Beirut
16°
|
Homepage
التحوّلات في ديمغرافيّة قتلى حزب الله بين 1982 و2017
المصدر: الأناضول | الاثنين 15 كانون الثاني 2018 - 10:31

ترجمة "ليبانون ديبايت":

في تموز 2017، وجّه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله رسالة إلى أي شخص لا يزال يشكّك بتورط حزب الله في سوريا، قائلاً "اسألوا شعب الهرمل". وأضاف "تابعوا القرى المحيطة بالهرمل والبقاع وبعلبك... ثم أجيبوا عن أسئلتكم بنفسكم". كانت تعليماته بلاغية، لكنها تعكس اتجاها تنظيميا داخليا رئيسيا على مدى السنوات الخمس الماضية. ومنذ دخول حزب الله الحرب في سوريا عام 2012، تظهر البيانات المستمدة من إعلانات الوفاة أن التوزيع الجغرافي لمسقط رأس شهداء حزب الله قد تحول بعيدا عن منطقة بيروت وبشكل متزايد في المناطق التي ذكرها نصرالله: محافظة بعلبك - الهرمل والبقاع.

ويبرز هذا التغيير اتجاها مثيرا للاهتمام في ما يتعلق بالمكان وربما كيف يجنّد حزب الله المقاتلين للحرب في سوريا. إن التحولات في التوزيع الجغرافي لشهداء حزب الله قد تعكس التغيرات في سياسات تجنيد الأحزاب وسياسات القوى العاملة، والتفاوتات الإقليمية في دوافع المقاتلين، أو مزيج من هذه العوامل.


وبغض النظر عن ذلك، فإن هذه التحولات في الصورة الديمغرافية لشهدائها من الماضي وحتى يومنا هذا تشير إلى أن الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية الخاصة ببعض الدوائر الانتخابية الإقليمية قد ساعدت على ضمان استمرار توفير المجندين والمقاتلين المتحمسين للحرب في سوريا.

استندت الكاتبة كيندال بيانشي في مقال لها في مجلة "Small wars journal" الى مجموعة بيانات من فترات زمنية منفصلة، وتشمل مجموعة البيانات السابقة أسماء ومدن أكثر من 1200 عنصر من حزب الله قُتلوا في لبنان من 1982 إلى 2000؛ بينما تضم مجموعة البيانات الأخرى نفس المعلومات حول ما يقارب 900 عنصر قتلوا في نزاعات بين 2013 ومنتصف عام 2017، معظمهم في سوريا. لذا يفترض الّا تكون الصورة الديمغرافية لوفيات حزب الله مختلفة كثيرا عن قوته القتالية ككل، لكنها لا تعكس العضوية الكاملة لحزب الله.

ويمكن تقسيم قاعدة دعم حزب الله على نطاق واسع إلى 3 مناطق في لبنان، حيث يتركز السكان الشيعة: بيروت والجنوب، ومحافظة بعلبك - الهرمل. ووفقا لبيانات الحكومة اللبنانية تشكل هذه المناطق الثلاث مجتمعة حوالي 90٪ من الناخبين المسجلين الشيعة اللبنانيين في عام 2017. من أصل 59٪ من جنوب لبنان، و21٪ من بعلبك الهرمل، و11٪ من بيروت ومنطقة بعبدا (التي تشمل ضواحي بيروت والضاحية الجنوبية) مجتمعة. وظلت هذه الأرقام على حالها تقريبا منذ عام 2005.

التوزيع الجغرافي لشهداء حزب الله في الفترة السابقة (1982-2000) يتوافق تقريبا مع الشهداء المسجلين من الشيعة اللبنانيين منذ عام 2005: حوالي 61٪ من الشهداء خلال هذه الفترة هم من الجنوب، و20٪ من بعلبك - الهرمل و9٪ من بيروت والضاحية. لكن منذ ذلك الحين، تباين توزيع قاعدة شهداء حزب الله عن الناخبين الشيعة. في حين أن جنوب لبنان لا يزال يمثل حوالي 60٪ من المقاتلين الذين قتلوا في الفترة الأخيرة (2013-2017)، فإن نسبة الشهداء الذين ينحدرون من بعلبك الهرمل قفزت من 20٪ إلى 28٪ أي بزيادة حوالي 40٪. وقد عوضت هذه الزيادة انخفاضا حادا في نسبة الشهداء من بيروت وريفها الجنوبي، إذ انخفضت من 9٪ إلى 2٪ فقط، أي بانخفاض قدره 80٪ تقريبا. والجدير بالذكر أن مدينة بيروت أنتجت ما يقارب 60 شهيدا بين عامي 1982 و2000، وأقل من 5 شهداء بين 2013 ومنتصف عام 2017.

وتثير هذه الاتجاهات سؤالا واضحا عن العوامل التي دفعت التحول في توزيع الشهداء على مر الزمن. وبطبيعة الحال، فإن الأصل الجغرافي وحده لا يحدد لماذا ينضم رجل إلى الخطوط الأمامية لحزب الله في سوريا بينما يختار آخر البقاء في لبنان. مع ذلك، توجد ظروف عامة في كل منطقة تشكل دوافع. في سياق حزب الله، وفحص الظروف السائدة، فإن المناطق التي شهدت تحولات في حصتها من الشهداء قد تساعد على تسليط الضوء على العوامل التي سهّلت التجنيد خاصة للحرب في سوريا. فالتحول في التوزيع الجغرافي لشهداء حزب الله من بيروت إلى بعلبك - الهرمل يعكس العوامل المتداخلة في تجنيد المقاتلين للحرب في سوريا، وهو الوضع الاجتماعي والاقتصادي، ومخاوف الأمن، والتوترات الاجتماعية المحلية.

وسواء كانت الاتجاهات التي كشفت عنها البيانات تعكس سياسات الحزب، أو دوافع التجنيد، أو الاثنين معا، فإن التغييرات في الملف الديمغرافي للوفيات القتالية لحزب الله قد تكون لها عواقب وخيمة على الحزب، إذ يمكن أن يرتفع عدد شهداء حزب الله في المناطق المحرومة اجتماعيا واقتصاديا، ما يزيد من إضفاء الطابع المؤسسي على التسلسل الهرمي الاجتماعي الاقتصادي داخل الحزب، ويثير الاستياء من سياسات الحزب.

بالإضافة الى انه من غير المرجح أن يغادر حزب الله سوريا في المستقبل القريب، ونسبة الوفيات ستستمر بالارتفاع. وإذا ذهب حزب الله إلى الحرب مع إسرائيل، فإن هذه الهرمية قد تؤدي إلى مزيد من عدم المساواة في توزيع الإصابات في حزب الله. وأخيرا، فإن الفوارق الجغرافية في تصور التهديد قد تزيد في تقسيم الحزب. ومن المرجح أن يوجه تهديد إسرائيلي متجدد من الجبهة الجنوبية انتباه سكان الجنوب؛ ولكن من الممكن أن يظل سكان بعلبك الهرمل أكثر تركيزا على الخطر التكفيري القريب.

في الوقت الراهن، يبدو أن التوزيع الجغرافي المتغير لشهداء حزب الله قد استفاد من قدرتهم على الحرب في سوريا. ولكنه من الممكن ان تترتب على هذه التحولات عواقب على المدى الطويل.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
بقوة 5.6 درجة... زلزال "يهز" شمال تركيا! 9 بالفيديو: لحظة فرار منفّذي جريمة العزونية! 5 "رح نحمي بيوتنا" و"الله أكبر سوريا"... غضبٌ عارمٌ وثورة سورية قريباً في البترون! 1
سيناريو "مُقلق" ينتظر مطار بيروت... إنذار خطير وأيام حاسمة! 10 واشنطن تكشف دورها في "الضربة الإسرائيلية" على ايران 6 إنتشار عسكري "غربي" في لبنان وحشود إيرانية وروسية وصلت.. عماد رزق: بيروت ستقصف وحرب التحرير بدأت! 2
جديد جريمة قتل ياسر الكوكاش ... الجيش يوقف سوريَّين! 11 بعد أسبوع... لماذا كشفت إسرائيل إصابة مواقع حساسة بالهجوم الإيراني؟ 7 حادثة رئاسية فضحت "الثنائي الشيعي" 3
تقريرٌ يكشف مصادر تمويل حزب الله 12 كليب "يُرجح" ما قد تبلغه فرنسا لِميقاتي اليوم! 8 "عبوهن بالباصات وكبوهن بسوريا": سياسي يدعو الى التحرك سريعاً… ونسب مقلقة في السجون اللبنانية! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر