"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:

بعد "القُنبلة" الحريريّة التي سُمع دويّ انفجارها من المملكة العربيّة السعوديّة، وأحدثت فجوةً في الأراضي اللبنانيّة لتُلحِقَ أضراراً معنويّة و"ماديّة" تطاول مُختلف القطاعات التي ما تزال قيد البناء والإنشاء مع بداية العهد الجديد، يبقى الملفّ الأهمّ الذي يُقلق اللبنانيون بعدما "تبنّجوا" سياسيّاً وأمنيّاً، هو الموضوع الاقتصاديّ والماليّ الذي يضع لقمة عيش المُواطن على المحكّ.

يوم السّبت 4 تشرين الثّاني 2017، وبعدما أعلن الرئيس سعد الدين الحريري، من الرياض استقالته "الصّادمة" من الحكومة، حتّى أصيب البلد بانهيارٍ شعبيٍّ معنويّ بعدما بات اللبنانيّون على يقينٍ بأنّ لبنان كان وسيبقى "حلماً" لن يتحقّق، ولكن ماذا عن الانهيار الماليّ والاقتصاديّ والتجاريّ وغيرها من القطاعات التي تُعتبر الخلاص الوحيد للبنانيّين بعد الفشل السياسيّ المتواصل؟

الخبير المَصرفيّ والاقتصاديّ الدكتور غازي وزني، أكّد في اتّصالٍ مع "ليبانون ديبايت"، أنّ "استقالة الرئيس الحريري، ستَفتح الباب أمام مواجهاتٍ ومخاطر كثيرةٍ في المرحلة المُقبلة، وستؤثّر سلباً على ملفّاتٍ كثيرةٍ كانت قيد النقاش وفي طور التنفيذ أو الدرس، ولا شكّ أنّها أحدثت قلقاً على المستوى المالي والاقتصادي عند المُستثمرين والمُستهلكين، الأمر الذي سينعكسُ بدوره سلباً على القطاع السياحيّ، والعقاري والتجاري، نظراً للخوف القائم ودقّة الوضع".

ولفت وزني إلى أنّ "صندوق النقد سيشهد انخفاضاً ونموّاً ضعيفاً في هذه الفترة، ولكن استقرار صرف اللّيرة ما يزال قائماً، خصوصاً أنّ حوالي 96% من ودائع الدولة هي بالدولار الأميركي"، ونصح وزني في معرض ردّه عن وجود مخاوف لدى النّاس على أموالها المودعة في المصارف بالليرة اللبنانيّة، أنّ "الدولار يبقى أفضل ولكنّ الضغوط على اللّيرة خفيفة، فالاستقرار قائم، ولم نشهد أيّ خروج للودائع حتّى اللّحظة"، مُعتبراً أنّ "استقرار اللّيرة يعود إلى تجارب لبنان السّابقة والأحداث الماضية من اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وحرب تمّوز، والفراغ الحكومي وغيرها الكثير من الأزمات، فيما بَقيت اللّيرة مُصانة، لأنّ احتياطات مصرف لبنان هي بالعملات الاجنبيّة، بالإضافة إلى السيول المُرتفِعة، ونتيجة التنسيق القويّ بين القطاع المصرفي ومصرف لبنان، وغيرها من العوامل التي حصّنت هذا القطاع كثيراً".

وأشار وزني إلى أنّ "ملفّات كثيرة ستتجمّد الآن، مثل موازنة 2018، الكهرباء، النفايات، والاتّصالات، والنفط والخطط الاقتصاديّة التي كانت مطروحة، وغيرها من المواضيع، والإنجازات الحكوميّة، بانتظار أن تتوضّح الصّورة في الأيّام المُقبلة". وأكّد أنَّ "التداعيات لم تظهر بعد على الصعيدين النقديّ والماليّ، على اعتبار أنّ الاستقالة تمّت في عطلة نهاية الأسبوع، في الوقت الذي تُقفل فيه الأسواق الماليّة، ولكن سنشهد ضغوطاً في الفترة المقبلة، فالحريري كان عنوان الثقة للاقتصاد والاستثمار، الأمر الذي سيؤثّر بشكلٍ ظرفيٍّ على سوق القَطع، وبورصة بيروت وسيؤدّي إلى تراجُعها بشكلٍ خاصّ وسوليدير".

ولفت الخبير الاقتصادي إلى أنّ "صدمة الاستقالة سينخفض منسوبها مع مرور الوقت، بعكس الغموض الذي سيَتصاعد في المرحلة المقبلة لأنّنا دخلنا في مواجهةٍ إقليميّة أكثر منها داخليّة".