Beirut
16°
|
Homepage
بعد الاغتيال.. كيف تمّت اعادة احياء "الحريري"؟
عبدالله قمح | المصدر: ليبانون ديبايت | الاربعاء 08 تشرين الثاني 2017 - 0:00

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

من أخرجَ الرئيس سعد الحريري على الشاشة من خلال شريط فيديو تسرّبت معلوماتٌ بأنّه مُسجّل مُسبقاً ويُظهِره كالأسرى لدى تنظيم "داعش"، لم يكن يريد له الخير أبداً، بل أرادَ أن يَخلِقَ صورة نمطيّة سيّئة ويُخزّنها في عقل المتابع، تصوّر رئيس الوزراء اللبنانيّ كرهينةٍ وكشخصٍ ضعيفٍ مغلوبٍ على أمره، مُسقطاً بذلك ما تبقّى له من ماء وجه أمام جمهوره!

ثمّة من رأى أنَّ هذه الصورة تُخفِي بين ألوانها نوعاً من أنواع التهديد الموجّه صوب كلِّ من يتجرّأ على معاكسة السياسة السعودية في لبنان، لكن هناك من رأى أنَّ فيها أيضاً هدفاً يُحقّق غايةً تخدم الحريري نفسه على الرغم من كلّ القساوة التي تظهر فيها.. أي أنَّ الصورة كانت متعدّدة الأهداف والرسائل!


بمعزلٍ عن الإخراج وشكله، ثمّة واقعٌ طرأ وفرض وأملى استخراج تلك الصورة والذهاب بالمواجهة إلى حدود الخطر ثمَّ العودة بها الى الواقعيّة، وأوجب ترجمةً صاخبةً للاحتقان السعودي من إدارة الحكم في لبنان، وردِّ فعلٍ على إدارة الظهر لمصالحها السياسيّة ما وضعها أمام أمرٍ من اثنين:

- إمّا أن تُعيدَ ترتيب أمورها لبنانيّاً عبر إنتاج انفجارٍ أمنيّ
- وإمّا أنْ تُعيدَ ترتيب أمورها بإحداث انفجارٍ سياسيّ

في الشقِّ الأول، عُهد في لبنان أو توجب إعادة الترتيب عودةً إلى خيار الاغتيالات السياسيّة وسفك الدم و"خضّ" البلد أمنيّاً، وهو أمرٌ بحاجةٍ إلى بلورة ظروفٍ مناسِبة ومعيّنة وأن يكونَ أيّ عملٍ من هذا النوع محصّناً بغطاءٍ خاصٍّ يستمدّ قوّته من الجوّ الإقليمي والدولي، لأنّ من يوفّر مثل هذا الغطاء عادةً هو جهةٌ إقليميّةٌ أو دوليّة، لكن المُفارقة اليوم أنَّ أصحاب الغطاء يضعونَ مِظلّةً فوق لبنان ويرفضون أي عبثٍ بأمنه، فسقطت هذه النظرية من بال المُعدّين للانقلاب السعوديّ في بيروت.

بَقِيَ الشقّ الثاني، أي إحداث انفجارٍ سياسيٍّ مهوّل، قد يُحقّق النتيجة والغاية المرجوّتين من الانفجار الأمنيّ وبأقلّ أضرارٍ مُمكنة، لذا ركن أصحاب النظرية أعلاه إلى هذا الخيار عبر إظهار الحريري بفيديو يُحدِث دويّاً هائلاً تبلغ تداعياته وأهمّيته والظروف المحيطة به، نتائج تشبه تلك التي جرى تحصيلها وتحقيقها من اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005! لكن ما الذي أوجب هذا الانقلاب؟

القراءة السياسيّة تذهب بعيداً في الأسباب التي يظهر من سياق تحليلها أنّها أسبابٌ متراكمةٌ أوجبت إحداث الانفجار الحاليّ، لكن المفارقة بحسب ذات القراءة إنّها "حمّالة أوجه" ولا تنحصر في الشكل المُعلَن عنه، بل لها أكثر من بعد أسسه لبنانيّة داخليّة محض.

وقبل الدخول في التفسير، وجب لفت النظر إلى أنّ السعودية لا تقبل بحصول انتخاباتٍ نيابيةٍ في لبنان ما لم تكن مُتأكّدة بأنّ فريقها السياسيّ سينال 60 نائباً وما فوق.

أوّلاً، أتت "حركة الحريري" في ظرفٍ خطير لمسَ خلاله من استطلاعات الرأي أنّ شعبية زعيم تيّار المستقبل بلغت أدنى مستوياتها، وفاقاً لتقارير وصلت إلى دوائر القرار في الرياض، ولم يكن التعقيب عليها مريحاً، إذ رسم صورةً قاتمةً هي أنه وفي حال اختيار الذهاب إلى انتخاباتٍ نيابيّة على أساس القانون النسبيّ النافذ، سيتعرّض الحريري لمجزرةٍ سياسيّةٍ وتآكل كتلته النيابيّة لصالح خصومٍ طارئين أو سياسيّين تاريخيّين، وإنَّ الخسارة تعود أوّلاً بالضررِ البالغ على السعودية التي تمثّل الحاضنة والمظلّة لرئيس الوزراء المستقيل.

ثانياً، وجب إنقاذ الحريري من بركة الرمال، عبر إعادة الصورة الشعبيّة إليه، وإخراجه من بُركة الوحل المتمثّلة بـ"تسوية نادر - جبران" التي غَرِقَ فيها إلى حدودٍ لامست الرأس.

وبحسب القراءة، كان السبيل الوحيد إلى ذلك هو إحداث صدمةٍ سياسيّةٍ قاسيةٍ لكنّها إيجابيّة تضع الرئيس الحريري في مكانٍ يتداعى نحوه المتضامنون، ثمَّ لفّها بإطارٍ تفاعليٍّ - شعبيّ، تنظر إليه بأنّه مظلوم، ظُلم من السياسات السعودية ثمّ سياسات مع إجراء التسوية معهم، ومع تبلور تلك الحالة، يجري استنهاض الروح التي تتكفّل بإعادة شدِّ العصب ثمّ استنهاضه هو ضمن إطارٍ وشكلٍ جديدين يذهبُ بهما إلى الانتخابات النيابيّة متحرِّراً من الصفقات والتسويات السابقة، وفي هذا الأمر استعادةٌ لما خسره طوال أشهر.

هذا السيناريو أثبت نجاحاً محدوداً إذا ما أخذنا عيّنة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تجمّع المؤيّدون والمعارضون للرئيس الحريري عند ذات النقطة رافعين شعارات التضامن وإنْ اختلفت في الشكل، بينما وجد الشارد عن خطّ "التيّار الأزرق" نفسه فجأةً في الخانة نفسها مع الرئيس الحريري مُتخلّياً عن كلّ المواقف التي ساقها له في السابق، ما يُثبت أنَّ الخطّة نجحت رغم الضربة التي وُجّهت للحريري!

وفي الخُلاصة، تَعتبر قراءة سياسيّين أنَّ هذه الضربة كانت بمثابة "أفضل السيء نظراً للأقل سوأً الذي كان موجوداً"، فصحيحٌ أنّها أثّرت على ميزان الرئيس سعد الحريري وربّما صوّرته، لكنّها بلورة في مكان ما تعاطفاً معه قد يُعيده إلى الحضن ويُعيد الحضن إليه، ولعلّ أبرز ما حقّقته هي تغيير الصورة التي قد تنفع في الانتخابات التي يبدو مبدئياً أنّها طارت أقلّه عام إضافيّ، بحسب رأي أكثر من متابع!
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
في جونية... سوريّون يسرقون مخزناً للبزورات! 9 الحزن يخيم على عائلة الحريري! 5 بو صعب خارج "التيّار" رسميًا! 1
نائب يتعرض لوعكة صحية! 10 "رح نحمي بيوتنا" و"الله أكبر سوريا"... غضبٌ عارمٌ وثورة سورية قريباً في البترون! 6 الحقيقة بشأن جريمة باسكال سليمان 2
إنتشار عسكري "غربي" في لبنان وحشود إيرانية وروسية وصلت.. عماد رزق: بيروت ستقصف وحرب التحرير بدأت! 11 "الرجل الطيب الودود"... الحريري ينعى زوج عمته 7 كلاب بوليسية وانتشار أمني... ماذا يجري في الضاحية؟ 3
إشتباك أميركي - سعودي.. البخاري يعلق مشاركته في الخماسية؟ 12 "سوريا الثورة" تثير البلبلة في البترون! (صور) 8 إشكال وجرحى في بلدة لبنانية... ما علاقة "الزوجة الثانية"؟! (فيديو) 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر