"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:

بتاريخ 30 آب 2017، حقّق الجيش اللبناني انتصاراً كبيراً وحاسماً على الارهاب، بعد انتهاء عمليّة "فجر الجرود" بنجاح تامّ، وطرد الارهابيّين من جرود رأس بعلبك والقاع، لتعود المنطقة الى كنف السيادة الوطنيّة.

هذا الإنجاز الثمين والعظيم الذي حقّقه أبطال الجيش اللبنانيّ، والذي أتى مُعمّداً بدماء الشهداء والجرحى، ساهم في بزوغ فجر الانتصار ورفع العلم اللبنانيّ فوق قِممِ جرود السلسلة الشرقيّة، وبات حديث وسائل الاعلام العالميّة وقيادييّ أقوى الجيوش الذين أجمعوا على كفاءة واحتراف المؤسّسة العسكريّة وتميّزها عن جيوش المنطقة في محاربة الارهاب.

وعلى الرغم من الاحتفالات الشعبيّة والوطنيّة، لم "يَسكر" العسكريّين من "كؤوس الفرح بالنصر" ولم يُغادروا ساحات المعركة ليغفوا على فراشهم "الحريري"، بل بقوا مُتأهّبين، يتمركزون في مواقع الرصد والمُراقبة، ساهرين على حماية الحدود وتراب الوطن، وباحثين عن الخطط والافكار الجديدة والخطوات المطلوبة والضروريّة لمواجهة أي خطر أو تهديد في المُستقبل.

في هذا السّياق، أكدت مصادر عسكريّة لـ"ليبانون ديبايت" أنّ "الجيش يُتابع عمليّة الانتشار في الجرود بشكل مُنتظم، ويتمركز على التلال المُشرفة على كامل الاراضي، لمسك النقاط والمعابر الاساسيّة، وجرى لأجل ذلك، إقامة أربعة أبراج مراقبة كبيرة، للإشراف على المنطقة كلّها، والسيطرة عليها بالنظر والنّار، مع انتشار للفوج الحدودي البرّي الثاني والرّابع على جرود رأس بعلبك والقاع. وهناك الأبراج التي تأتي ضمن إطار المُساعدات التي قدمّتها بريطانيا للجيش اللبناني، والتي من شأنها أن تؤمّن الحماية على طول المنطقة الحدوديّة مع سوريا انطلاقا من البحر المتوسّط الى جبل حرمون".

ولفتت المصادر الى أنّ "الوضع تحت السيطرة أمنيّاً، نظراً لوجود تحصينات وتجهيزات، ودوريّات مُكثّفة، وطيران الاستطلاع الذي يُجري مسحاً شاملاً ودقيقاً للمنطقة، وصولاً الى الانتهاء من تجهيز المباني والمنشآت الثابتة في الصيف المُقبل كأبعد تقدير". وكشفت عن "إقامة سواتر ترابيّة على بعض المعابر الرئيسيّة لمنع حصول اي محاولة تسلّل، كما أنّ المُداهمات مُستمرّة في عرسال وجوارها والمخيّمات الموجودة في المنطقة، ولم تتوقّف، وكذلك التوقيفات للحؤول دون حصول اي حركة مٌستقبليّة، خصوصاً أنّ هؤلاء سبق أن شاركوا في عمليّات الى جانب المجموعتين الارهابيَين جبهة النصرة وتنظيم داعش".

وأشارت الى "وجود حرصٍ كبيرٍ على تأمين حاجيّات العسكريّين المُتمركزين في جرود عرسال والقاع ورأس بعلبك، في فصل الشتاء، إذ تتدنّى درجات الحرارة الى ما دون الصفر، ويصبح البرد قارساً ممهوراً بتساقط الثلوج التي تغطّي السلسلة والتلال، لأيام طويلة، ما يُحتّم ارسال تجهيزات اضافيّة وسريعة، من معدّات وعتاد، ووسائل ومواد تدفئة، وأخرى غذائيّة، وغيرها من الاعتمادات اللّازمة لتعزيز قدرات الجيش على الصمود طيلة الموسم القاسي ومواجهة المخاطر. وللغاية، انكبّ الجيش في الفترة الماضية على شقّ الطرقات وتعبيد اخرى من اجل توفير المُستلزمات".

وأوضحت المصادر عن أنّ "العمل يرتكز على انشاء بيوت جاهزة "Préfabriqués" للعسكريّين في نقاط تمركزهم، لأنّ أحوال الطقس السّيئة المُنتظرة تتطلّب أمكنة أكثر دفئاً". ولفتت الى أنّ "هذه التجهيزات كلّها لا تأتي نتيجة وجود أخطار أو معلومات عن امكانيّة حصول اي اعتداء ارهابي، أو خللٍ أمنيّ، ولكنّ المصاعب والتهديدات والتحديات تبقى موجودة، وهنا أهميّة العمليّات الاستباقيّة التي ساهمت في الفترات الماضية بإبطال الكثير من العمليّات الارهابيّة والكشف عن مُخطّطات ورؤوس كبيرة كانت تسعى الى استهداف بعض المناطق والاماكن والشخصيّات في لبنان".

وكشفت عن وجود نيّة لدى المؤسّسة العسكريّة لتأسيس فوج "الحدود البرّي الخامس"، هو قيد الاعداد، مُهمّته تقتصر على الجرود بغية ضبط الحدود والمعابر بين لبنان وسوريا.

مع الاشارة الى أنّ قيادة الجيش سبق أن باشرت بعد سلسلة الاعمال الارهابيّة، بتشكيل أربعة أفواج عسكريّة لضبط المناطق الحدوديّة، مُهمّتها مُراقبة الحدود البريّة للحؤول دون أعمال التهريب، التحرّي عن التهريب وضبط المخالفات، ومُكافحة الهجرة غير الشرعيّة وتوقيف المُخالفين، ومنع تهريب الأسلحة والذخائر والممنوعات على أشكالها، وضبط وتوقيف الفاعلين وإحالتهم إلى السلطات المُختصة. بالإضافة إلى إقامة نقاط مُراقبة ونقاط تفتيش ثابتة وظرفيّة وتسيير دوريّات على الحدود البريّة، لضبط المُخالفات المتعلّقة بتسلّل الأشخاص عبر الحدود، وتعقّب المُخالفين وتوقيفهم وسوقهم مع المضبوطات إلى السلطات المختصة.