"ليبانون ديبايت" ــ نهلا ناصر الدين

مع بدء النزوح السوري إلى لبنان حاملاً معه عشرات آلاف الاطفال في سن التعلّم، انطلقت برامج تعليم الأطفال النازحين من قبل الدول المانحة بالتعاون مع وزارة التربية ومنظمة يونيسيف في لبنان. وشكلت هذه البرامج مصادر رزق لكثير من مستغلّي الأزمات للوصول إلى المال غير المشروع، ما جعل من رائحة الفساد فصلاً مستنسخاً يطفو على الواجهة التربوية بين الحين والآخر.

وكان قوام هذه البرامج تعليما مجانيا للأطفال النازحين في مدارس لبنان الرسمية بدوامٍ لا يتعارض مع الدوام الاعتيادي للمدارس الرسمية لتعليم الأطفال اللبنانيين، أي كان يبدأ بعد انتهاء الدوام الأول (بعد الظهر). وكان معلمّو المدارس الرسمية يتقاضون إلى جانب رواتبهم، رواتب أخرى فصلية إضافية كبديل عن الأوقات الإضافية التي يعملون فيها لتدريس الأطفال النازحين، بانتظام بحسب العقود المتفق عليها.

إلا أن هذه الرواتب الفصلية توقفت عن 12 مدرسة رسمية (10 مدارس في الشمال ومدرستان في الجنوب) منذ أن تقاضوا رواتب الفصل الأول لعام 2016 في تموز من العام الماضي. بينما لم يتقاضوا حتى الساعة رواتبهم المستحقة من الفصل الثاني من العام الماضي، علماً أن جميع المدرسين تقاضوا رواتبهم كاملةً خلال شهر تموز الماضي بينما لا يزال المدرّسون في هذه المدارس ينتظرون بدل أتعابهم.

ولمعالجة هذه القضية ومعرفة مصير مستحقاتهم، تواصل المدرسون في هذه المدارس الـ12 مع وزارة التربية في بيروت بشكل مباشر، وكان في الوزارة، بحسب ما تؤكد مصادر اللجنة المهتمة بأتعاب هؤلاء المدرسين، "تلكؤ ومماطلة وضياع في تحديد المسؤوليات". وأكدت مديرة برنامج التعليم الشامل في وزارة التربية صونيا خوري، بعد عدة زيارات متتابعة قام بها المدرسون، وبعد عدة وعود بتحويل هذه الأموال "فور وصولها"، على أن "الأموال التي كانت ترسلها الدول المانحة للبنان من أجل تعليم النازحين قد توقفت بقرار من هذه الدول".

وبعد هذا الجواب، توجهت اللجنة المؤلفة من معلّمي المدارس الـ12، نحو مكتب منظمة يونيسيف في لبنان، واجتمعوا مع المسؤول عن هذه المبرامج في المنظمة، ونفى الاخير ما قالته وزارة التربية. وأكد للمدرسين أن "الرواتب لا تزال تصل إلى لبنان بشكل منتظم" وأنهم كمنظمة وسيطة "تمّ تحويل الأموال من جهتهم" ونصحوا المدرسين بمتابعة الموضوع مع الوزارة".

الأمر الذي دعى اللجنة إلى إصدار بيان لها طالبت فيه "بحقوق المعلمين المهدورة ومعرفة مصيرها". وبعد نشر البيان عادت اللجنة وتوجهت إلى وزارة التربية للاجتماع بخوري، التي كانت "ممتعضة" من البيان، كما أكدت مصادر اللجنة لـ"ليبانون ديبايت".

ونسفت خوري بدورها كلام مسؤول يونيسيف، وأكدت للمدرسين أن "الدول المانحة توقفت عن إرسال الأموال كون الحرب في سوريا شارفت على الإنتهاء" ووعدت المدرسين بأنها تعمل على تأمين مستحقاتهم المادية، ولكن "لن يتحقق هذا الوعد قبل العام 2018".

وقام المدرسون خلال الاجتماع بتوجيه اللوم لخوري كونها لم تبلّغهم بتوقّف إرسال الأموال المخصصة لتعليم الأطفال النازحين من الدول المانحة، لأنها لو أخبرتهم بذلك لتوقفوا عن عملهم الإضافي، إلا أن خوري تذرعت بأنها ليس لديها صفة لتخبرهم بذلك. وعاد المدرسون كما في كل موعد لهم لمعالجة هذه الأزمة، خائبين ينتظرون ما ستؤول إليه الأمور في العام 2018.

فأين وكيف "طارت" رواتب المدرسين؟ من هي الجهة المسؤولة؟ ومن يعوّض عليهم أتعابهم؟