"ليبانون ديبايت" - نهلا ناصر الدين

تشكل المناقصات في معظم المؤسسات الرسمية اللبنانية باباً واسعاً للكسب غير المشروع، وجسراً سهلاً للعبور فوق القانون عبر تلزيمات تفوح منها رائحة المنفعة الشخصية التي قلّما يلتفت لها المعنيون، لتحوّلها بقوة فساد أمر الواقع إلى شبه عُرفٍ متبّع في السلطات المركزية والمحلية من أكبرها إلى أصغرها على حدٍ سواء.

وفي جعبة اليوم مناقصة جديدة تفوح منها رائحة المحسوبية ومخالفة القوانين، بحسب المعلومات الواردة لـ"ليبانون ديبايت"، لوضعها أمام الرأي العام اللبناني، على اعتباره صاحب الحق الأول في المال العام.

بتاريخ 9/10/2017، اجتمعت لجنة الشراء في بلدية مشمش - جبيل لفض غلافات الأسعار العائدة لتلزيم يد عاملة لأعمال الباطون في المبنى البلدي المقرر تشييده، واعتبرت اللجنة أن السعر المقدم من السيد جو نون هو السعر الأدنى والأنسب وفقاً للشروط المطلوبة، على اثر ذلك أقدم رئيس البلدية على تنظيم عقد تنفيذ أشغال مع السيد جو نون.

وبحسب الاستدعاء المقدم من السيد بولس حنا صوما لبلدية مشمش، لإلغاء تنفيذ أعمال الباطون في المبنى البلدي، والذي بُلّغ عنه نسخة لكل من وزارة الداخلية، محافظ جبل لبنان، وقائمقام جبيل، فإن قرار اللجنة وبالتالي عقد تنفيذ الأشغال هما باطلان للأسباب القانونية التالية:

-من المفترض قانوناً أن يسبق أي تلزيم تكليف مهندس استشاري للإشراف الهندسي على الأعمال المطلوب تنفيذها، وهذا الأمر غير موجود في ملف التلزيم.
-يتطلب قانونا عندما تكون قيمة الأعمال تفوق الخمسين مليون ليرة أن يقترن هذا الأمر بوضع دفتر شروط مسبق والاستحصال على موافقة محافظ جبل لبنان على دفر الشروط الأمر المنتفي في المعاملة.
-من المفترض قانوناً أن يُصار إلى إعلان ونشر موضوع التلزيم في جريدتين محليتين والجريدة الرسمية لمدة شهر، وهذا لم يحصل.
-يتوجب وضع جدول الكميات وطريقة القيد في دفتر الشروط الفني ولا يجوز أن يقتصر التلزيم على اليد العاملة دون الكميات اللازمة من المواد لتنفيذ المشروع فنياً.
-على كل من يشترك في المناقصة أن يكون مسجلا أصولا في السجل التجاري، وأن يبرز براءة ذمة مالية وضمان مع ذكر الأعمال السابقة التي يكون قد نفذها، مقروناً بتوقيع أصحاب العلاقة.
-يلزم كل منفذ الأعمال أن يقدم كفالة مصرفية لحسن الأداء قبل المباشرة بالتنفيذ.
-يخالف العقد نصوص قانون البلديات الصادر بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 118 تاريخ 30/6/77 مع تعديلاته، لا سيما المواد 60 و61 و62 منه
-لم يحدد العقد تاريخ بدء التنفيذ والمدة التي تستلزمها تنفيذ الأشغال المكلف بها الملتزم.
-ومن المسلم به قانونا أنه لا يجوز أن توجد علاقة قرابة لغاية الدرجة الرابعة بين الملتزم، ولا سيما رئيس اللجنة المكلفة بالتحقق من ملاءمة الطلب من شروط التلزيم من أي ناحية كانت.

وتفيد مصادر محلية متابعة للقضية أن المتعهد الملتزم أشغال الباطون هو ابن نائب رئيس البلدية ولا يعمل بمجال البناء، وتؤكد لـ"ليبانون ديبايت" أن الاتفاق تم معه شكلياً إنما المنفذ الحقيقي هو والده نائب رئيس البلدية طنوس نون، وفي الوقت ذاته هو رئيس لجنة فض العروض.
وتلفت المصادر إلى أن أي من الجهات المعنية الثلاث التي بُلغّت الاستدعاء لم تحرّك ساكناً، رغم مرور أكثر من شهرين على إرسال الاستدعاء، علماً أن المتعهد بدأ بالتنفيذ منذ ثلاثة أشهر في وسط البلدة، وتم تشييد الطابق الأول من المبنى والبدء بالطابق الثاني.

ولذلك عاود المستدعي، أخيراً، إرسال نسخة من الاستدعاء للنيابة العامة المالية، وهي الجهة الوحيدة التي تجاوبت مع الاستدعاء وقامت، بحسب المصادر، باستدعاء رئيس البلدية عماد الخوري، يوم الخميس الماضي، للتحقيق معه، وأشارت المصادر إلى أن التحقيق لم يُغلق بعد.

وللتأكّد من هذه المعلومات ولسماع وجهة نظر البلدية تجاه الاتهامات الموجهة لها، حاول "ليبانون ديبايت" الاتصال بخوري الذي اكتفى بالقول إن "كل هذا الكلام كذب وافتراء، ونحن بصدد ملاحقة كل شخص تعاطى بالموضوع أو يريد التعاطي به" قبل أن يُقفل الخط بينما كنا نتابع سرد الأسئلة على مسامعه.

تجدر الإشارة إلى أننا حاولنا معاودة الاتصال مباشرة بخوري، بعدما أنهى المكالمة فجأة، ثلاث مرّات، لكن يبدو أنه تقصّد عدم الردّ.