"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:

بعد سنة من الاستقرار السياسي النسبي الذي انعكس ايجاباً على الخطاب المحلي الداخلي، وقلّص من الاحتقان والتوتر الشعبي، وأعاد للبنانيين الأمل بمستقبل أفضل، بعد "مصالحات" و"مصافحات" أغلقت صفحة الماضي وفتحت كتاباً جديداً يؤسّس لدولة المؤسّسات والقانون والحريّات، ها هي المواضيع الخلافيّة الحادّة التي اتفقت القوى السياسية على وضعها جانباً، لما في ذلك من مصلحة للبلد، تعود وبقوّة لتخلي الساحة من الوفاق، وتملؤها بالألغام التي قد تنفجر في أيّة لحظة.

وفي جردة سريعة على عناوين الصحف، وتفاصيل المقالات، نجد أنّها تحتوي على مواد دسمة، ترتكز بشكل أساسي على "الهجوم - الدفاع - والردّ". فهناك الحرب الكلاميّة الدائرة بين وزير الداخلية نهاد المشنوق، ووزير الخارجية جبران باسيل الذي بدوره يحاول التصدّي للكثير من الاتهامات التي تُرمى عليه.

كذلك هناك العلاقة المتوتّرة بين "التيّار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" التي شارفت على نهايتها، بحسب المؤشّرات والتطورات، والتي قد تمهّد لصلحة تاريخيّة جديدة بين "المردة" و"القوّات". بالاضافة الى الكلام الذي بدأ ينتشر عن نيّة وزراء "القوّات" الاستقالة من الحكومة، وارتفاع اصوات المعارضة الكتائبيّة باستقالة مجلس الوزراء ككلّ، الى جانب مواقف وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي، ثامر السبهان الحادّة تجاه حزب الله، والزيارة التي قام بها رئيس الحكومة سعد الحريري الى المملكة، وغيرها الكثير من الاحداث التي اعادت وجهة طريق لبنان نحو المجهول.

في هذا السياق، حذّرت مصادر خاصّة من تدهور الاوضاع في لبنان على الاصعد كافةً، إذ إنّ الخطاب السياسي عاد ليرتفع بشكل ينذر بالأخطر والاسوأ، والتشنّج عاد بدوره الى السّاحة الشعبيّة، وحتى الطلابيّة، وهذا ما رأيناه على صعيد الانتخابات التي كانت قائمة في الجامعات، والتوتّر بين الطلّاب كان واضحاً ووصل في بعض الاماكن الى حدّ الاشكال والعراك والفوضى، علماً أنّ التحالفات السياسيّة اختلفت عن تلك "الجامعيّة" في مزيج يصعب تفسيره، يصل الى حدّ الانفصام في المبادئ والثوابت لناحية الحلفاء والاضداد.

ودعت المصادر "رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس مجلس النوّاب نبيه برّي الى التحرّك سريعاً لضبط الوضع، من خلال احياء طاولة حوار لا تستثني أحداً، ويتقدّمها المعارضون والمستقلّون قبل الموالين، بغية جمع كلّ الافرقاء معاً في مكان واحد، وطرح البدائل الانسب لمصلحة البلد، وحلّ الامور العالقة، خصوصاً أنّ الامور بدأت تذهب باتجاه تطيير الانتخابات النيابيّة، وربما اسقاط الحكومة".

واعتبرت أنّ "الاخصام الذين جلسوا سويّاً واتفقوا على طيّ صفحات الماضي، ووقّعوا على تسويات في ما بينهم، يمكنهم فعل الامر نفسه انما على صعيد كلّ الافرقاء السياسيّين، لأنه بمجرّد أن يسقط لبنان، سيسقط معه الجميع من دون استثناء".

وعوّلت المصادر على "قدرة الرئيس عون في اعلان حال طوارئ سياسيّة، وعقد طاولة حوار على مستوى الوطن، لانقاذ لبنان، خصوصاً أنّه يسجّل له الجهد الكبير الذي يبذله لانتشال البلد من أزماته وتعبيد الطريق نحو الاصلاحات الحقيقيّة والجديّة".

بدورها، اكّدت مصادر في "تيّار المستقبل"، أنّ "الرئيس الحريري يدرك تماماً دقّة الوضع والحساسيّة الموجودة، وهو الذي قدّم الكثير من التنازلات لمصلحة هذا البلد، ومستعدّ للقيام بأيّ شيء لمنع تدهور الاوضاع، لكنّه يرى أنّ استقالة الحكومة ليست الحلّ بل على العكس من شأنّها أن "تحلّ" لبنان بالمعنى السلبيّ للكلمة. فالوضع لا يحتمل مثل هذه الخطوة، لذا فإنّه باق والحكومة باقية بدورها، وسيبذل كلّ ما بوسعه لتجنيب لبنان اية انتكاسة وضربة قد تقضي عليه".

وطمأنت المصادر المستقبلية أن "لا نوايا سيئة عند المملكة العربيّة السعوديّة تجاه لبنان، ولا تسعى الى ضرب الاستقرار اللبناني، بل العكس، فهي يهمّها كثيراً عدم تدهور الاوضاع في الداخل اللبنانيّ لأنّ هذا الامر سيخدم المشروع الايراني، وهي حتماً لا تريد اعطاء هذه الفرصة الذهبية للايرانيين".