"ليبانون ديبايت" ــ ريتا الجمّال

يبدأ البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، اليوم الاثنين، جولته السعوديّة في إطار الزيارة التي تستغرق يوماً واحداً فقط، والتي على جدول برنامجها ملفّات أيّام وسنين ماضية من هموم الوطن والمواطن اللبنانيّ والعربيّ، حملها معه الراعي، وهو أوّل بطريرك ماروني يزور المملكة العربيّة السعوديّة، من لبنان الرسالة ونموذج العيش المشترك.

المستشار الإعلاميّ للبطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الاستاذ وليد غيّاض، وصفَ في اتصال مع "ليبانون ديبايت"، "الزيارة التي يقوم بها البطريرك الراعي الى السعوديّة، بالتاريخيّة، كونها الأولى من نوعها لبطريركٍ ماروني إلى المملكة، وهي أيضاً مُهمّة جدّاً من حيث الشّكل والمضمون، كونها تأتي بعد دعوة رسميّة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وهذه بحدّ ذاتها خطوة عظيمة. كما تكمن أهميتها من حيث المضمون، على اعتبار انّ السعوديّة تنظر اليها بأنّها تأتي من رجل سلام يحمل رسالة الشركة والمحبّة، والتواصل بين جميع الاديان والتي رفعها الراعي في كلّ جولاته سواء الداخليّة أو الخارجيّة، والتي يطالب فيها دائماً بالتمييز بين الارهاب والاسلام، وجعل لبنان مركز الحوار والثقافات، هذا البلد الذي وصفه قداسة البابا يوحنا بولس الثاني بـ"وطن الرسالة والنموذج للشرق والغرب".

وأكّد غيّاض أنّ "العلاقة بين المملكة العربيّة السعوديّة والبطريركيّة المارونيّة قديمة، فلا ننسى عام 1953، يوم زار الملك سعود بكركي في عهد البطريرك انطوان عريضة وتناول اللّقاء رسائل متبادلة وغنيّة بالمبادئ والقيم. وها هو البطريرك الراعي يتابع اليوم ما بدأته البطريركيّة، من خلال هذه الزيارة التاريخيّة".

وأشار، حول توقيت هذه الزيارة، الى أنّ "الراعي ومنذ انتخابه والكلام دائماً ما يدور حول الاعداد لهذه الخطوة، حتّى أنّه تلقّى عام 2013 دعوة سعوديّة رسميّة لزيارة المملكة، بيد أنّ دواعي سفر البطريرك الراعي الى روما، بسبب استقالة البابا بنديكتوس السادس عشر، وانتخاب البابا فرنسيس حال دون تلبية الدعوة، بالإضافة الى الفراغ الرئاسي وغيرها من التطوّرات والاحداث التي صعّبت الموضوع".

انطلاقاً من هذه الوقائع كلّها، شدّد غيّاض على أنّه "منذ حوالي السنة والنصف، أُعيد الحديث عن الزيارة، ووضعت الامور على السّكة لإتمامها بشكل جدّي، الى أن تلقّى البطريرك الراعي الدعوة الرسميّة التي لم تكُن طارئة أو في سياق اللقاءات والزيارات السياسيّة التي تحصل اليوم إبّان استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري".

وفي هذا الإطار، نفى غيّاض أن يكون البطريرك الراعي قد طلب أيّ إذن للذهاب الى السعوديّة بل على العكس، فهو يلبّي اليوم دعوة رسميّة كما يفعل مع كلّ الدعوات من هذا النوع من دون استثناء، خصوصاً أنّها تساهم أيضاً في تقريب وجهات النظر والتخفيف من التشنّج الطائفيّ والخطاب المشحون، وفتح صفحة جديدة بين الاديان في المنطقة، لتعريف الطوائف على بعضها بالشكل الصحيح، ونقل الصورة الحقيقيّة عن الاسلام والمسيحيّة، ولعب دور ايجابي في التواصل والتقارب وهذا أمر مطلوب وضروري.

وأوضح أنّ "البطريرك لم يطلب اذناً للقاء الحريري كما تمّ تداوله في بعض وسائل الاعلام، وإنّما أبلغ السّلطات السّعودية رغبته بلقاء الحريري، وعلى هذا الاساس أضيف هذا اللقاء على جدول أعمال الزيارة بعدما قدّم الرئيس الحريري استقالته. وبالتاليّ، فإنّ البرنامج لم يُعدّل بل أضيف اليه اللقاء الذي سيتمّ بشكل طبيعيّ والذي قد يُجرى في مقرّ إقامة الحريري في المملكة".

ولفت غيّاض الى أنّ "الملفّات التي يحملها الراعي كثيرة، ومهمّة جدّاً، ويأتي في مقدمتها موضوع تحييد لبنان عن الصراعات الخارجيّة والمحاور، وتثبيت دور لبنان كمركز لحوار الأديان والثقافات، وهناك آمال كثيرة مُعلّقة على هذه الزيارة، التي قد تحقّق خرقاً في جدار الصمت والانتظار وحبس الأنفاس، كونها صلة الوصل والتواصل والتوافق الذي يبقى أفضل من العدم". وأشار الى أنّ "البطريرك سيُثير أيضاً قضيّة اللّبنانيّين الذين يعملون في المملكة ويتعرّضون للضغوط، وسيرفعها الى السّلطات السعوديّة".

وأكد أنّ "الزيارة هي بحد ذاتها تاريخية في زمن استثنائي يحتاج الى العُقلاء والحُكماء، لتخفيف الاحتقان، ونتمنّى أن يكتمل نجاحها وعظمتها بتحقيق خرق في موضوع استقالة الحريري وجلاء الاسباب التي من أجلها أقدم على هذه الخطوة، لتُساهم بدورها في الحلول التي بدأها رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون في لبنان ليستكملها البطريرك الراعي في السعوديّة، مع العلم أنّه للعوامل والوقائع السّابق ذكرها لا يجب ان تّربط عوامل نجاحها ونتائجها بموضوع الحريري على الرغم من أهميّة هذا الحدث".