Beirut
16°
|
Homepage
كسّارة القوات
طارق حسون | المصدر: ليبانون ديبايت | الثلاثاء 26 كانون الأول 2017 - 10:35

"ليبانون ديبايت" - طارق حسّون

إذا كان ثمة بحصة يرفعها البعض بوجه القوات اللبنانية لأسبابٍ لا علاقة لها فعلياً بالشعار المرفوع، فإن لدى القوات اللبنانية كسّارة برمّتها تراكمت فيها كل اشكال البحص والرمل والحجارة.

قصّة هذه الكسّارة بدأت في العام 2005 عندما قرّر احدٌ ما تقتير زخم ثورة الأرز وفرملة قوتّها الدافعة، والذهاب لعقد تحالفٍ انتخابي مع حزب الله، عُرف حينها بالتحالف الرباعي.


هذا التحالف تم نسجه وحياكته بمعزلٍ عن إرادة القوى المسيحية الفاعلة، فالقوات اللبنانية كان رئيسها في الاعتقال، والتيار الوطني الحرّ تم تدفيشه وتطفيشه ومحاولة "تشحيذه" بعض المقاعد النيابية، ومع ذلك تم تظهير الأمر لدى الشارع المسيحي وكأن القوات اللبنانية هي "حصان طراودة" مسيحي في هذا التحالف. فخسرت القوات اللبنانية من الجهتين، اولاً، خسرت التعاطف المسيحي الذي صبّ بمعظمه لصالح التيار الوطني الحرّ، وخسرت مقاعد نيابية كثيرة تعكس حجمها الفعلي، والتي تقاسمها تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وبعض المستقلين المسيحيين.

لو ارادت القوات اللبنانية بقّ هذه البحصة الكبيرة حينها لكانت حرّرت نفسها من التزامها بفريق 14 آذار واقتربت من التيار الوطني الحر مشكّلين سوياً حالةً مسيحية ميثاقية مُعطّلة للنظام السياسي.

منذ ذلك الحين والقوات اللبنانية تدفع ثمن التحالف الرباعي المشؤوم، وتحاول ترقيع الندوب السياسية الكبيرة التي نتجت عنه بفعل قصر نظر بعض القائمين به.

من أخطر النتائج التي ادّى اليها التحالف الرباعي هو انه اكسب تيار المستقبل بعض المقاعد النيابية، لكنه بالمقابل اسّس لحالةٍ مسيحية فاعلة وناقمة ومُجيشّة قوامها التيار الوطني الحرّ، انضمّت الى المنظومة السياسية للطائفة الشيعية، فبدأ ميزان القوى الداخلي بالاختلال لصالح حزب الله منذ ذلك الحين. وهذا ما ادّى في مراحل لاحقة الى تمكّن 8 آذار من تعطيل الانتخابات الرئاسية بفعل وصول النظام الى بلوكاج في توازن القوى، فاضطرت عندها 14 آذار لمدّ يدها الى واحدٍ من مرشحي 8 آذار من اجل كسر هذا البلوكاج وإعادة دفع عجلة الحياة السياسية والمؤسساتية في البلد.

ماذا كان سيحصل لو لم يُبرم التحالف الرباعي في ذلك الحين؟ كان سيبقى التيار الوطني الحر جزءاً من ثورة الأرز وقوى 14 آذار، وعوض ان يتم تقاسم المقاعد المسيحية بين تيار المستقبل والحزب الاشتراكي، كان يمكن توزيعها بين التيار والقوات والكتائب وغيرها من الأحزاب المسيحية، وكانت كتلة 14 آذار النيابية فاقت الـ 90 مقعداً، وكانت 14 آذار وفرّت على نفسها انتقال التيار الوطني الحر الى احضان حزب الله وشعوره بالراحة والعرفان بالجميل في تلك الأحضان، وهذا ما دفعت ثمنه ثورة الأرز باهظاً منذ العام 2005 حتى اليوم.

الجشع وقصر النظر والنهم على السلطة والمقاعد النيابية والوزارية التي لا تحقّ اصلاً الا للقوى المسيحية، هو ما اوصل الأمور الى ما هي عليه اليوم. فهل من بحصة أكبر منذ ذلك بعد؟

على الرغم من عملية احتكار معظم المواقع المسيحية من قبل تيار المستقبل ثابرت الماكينة الاعلامية للقوات اللبنانية على ان تُسبغ عليه صورة التيار المعتدل المنفتح، وذلك بمواجهة حملةٍ دعائية كانت تستعمل هذا المُعطى للقول إن تيار المستقبل يحتكر السلطة ويقبض على مواقع المسيحيين، ويريد تهجيرهم وإضعافهم اسوةً بالقاعدة وداعش.
هذه بحصة ثانية بلعتها القوات على حساب رصيدها المسيحي...

العام 2010، وفي عزّ فورة قوى 14 آذار، وفي عزّ شعارات السيادة والحرية والاستقلال التي فازت في الانتخابات النيابية قبل سنة واحدة على اساسها، حّط احد اركان هذه القوى، من دون مقدمات سياسية، في ضيافة بشار الأسد ضارباً بعرض الحائط مصداقية 14 آذار امام الرأي العام... وعوض ان تقوم القوات اللبنانية بالتجييش الإعلامي لدى الشارع السنّي من اجل استمالته لصالحها على حساب ضيف "قصر المهاجرين"، فضلّت بلع البحصة من جديد وإكمال هذه الدرب السيادية ولو وحيدةً، على الرغم من تحوّلها الى طريقٍ وعرة متعرّجة غير آمنة وغير مريحة.

بعد انتخابات 2005 وحصول تكتل التغيير والاصلاح على كتلة نيابية مسيحية وازنة، ارتأى الدكتور جعجع ضرورة استمالة العماد عون الى قوى 14 آذار، والسعي لانتخابه رئيساً للجمهورية كمدخلٍ الزامي لإزاحة إميل لحوّد، وحاول الترويج لهذا الطرح لدى اصحاب "الأمر والنهي" في قوى 14 آذار حينها، لكن هذا الطرح قوبل برفض شديد مفضّلين إبقاء اميل لحود رئيساً على الاتيان بالعماد عون.

لو جاء العماد عون رئيساً في العام 2005 لكان بالتأكيد ميّالاً الى قوى 14 آذار، ولكن إخفاق هذه المحاولة والتصاق التيار الوطني الحر اكثر فأكثر في منظومة حزب الله، ومن ثم اختلال توازن القوى منذ التحالف الرباعي وحتى اليوم، بفعل السياسات غير السوّية لبعض 14 آذار، ادّى الى مجيء العماد عون رئيساً، وإنما بنسخة مختلفة تماماً عن النسخة التي اراد الدكتور جعجع إيصالها وتظهيرها في العام 2005.

اليوم، يحاول هؤلاء الإيحاء بأن التيار الحر كان ليكون صديقهم وحبيبهم وحليفهم على طول الدرب، لولا هذا "المُحرّض" الذي اسمه سمير جعجع والذي اراد "عرقلة" اي مسعى للتقارب بين التيار الحر وتيار المستقبل في السنوات الماضية.

هذه بحصة إضافية بلعتها القوات...

في مرحلة الإعداد لقانون الانتخاب وصل القانون الارثوذكسي الى مرحلة إقراره الأخيرة، وهو كان ليُعطي القوات اللبنانية عشرات المقاعد النيابية، ومع ذلك ارتأت القوات اللبنانية الحفاظ على مصلحة كل قوى 14 آذار مجتمعة، وعلى مصلحة تيار المستقبل بالتحديد، وعدم الانجرار الى قوانين طائفية تخلق متطرفين من الجانبين، فأسقطت هذا المشروع، وخسرت للتو 12% من رصيدها الشعبي في الشارع المسيحي... ومع ذلك لا من يُقدّر ولا من يتذكّر ولا من يعترف بالجميل...

وهذه بحصة إضافية بلعتها القوات وكادت توصلها الى الحضيض المسيحي...

في كل مسيرة قوى 14 آذار منذ العام 2005 وحتى اليوم، هناك خط بياني واحد قوامه خسارة القوات اللبنانية من رصيدها المسيحي، في محاولتها رتي وترقيع واستيعاب وهضم وبلع بحصة وحجارة سياسة تيار المستقبل وسلوكه السياسي وغير السياسي.

إذا كان الدكتور جعجع هو "المحرّض" على الحريري لدى السعودية، فهو بالتأكيد "سيُحرّضها" لمصلحة الحريري لا من اجل النيل منه، تماماً كمن يشكو سلوك أحد الأولاد الى والده او الى شقيقه الأكبر من اجل تحسينه، وهذا عملٌ يشكره الأهل بالإجمال، حتى ولو نظر اليه الولد نظرةً عدائية في حينها، ولكن رويداً رويداً، كلما اكتمل عقله ونما دماغه استوعب وقدّر وثمّن هذه الخطوة، وعرف بأنها تصب بالنهاية في مصلحته... والسلام
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
تحذيرٌ "عاجل" من اليوم "الحارق" المُرتقب... وهؤلاء عرضة للخطر! 9 صدمةٌ بين الأهالي... بلدة لبنانية تستفيق على مأساة! (صورة) 5 يخضع منذ الصباح للتحقيق... والتهمة صادمة! 1
اسرائيل تحضّر لـ "اقتحام برّي" في الجنوب والجولان! 10 هذا ما يحصل متنياً 6 "رسائل خطيرة على الهواتف"... وتحذير جدّي إلى المواطنين! 2
أسعارٌ جديدة للمحروقات! 11 بعد فصل طالبة لبنانية من جامعة أميركية... دعوةٌ من إعلامي لبناني! (فيديو) 7 "إجتياح من نوع آخر" لمدينة لبنانية! 3
ممارسات إسرائيلية تشكّل تهديداً لمطار بيروت! 12 المهندس "أبو علي" ضحيّة جديدة للإعتداءات الإسرائيلية! 8 "الثمن مُكلف جدًا"... لافتة تُثير الإستغراب في الغبيري! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر