"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:

من ايطاليا، أعلن رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون في حديث الى صحيفة "لا ستامبا"، أنّ "الرئيس سعد الحريري باقٍ رئيساً للوزراء، وأنّ الازمة السياسيّة ستُحلّ بشكل قاطع خلال أيّام"، مُشدّداً على أنّ "حزب الله حارب ارهابيي "داعش" في لبنان وخارجه، وعندما تنتهي الحرب ضد الارهاب، سيعود مقاتلوه الى البلاد". أما الرئيس الحريري، فأكّد في أكثر من مُقابلة ومُناسبة، أنّ الاجواء ايجابيّة، وإذا استمرّت على هذه الحال فسيُبشّر اللبنانيّين في الاسبوع المقبل بالرجوع عن الاستقالة".

هذه التطمينات، تؤشّر بحسب المُراقبين، الى أنّ الأمين العام لحزب اللّه السّيد حسن نصرالله سيُلاقي الرئيس الحريري في منتصف الطريق لإنقاذ التسوية الرئاسيّة، والحفاظ على الاستقرار الداخليّ، وتحصين البلد من مشروع الفتنة الذي يُحاك ضدّه، وذلك من خلال تقديم بعض الضمانات على صعيد النأي بالنفس وتحييد لبنان عن صراعات المنطقة قد تتمثّل بانسحاب تدريجي للحزب من سوريا كما أوردت بعض الوسائل الاعلاميّة".

الباحث في الشؤون السياسيّة والاستراتيجيّة العميد المتقاعد نزار عبد القادر، اعتبر أنّ "الحديث عن انسحاب تدريجيّ لحزب اللّه من سوريا يأتي من باب التمنّي، ويتمّ ربطه بالخطوة التي قد يُقدم عليها الحزب لإنقاذ الحكومة والدفع بالحريري الى التراجع عن الاستقالة، لكن الانسحاب غير وارد، لأنه يرتبط بالاستراتيجيّة الايرانيّة في المنطقة التي لا تزال مُعرّضة في سوريا لهزّات ومؤامرات، وضغوط وحملات اعلاميّة وعسكريّة ومُخابراتيّة عديدة".

وشدّد على أنّ "القيادة الايرانيّة هي التي تدير حزب اللّه في سوريا، من خلال قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني. وطالما أنّ النفوذ الايراني لم يتّخذ لنفسه بعد وضع الامان والاستقرار سواء في سوريا، فإنّ الادوات أو القوى التي تتعامل معها إيران لمدّ النفوذ هذا، باقية في مواقعها وبالقوّة نفسها لا بل تتحضّر لمزيد من العمل المُقاوم والمُبادر من أجل تحقيق هذه الاهداف الايرانيّة".

عبد القادر لفت الى أنّ "من مصلحة الرئيس الحريري البقاء في السّلطة، فهذا الدور كُتب له واختار ان يلعبه طيلة مدّة رئاسته، كما أنّه يتحضّر للانتخابات النيابيّة وبقاؤه في موقعه يعطيه الى حدّ ما نوعاً من الضمانة لتجنّب الخسائر خصوصاً أنّ القانون الانتخابي الجديد لا يُتيح لأي طرف معرفة النتائج مُسبقاً. بالإضافة الى ان تراجعه عن الاستقالة يكون بمثابة استثمار للصدمة الايجابيّة، وتثبيت للمكاسب والقاعدة الشعبيّة التي استعادها مع خطوته هذه".

ويشير إلى أنّ "الحريري يتمنّى أن يُقدّم له العهد أي الرئيس عون لا حزب اللّه الضمانة الفعليّة لعمليّة النأي بالنفس المطلوبة من هذا الاخير، نظراً للعلاقة الخاصّة التي تربط رئيس الجمهوريّة بالحزب وامينه العام السّيد حسن نصرالله".

وأوضح عبد القادر أنّ "النأي بالنفس لا يعني انسحاب حزب اللّه من سوريا، فالحريري كان واقعيّاً في هذا السّياق، لكن يُمكن أن يتحقّق بطرق أخرى، مثل توقّف حزب اللّه ومسؤوليه عن اطلاق المواقف السياسيّة السلبيّة والهجوميّة، والكفّ عن استراتيجيّة التحدّي المُعتمدة من قبله منذ أكثر من ثلاث سنوات ضدّ الدول العربيّة ومن ضمنها المملكة العربيّة السعوديّة، وتوقف الاعلام المُقاوم ومحطّات التلفزة المحليّة والفضائيّة التابعة والقريبة من الحزب، عن شنّ حملات على دول الخليج بشكل يضرّ بعلاقة لبنان مع هذه الدول، او التغلغل داخل المجتمعات الخليجيّة على غرار خلية العبدلي في الكويت، وأن لا يضغط على الحكومة في موضوع الانفتاح على النظام السّوري".

وشدد العميد المتقاعد على أنّ "حزب الله يُمكنه في حال التزم بهذه النقاط او غالبيّتها، ان يُنقذ العهد والحكومة من دون أن ينسحب من سوريا، أو أن تتأثّر استراتيجيّته العسكريّة بدعم النفوذ الايراني في سوريا او في أمكنة أخرى".

ولفت الى أنّه "في حال استقال الحريري فإنّ العهد يكون قد انتهى بسنته الأولى. لذلك فإنّ الحريري يُدرك تماماً أهميّة التريث، لكن علامات استفهام كثيرة يمكن وضعها على تصريحات الرئيس عون الاخيرة ولا سيّما الى الصحيفة الايطاليّة التي شدّد فيها على دور المقاومة ورفض اعتباره ارهابيّاً، ما يُحتّم عليه ان يعيد النظر بخطابه ويتحدّث جدّياً الى حزب اللّه لتحقيق النقاط السّابق ذكرها، واعطاء الحريري الضمانة للبقاء رئيساً للحكومة".