"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:

في الوقت الذي تُهدّد فيه الخلافات المُستجدّة على السّاحة السياسيّة اجراء الانتخابات النيابيّة في موعدها المُحدّد بتاريخ السّادس من أيّار 2018، تعيش الشوف وعاليه مرحلة دقيقة وحسّاسة قبل أن تخوض واحدة من أشرس المعارك النيابيّة، خصوصاً بعدما جرى ضمّهما وفق القانون الجديد الى دائرة انتخابيّة واحدة، توصل ثلاثة عشر مرشحاً الى البرلمان، موزّعين بين خمسة مقاعد مارونيّة، وأربعة درزيّة، ومقعدين للطائفة السنيّة، ومقعد كاثوليكي وآخر أرثوذكسيّ.

والمعروف أنّ الشوف وعاليه دائرة الدروز بامتياز، وللزعامة الجنبلاطيّة حصّة الأسد فيها، ما يجعل النائب ​وليد جنبلاط​ اللاعب الاهمّ الذي يرغب كلّ طرف في ضمّه الى فريقه الانتخابي، نظراً لقوته التجييرية. الامر الذي من شأنه أن يضع رئيس "اللقاء الديمقراطي​" في وضع صعب وحرج على اعتبار انه منفتح على معظم القوى السياسيّة الموجودة في المنطقة وعلى علاقة جيّدة بها، ويصرّ على رفضه الغاء أو عزل أيّ فريق. من هنا لم يحسم حتّى السّاعة مسار تحالفاته، ويسعى الى "النأي بنفسه" عن خلافات باقي الاطراف، بحسب ما أكّدته مصادر مُطّلعة على الملف الانتخابي في الدائرة.

وأشارت المصادر الى أنّ "جنبلاط يتسلّح بنجله تيمور، والنائبين أكرم شهيب وهنري حلو، والوزير مروان حمادة والمحامي ناجي البستاني بشكل علنيّ وصريح. وسبق له أن أعلن ترشيح الدكتور بلال عبدالله عن المقعد السني في الشوف. كما يترقّب وضع القوى السياسيّة الاخرى ويستمرّ في اجراء الاتصالات مع مختلف الافرقاء من التيّار الوطنيّ الحرّ الى الكتائب، والقوّات، بمن فيهم الامير طلال ارسلان، بالاضافة الى تيّار المستقبل، حليفه الثابت، وغيرهم".

في هذا السّياق، كشفت المصادر عن أنّه "من الوطني الحرّ، تبدو حظوظ وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل مُرتفعة جدّاً، هو الذي تسلّم ملف المُهجّرين في التيّار، ورُشّح عام 2009 وعامي 2013 و2014 قبل اقرار التمديد، عن المقعد الماروني في قضاء عاليه. وسيلقى أبي خليل دعماً كبيراً من فريقه السياسيّ وحلفائه. كما ارتفعت نسب حظوظ ارسلان بشكل لافت، بالاضافة الى النائب جورج عدوان الذي يُعتبر من المُرشّحين الأقوياء من حيث الشعبيّة والتمثيل، هو الذي خاض المفاوضات والنقاشات بشأن قانون الانتخاب".

وأضافت أنه "ومن الاسماء المطروحة بقوّة في الجبل، مُرشّح القوّات عن المقعد الارثوذكسي في عاليه انيس نصار، رجل الاعمال والمُهندس الذي يعيش بين لبنان والخارج، ويطمح للعودة ليس فقط الى الحياة اللبنانيّة بل الى الندوة البرلمانيّة، متفائلاً بفوزه في الانتخابات النيابيّة من خلال الحزب الذي منحه ثقته، علماً أنّ وضعه يبقى دقيقاً بوجه النائب فادي الهبر منافسه القويّ على المقعد نفسه".

كتائبيّاً، اعتبرت المصادر ذاتها أنّ "القرار الذي يتجه الحزب به لناحية عدم التحالف مع المُوالين للسلطة يضعه في مكان حسّاس خصوصاً في الجبل الذي له حيثيّاته ووضعه الخاصّ. علماً أنّ مُمثّله في عاليه النائب فادي الهبر معروف بعلاقته الجيّدة مع جنبلاط الذي دائماً ما يختاره بالاسم، ولا سيّما بعدما تمكّن من اثبات نفسه وحضوره في المنطقة والى جانب أهلها، والمناسبات التي تُقام بها، ولعب ادواراً في الكثير من الاستحقاقات".

ورأت أن "الهبر قد يحافظ على موقعه لا سيّما أنّه يمثّل الكتائب وجنبلاط يُصرّ على عدم اقصاء اي فريق وإرساء التنوّع والوحدة في الجبل، ومع ذلك يبقى وضعه صعباً بانتظار ان تتوضّح الصّورة الكتائبيّة أكثر، والتي وفق التسريبات قد تشمل حزب الوطنيين الاحرار، فهما على الموجة نفسها. علماً أنّ الاخير يعتزّ بالعلاقة التاريخيّة بين البيتين الشمعونيّ والجنبلاطيّ، وله مكانته الخاصّة في الجبل التي يحاول تثبيتها وحمايتها من خلال نجل رئيس الحزب كميل دوري شمعون".

في المقابل، لفتت الى أنّ "أسماء كثيرة مطروحة على صعيد دائرة الشوف - عاليه، وهناك وجوه اعلاميّة وشخصيّات سياسيّة تسعى الى الفوز بمقعد نيابي، أبرزهم المنتج زياد شويري المرشح عن المقعد الماروني، والمُقرّب جدّاً من التيّار الوطني الحرّ الذي يواجه بدوره مشكلة حسم خياره في ما خصّ مرشحيه المارونيّين في قضاء الشوف". وتشير في الوقت نفسه الى أنّ "وضع رئيس تيار التوحيد العربي وئام وهاب لا يزال غامضاً، وقد يأخذ وقتاً قبل الكشف عن اوراقه".

انطلاقاً من هذا المشهد، تؤكد المصادر أنّ "كلّ ما سبق ذكره يأتي في سياق الحسابات السياسيّة والانتخابيّة المُتعارف عليها، ولكن الحسابات الشعبيّة لا يُمكن حسمها وفق القانون الانتخابي الجديد الذي يترك كلمة الفصل للناخب وصوته التفضيلي الذي من شأنه أن يقلب المشهد رأساً على عقب".