Beirut
16°
|
Homepage
مهنيّة مارسيل غانم تُعرّي القضاء
نهلا ناصر الدين | المصدر: ليبانون ديبايت | الجمعة 17 تشرين الثاني 2017 - 15:45

"ليبانون ديبايت" - نهلا ناصر الدين

لم يكن يعلم الزميل المخضرم في الإعلام مارسيل غانم أنه عندما أتقن فن الحوار، الذي ضربه محاورون كُثر عرض حائط الذاتية، ومصالح مؤسساتهم الخشبية أنه اقترف ذنباً، لم يكن يعلم أن التزامه الموضوعية والحياد في عصر اللامهنية سيعرّضه للاستجواب أمام القضاء اللبناني بتهمة ضرب هيبة الدولة.

هذه الدولة التي لم تهان كرامتها ولم تُمسّ هيبتها عندما مدّد الممثلون على الشعب لأنفسهم ثلاث مرات خلافا للدستور ولإرادة اللبنانيين، أو عندما غزت النفايات شوارعنا، يومياتنا، وأنفاسنا، ورُميت بعد طول بحثٍ وتحليل حكومي في عرض البحر، أو عندما أقرت السلطة التنفيذية قانون ضرائب تجويعي يستهدف جيب المواطن بشكل مباشر، أو عندما وصل الفساد إلى لقمة عيش اللبناني المغمسة بالشقاء، أو عندما قضمت حيتان المال واجهة بيروت البحرية بغطاء سياسي ممنهج، أو عندما أصبحت زحمة السير من يوميات المواطن اللبناني، أو عندما اضطر أن يتخلى شابٌ لبناني عن جامعته لغلاء قسطها أو لانهماكه بعملين أو أكثر ليؤمن الدواء لعلاج والديه اللذَين لا ضمان شيخوخة لهما في بلاد "التعتير"، أو عندما يموت أطفالنا على أبواب المستشفيات، أو برصاصة طائشة أطلقها مبتهجٌ ما بخطاب زعيمه السياسي، أو عندما نتطلع إلى حقوقنا على أنها أحلام بعيدة المنال... وعندما، وعندما، وعندما، وإذا أكملنا السرد قد لا ننتهي قبل يوم غد.


لم نكن نعلم نحن أبناء صحافة اليوم أن عرّاب البرامج الحوارية الذي تربّينا على مبادئه طوال 25 سنة ماضية، ولم نرَ منه إلا ما هو نضالاً صحفياً حقيقياً ونظيفاً في طريقٍ محفوف بالمخاطر والألغام السياسية القذرة، ولم نسمع عنه إلا أخباراً تفيد عن منحه جوائز إعلامية عربية وعالمية تشهد بجدارته مهنيته، مصداقيته، استقلاليته، وحريته أنه سيأتي يوم يكسر فيه القضاء اللبناني اليدّ التي حاولت مراراً وتكراراً تصويبه ونقده البناء، ويزنّرها في ساعة غفلةٍ بسلاسل قيودٍ مزاجية الصنع، كل هدفها "تدجين" إعلامي لم يعرف سياسة التعليب يوماً، وسَوْق برنامج كان منارةً إعلامية على مدى السنوات الماضية إلى قفص الاتهام.

فما الذي حصل مع الزميل مارسيل غانم؟ وماذا جاء في مقدمة برنامجه النارية يوم أمس، والتي شغلت الرأي العام اللبناني على مختلف انتماءاته، حتى تهافت اللبنانيون على مشاركتها عبر صفحاتهم الافتراضية، تعبيراً عن حبهم واحترامهم وتضامنهم مع من كان ولا زال مِنبراً حراً للناس طوال أعوام؟

وأكّد غانم في مقدمة برنامجه "كلام الناس" يوم أمس، أنه تلقى اتصالاً الأسبوع الماضي عقب حلقته السابقة والتي استضاف فيها صحافيَين سعوديَين إضافةً لنائب رئيس مجلس النواب الأسبق إيلي الفرزلي، من مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون، تستفسر فيه عن مضمون الحلقة وطلبت من غانم نسخة عن الحلقة.

وعقب هذا الاتصال بساعتين فقط، وصل لغانم عبر الإعلام كتاباً من وزير العدل سليم جريصاتي يطلب فيه من النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود إجراء التحقيقات والتعقبات اللازمة تمهيدا للادعاء على الزميلين السعوديين كما على المحرضين والمسهلين بجرائم النيل من هيبة الدولة. وما هي إلا ساعة حتى تلقى اتصالا من سنترال محطة الـlbci وإذا بأحد ضباط التحري يعرّف عن نفسه هاتفيا، وتعذر على غانم سماع طلبه كونه كان في الطابق الأرضي.

ولم تنتهِ رحلة الضغوط الممنهجة على غانم عند هذا الحدّ، بل تفاجأ يوم الاثنين الماضي بورقة طلب سلّمته إياها إدارة الـlbci من القاضية غادة عون بواسطة التحري تطلب فيه تبيان كامل هوية غانم وكامل هوية الزميلين جان فغالي المدير المسؤول في lbci وهوية الزميلين السعوديين. وعادت وانتشرت عناصر التحري يوم الأول من أمس في مبنى التلفزيون، والهدف طلب معرفة كامل هوية غانم والزملاء السعوديين. واستفاق غانم يوم أمس على ضابط التحري الذي يطالبه بالحضور إلى دائرة التحقيق لدى التحرّي بطلبٍ من القاضية عون.

وعليه، ولأنه يعلم ونعلم أنه لم يرتكب جرماً يستحق الخلط بينه و"بين المجرمين، تجار المخدرات، الإرهابيين، وسارقي المال العام..." ممن يُطلب تبيان كامل هوياتهم، قرر غانم عدم المثول، لأسبابٍ حدّدها بأنه لم يُبلّغ بشكل قانوني، ولأن كل الإجراءات كانت ذاهبة بشكل مسبق ومعروف سلفاً إلى أين يراد أخذ هذا الملف.

ولعلّ خير ما يمكن الردّ به على الضغوط التي يتعرّض لها الزميل مارسيل غانم من قبل القضاء اللبناني، يكون عبر الأسئلة التي وجهها هو نفسه للرأي العام اللبناني ولحضرة مدعي جبل لبنان ولمعالي وزير العدل، والتي نضم صوتنا لصوته ونكرر نشرها عبر "ليبانون ديبايت":
"ماذا فعل القضاء اللبناني الذي لديه الكثير من القضايا التي كان الأحرى التوجه للنظر بها بدل ملاحقة صحافي لم يعرف حتى اليوم حقيقة الجرم الذي اقترفه، في قضية محاولة اغتصاب آن ماري سلامة، وماذا فعل عندما نشرت صحيفة محلية قبل أسبوع مقالاً على صفحتها الأولى تشتم فيه ولي العهد السعودي وتصفه بالحذاء وتشتم رئيس الحكومة، وماذا فعل في المحكمة الدولية، التي تكلف الدولة سنويا ملايين الدولارات، وماذ فعل ليأتي بقتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وماذا فعل أمام تهويل مستشار رئاسي على اللبنانيين بحرب اسرائيلية، وماذا فعل عندما قال الزميل نديم قطيش (عيبٌ على الرئيس التصرف بهذه الغرابة)، وماذا فعل عندما نشرت صحيفة محلية حديثاً مع حبيب الشرتوني قاتل رئيس الجمهورية الأسبق بشير الجميل، وماذا فعل ليروي غليل أهالي العسكريين الشهداء عندما رُحل الإرهابيين بباصات مكيفة في صفقة أقل ما يقال فيها أنها فضيحة، ماذا فعل في التحقيق بملف المنطقة الحرة في المطار، وفي كازينو لبنان، وأين أصبحت التحقيقات بالإبراء المستحيل..؟!".

إذاً، كان الأجدى بالقضاء اللبناني الالتفات للقضايا العالقة بعنق زجاجة الفساد والمصالح، بدل الاقتصاص من إعلامي كل ذنبه أنه استضاف صحافيين سعوديين في حلقة مباشرة على الهواء، ولم يكن يعرف مسبقاً ما سيقولونه، وسمح بالرد عليهما من قبل دولة الرئيس الفرزلي الذي طلب حصر الرد عليهما به، وكان رده كافٍ ووافٍ. فعلى القضاء مراجعة أوراقه لأن أي معركة بينه وبين الإعلام هي معركة فاشلة وستنقلب بالنهاية عليه، وفي هذه القضية تحديداً إن كان المعنيون قد هدّدوا، فمارسيل غانم قد فعل.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
آلاف المقاتلين السوريين في لبنان ينتظرون "إشارة العم سام"... ومعلومات من أوروبا! 9 أبو جاسم ضحية خطف جديدة في لبنان... ماذا في التفاصيل؟! 5 جماعة "مرعبة" تغزو شوارع لبنان! 1
"ما زلت أحفظ شيئاً من الود"... وهاب "يهدّد" خلف الحبتور! 10 إنتحرت في بلدة بقاعية... والسبب "صادم"! 6 الموجة "الحارة" تنحسر غداً... ولكن هذا ما ينتظركم بعد 23 نيسان! 2
عبارات على حائط كنيسة "تثير الغضب" في الضنية! 11 بعد كشف ملابسات جريمة العزونية... بيانٌ من "التقدمي الإشتراكي"! 7 توقيف المشتبه بهم بجريمة العزونية... تفاصيل مثيرة عن وضع الزوجة! 3
من زغرتا… عملية جديدة تُضاف إلى سجل النزوح السوري وابن البلدة في غرفة العناية الفائقة! 12 وكالة اميركية تتحدث عن تلقيح السحب بِفيضانات الإمارات! 8 "لَتَسبَّبَ بكارثة"... اليكم ما كشفت معاينة الصواريخ الإيرانية! (فيديو) 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر