Beirut
16°
|
Homepage
مخلوقات فضائية خلف إزالة التعدّيات في حي السلم!
نهلا ناصر الدين | المصدر: ليبانون ديبايت | الجمعة 27 تشرين الأول 2017 - 0:00

"ليبانون ديبايت" - نهلا ناصر الدين:

يقف علي حائراً من أين يبدأ بلملمة بقايا محلّه الصغير ومصدر عيشه الوحيد، ينتشل الأدوات البلاستيكيّة يمسح عنها الغبار، يتبيّن له أنّ أطرافها مدمرة، فيعيد رميها، يتابع البحث، يكرّر عبارة "لا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم"، ثمّ يرفع يديه للسماء ويقول "الله لا يوفقن".

نتقدّم نحوه، ونسأله، "مين قصدك؟" فيجيب: "كلّ من دمّر مصدر رزقنا الوحيد ودعس على لقمة عيشنا، كلّ من سهّل وروّج لحملة التفقير هذه، وكلّ من لم يدافع عنّا".


في اليوم التالي لأحداث حي السلم التي شَهِدَتها الضاحية الجنوبية لبيروت فجر الأربعاء، عادت الحركة لطبيعتها في شوارع بقعة البؤس (حيّ السلم) وحدها آثار حرق الدواليب، وحطام المحلّات المُخالفة على أطراف الطرقات تشهد على ما حصل في ذلك اليوم.

وعلى هذه الأنقاض، أعاد باقي التجّار فتح أبواب رزقهم، وكانت إزالة المخالفات حديث الساعة، وإلى جانب أحدهم صورة قديمة للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، لم يطالها غضب الفقراء.

لطالما ارتبط اسم حي السلم بحكايات البؤس والحرمان، ولطالما جُبِلَ سكّانه، الذين يبلغ عددهم 200 ألف نسمة، معظمهم من الطائفة الشيعيّة، بالولاء لحزب الله، وتقديس أمينه العام. ولكن ما إنْ سقطت أرزاق هؤلاء أرضاً، حتّى سقطت معها المقدّسات، وراحت قنابل الغضب تتفجّر في شوارعٍ لم تَسمَع حتى جدرانها من قبل كلاماً من هذا النوع.

لم يتقبّل أبناء حي السلم قرار تدمير مصادر رزقهم من دون تأمين البديل، وهم الذين قدّموا دماءهم وأرواحهم، فداءً للمقاومة، وهم الذين عاثت الحروب في بيوتهم دَماراً لامس الأرض، ولا يكاد يخلو منزل من منازل سكّان هذا الحي من شهيدٍ، أو جريحٍ، أو مقاتل.

فهل فعلاً رفع حزب الله الغطاء السياسيّ عن هؤلاء المُخالفين وهم يُعتبرُون جزءاً لا يتجزأ من قاعدته الشعبيّة؟
يُؤكّد أحد المُخالفين لـ"ليبانون ديبايت" أنَّ القِوى الأمنيّة ما كانت لتتجرّأ على إزالة المُخالفات بهذه الوحشيّة لو لم تكن حصلت على الضوء الأخضر من حزب الله". ويعلّق آخر على الموضوع بقوله: "حزب الله تخلّى عنا وسمح لبلديّة الشويفات أن تُدمّر أرزاقنا بعدما استغلّنا كوقودٍ بشريّةٍ لحربه مع الدروز في 7 أيار الـ2007".
في المقابل، تُؤكّد مصادر حزب الله أنّها ما كانت تُؤمّن غطاءً للمخالفينَ من قبل لترفعه اليوم.

لكن من هي الجهةُ المسؤولةُ عن تدمير أرزاق الفقراء في حي السلم؟ يبدو بعد اتّصالاتٍ عدّة أجراها "ليبانون ديبايت" أنّ تقاذف المسؤوليات بين المعنيّين كان وما يزال حتّى تاريخ كتابة هذه السطور سيّد الموقف.

فبينما يرمي اتّحاد بلديات الضاحية المسؤولية على بلدية الشويفات، على اعتبار أنّ حي السلم يقع في النطاق البلديّ لمدينة الشويفات، ترمي الأخيرة المسؤولية على القِوى الأمنيّة، وبدورها القِوى الأمنية ترمي الكرة بملعب مشروع "ضاحيتي" وهو "مشروعٌ تنمويٌّ تجميليّ للضاحية الجنوبية لبيروت".

يعرض "ليبانون ديبايت" نتائج ردود المسؤولين المعنيّين على الرأي العام اللبناني، الذي له في النهاية أنْ يحكم، إذ تُؤكّد مصادر "ضاحيتي" أنّ مشروعها لا يشمل حي السلم، بل يقتصر على "برج البراجنة، وحارة حريك الغبيري، والمريجة، وتحويطة الغدير، والليلكي".

أمّا اتّحاد بلديات الضاحية الجنوبية، يوضّح بدوره، أنّ حي السلم لا يقع ضمن نطاق بلديات الضاحية، وأنّ لا علاقة لها من قريب أو بعيد بما حصل في حي السلم.

في حين تُشير مصادر الشويفات إلى أنّ لا علاقة لها بما حصل في حي السلم، ولم يكن لها أيّ وجودٍ أثناء إزالة المخالفات، وأنّ ما يحصل ما هو إلّا تنفيذ لقرار الدولة بإزالة المُخالفات والتعديات على الأملاك العامّة عبر القِوى الأمنيّة، وليس عبر شرطة البلدية.

وكان صادماً الازدواجية في آراء بعض المصادر الأمنيّة، فبينما يُؤكّد مصدرٌ أمنيّ على أنَّ إزالة المُخالفات كانت تنفيذاً لمشروع "ضاحيتي"، يُؤكّد مصدر آخر على أنّها جاءت بقرارٍ من محافظ جبل لبنان منصور ضو. وعبثاً حاولنا الاتّصال بالمحافظ لنستوضحَ منه ما إنْ كانت الحملة ستستكمل نشاطها بإزالة المخالفات بعد الغضب العارم الذي شهده حي السلم أم لا.

إذاً، ما زالت الضبابيّة تسيطر على مشهد إزالة المخالفات في حي السلم، ولكن الأكيد أنّ نظرية المقدّسات قد سقطت لصالح لقمة العيش.

وإن صحّ أنَّ هناك قراراً بإزالة هذه المخالفات، نتوجّه لصاحب القرار بالسؤال: هل سمعت بمطمر الكوستابرافا الذي تعتدي فيه الدولة على الأملاك البحريّة العامة، وهو لا يبعد إلّا أمتاراً قليلةً عن حي السلم ويقع أيضاً ضمن نطاق بلدية الشويفات؟ هل سمعت بالاعتداءات على سكّة الحديد من قبل سياسيّين نافذين من الناعمة وحتّى صحرة الشويفات؟ وهل نظرت يوماً إلى المباني الشاهقة التي بناها كِبار تجّار البناء في عقاراتٍ مُخالِفة ويحاول بعضهم الحصول على إفادات من البلديّة تقرّ خلافاً للواقع بأنّهم مالكون لها منذ الـ1971 ليحصلوا مقابل ذلك على تعويضات...؟

وتطول سلسلة المُخالفات الكبيرة في هذه المنطقة، مخالفات كان الأَولى بدولتنا الكريمة أن تبدأ بها بدلاً من سرقة لقمة عيش الفقير من فمه، من دون تأمين البديل. ولكن يبقى السؤال بعد أنّ سحب الجميع أيديهم من ذنب إزالة المخالفات، هل تسلّلت مخلوقاتٌ فضائيّةٌ إلى حي السلم فجر الأربعاء وفعلت ما فعلته بأرزاق الفقراء...؟!
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
الإثنين يوم مفصلي... هل يحمل البشرى؟! 9 أرسل صوراً لـ"القبة الحديدية"... هكذا خدعت طهران جندي إسرائيلي! 5 طائرة تهبط في مطار بيروت وعليها عبارة "تل أبيب"! 1
نائب يودّع العزوبية بعد أسابيع! 10 عملية للحزب في عمق اسرائيل... صقور متفجرة تدك القاعدة العسكرية الأكبر! 6 صوت قوي "يوقظ" سكان الجديدة... ماذا حصل عند "ABDO"؟! (فيديو) 2
"بهدف التستر"... الأقمار الصناعية تظهر ما قامت به إيران! 11 رواتب القطاع العام في خطر هذا الشهر! 7 الرواية الحقيقية لـ "إنفجار دورس"! 3
"إنجاز هائل" لحزب الله... إعلام إسرائيلي يكشف! 12 مرة جديدة... الجيش الإسرائيلي يستهدف بعلبك! (فيديو) 8 "الإتفاق حصل"... بو صعب سيبلغ بري بهذا الأمر! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر