"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:

في شباط من العام 2016، أعلن اللواء أشرف ريفي استقالته من الحكومة، والتمرّد على "تيّار المستقبل"، والتغريد خارج سرب البيت الأزرق، مؤكّداً في الوقت نفسه أنّه "باقٍ على عهد شهيد لبنان الرئيس رفيق الحريري، وشهداء ثورة الأرز، وفي مواجهة الدويلة، والاستمرار في معركة إنقاذ لبنان". ومنذ ذاك التاريخ، وحتّى اليوم، واللواء يسعى جاهداً الى ارتداء عباءة الزعامة السنيّة والطرابلسيّة، حاملاً بيده شعلة 14 آذار، ومُتّخذاً من عاصمة الشمال خطّ الدفاع الاساسيّ، ومن الانتخابات النيابيّة معركة "العيش المشترك، والحريّة والسيادة والاستقلال".

هذه الشّعلة، أضاءت طريق ريفي، في "ثورة الألف ميل" التي بدأها بخطوات سريعة وناجحة ولا سيّما في الاستحقاق البلدي الطرابلسيّ، ليُتابع مشواره بالتمدّد في مختلف المناطق اللبنانيّة، وافتتاح مكاتب سياسيّة - انتخابيّة في قرى وبلدات والتي في غالبيّتها تعدّ محسوبة على "تيّار المستقبل"، وزيارة شخصيّات سياسيّة وازنة لتكبير خطّه المُعارض، والنزول الى الشّارع للتحدّث بلغة الناس وأوجاعهم، ومُعرّجاً بين فترة وأخرى على دول عربيّة - خليجيّة لتحصين صفوفه وتقويتها.. ليتمكّن بعد جهد جهيد من فرض نفسه بقوّة على السّاحة اللبنانيّة والشماليّة والسياسيّة، بحيث بات يشكّل تهديداً جدّياً لـ"تيّار المستقبل" ورئيس الحكومة سعد الحريري، والرقم الاصعب في طرابلس، الى أن ضلّ طريقه بعدما خفت الضوء تدريجيّاً وانطفأت الشّعلة التي كان يحملها بيده.

بهذه الوقائع، سردت أوساط شماليّة، وضع ريفي الذي بدأ يضعف شيئاً فشيء، خصوصاً بعدما كرجت سبحة الاستقالات من صفوفه وفريقه السياسيّ والأمنيّ، كاشفةً عن أنّ "العاصفة "الريفيّة" بدأت تميل الى الانحسار التدريجيّ، وصولاً الى الانسحاب التكتيكيّ على الرغم من محاولات ريفي المُستمرّة، بتأكيد تواجده ولاسيّما خارج العاصمة الثانية، عبر اطلالات تارةً من بيروت وأخرى من البقاع فعكّار والضنيّة، التي تعدّ كلّ واحدة منها بيئة حاضنة لـ"المستقبل" وستبقى وفيّة للرئيس الحريري".

وعدّدت الأوساط الاسباب والعوامل والوقائع التي تثبت تراجع ريفي الكبير، حيث أنّه "ومنذ قرابة الأربعة أشهر، خرجت بعض المجموعات من تحت سيطرة مكتب اللواء ريفي، فكانت البداية مع انهيار مكتب الشباب المعروف بـ"ناشطون"، ليخرُج لاحقاً مستشاره الشخصيّ عمر صلاح الشّامي، فينسحب بعدها أحد أهمّ المفاتيح الانتخابيّة الا وهو المختار عبداللّه البقا". مضيفةً:"كما أنّ وعود اللّواء ريفي باءت بالفشل بعدما فاز في الانتخابات البلديّة، منذ أكثر من سنة، بحيث لم يتغيّر شيئاً في الواقع الطرابلسي، لا بل إنّ الامور الى مزيد من التدهور، وهو ما أثار استياء النّاخبين الذين دعموا اللواء في الفترة السّابقة".

وتابعت الأوساط، بالاشارة الى أنّ "من اسباب انحسار العاصفة الريفيّة، هي قول اللواء ريفي "الشيء" وفعل "نقيضه"، فهو الذي ثار على "المستقبل" وتمسّك بالثوابت، في الوقت الذي يسعى الى التقرّب من مجموعات محسوبة على قوى الثامن من آذار، وفي طليعتهم الوزير السّابق فيصل كرامي، ورئيس الحكومة السّابق نجيب ميقاتي، في محاولة منه لمُحاصرة "تيّار المستقبل" في طرابلس، بيد أنّ نشاط الامين العام لتيّار المستقبل أحمد الحريري، وجولاته المتواصلة فاجأت ريفي بعدما اعادت بشكل كبير المُستقبليّين الى السّاحة الشماليّة".

وكشفت الأوساط نفسها، عن "عمليّة واسعة يُحضّر لها، ستُعرف بـ"الانسحاب الكبير"، بحيث سيشلح البعض عنه عباءة ريفي، فيما سيُغادر الفريق القديم لمكتب اللّواء، قبل منتصف تشرين الثّاني، بعدما تمّ استقدام فريق جديد إثر الشّكوك بالأوّل، من أنّه قد يكون السّبب وراء تسريب الشريط من داخل بيت اللّواء ريفي خلال استقباله السفيرين الاماراتي والسّعودي".