّة وحتّى السياسيّة، وكان اوّل بلد عربيّ يعترف رسميّاً بالإبادة الجماعيّة الأرمنيّة والمجازر المُرتكبة من قبل السلطات العثمانيّة، بالاضافة الى تمتّع البلدين بقواسم مشتركة كثيرة، ولا سيّما لناحية حسن الضيافة، والجوّ الدافئ، حيث تشعر وكأنك في المنزل".

زيتونستيان التي تزور لبنان للمرّة الاولى، فيما عاشت عائلتها في مصر قبل انتقالها بعد الاستقلال الى أرمينيا، توقّفت عند العلاقات الوثيقة التي تربطهم مع الأمة العربيّة، وعبّرت عن امتنانها لكلّ دولة استقبلت الارمن عام 1915 اثر الابادة والمجازر والتهجير، ما دفعها ايضاً الى تعلّم اللّغة العربيّة للتقرّب أكثر الى هذه الدول التي فتحت منازلها وأشعرت الارمن وكأنهم في وطنهم، وأشارت الى أنّ "المُلتقى سيركز على مجال الاعمال، والاستثمار والسياحة، والتبادل التجاري، وكيفيّة دخول ارمينيا السّوق العالميّ للاستثمار، ما فتح فرص عمل كثيرة، وكذلك على تاريخ ارمينيا الطويل ومرحلة ما بعد الاستقلال "، مؤكّدة انّ "وجود وزير سياحة "أرمنيّ الاصل" في الحكومة اللبنانيّة، يساعد كثيراً على التسويق لارمينيا، وحتّى للبنان، ولا سيّما من خلال تنظيم اجتماعات مع الوفد السياحي، واللاعبين الاساسييّن في مجال السياحة والاعمال والاستثمار".

وتطرّقت زيتونستيان الى حيازة أرمينيا الدرجة الثامنة لناحية "الامان"، تبعاً لاحصاء "How Safe Do You Feel"، والاستقرار الامني الذي تعيشه، مشيرةً الى ان عوامل جذب السّياح والمُستثمرين الى أرمينيا كثيرة، فهي ناشطة وحيويّة في فصول السنة كافة ولا سيّما في الصيف والشتاء، من خلال تنظيم نشاطات ترفيهيّة ورياضيّة وثقافيّة، وبناء مراكز تزلّج من اهم المراكز عالميّاً، كما تشتهر أرمينيا بغاباتها، وجبالها، ومتاحفها، ومعارضها والاديرة الدينيّة، وعاداتها وتقاليدها العائليّة، وتنوّعها الديني والطائفيّ، من دون ان ننسى المطبخ الارمني الشهيّ، والشوارع الحيويّة، والتطوّر في القطاع الصحي، والطبابة سواء على صعيد الصحة والتجميل والاسنان وما الى هنالك، والعلاجات الفيزيائيّة، وغيرها من العوامل التي تدفع السّائح لاختيار ارمينيا، والاستثمار فيها".