"ليبانون ديبايت"- كريستل خليل:

التدخين يسبب العجز الجنسي، التدخين يؤدي الى انسداد الشرايين والأوردة، التدخين اثناء الحمل يؤذي الجنين، التدخين يقتل... عبارات تحذيرية اختارت الدولة اللبنانية ان تحذّرنا فيها من خطورة التدخين وتأثيره السلبي على الصحّة. حتّى منعت بيع او تصنيع او استيراد اي من انواع السجائر، والسيجار، والتبغ، وتبغ الغليون، والتبغ الموضب، والتنباك ما لم يكتب على علبها الفردية عبارة "وزارة الصحة تحذر: "التدخين يؤدي إلى أمراض خطيرة ومميتة". لكن هل تكفي المواطن هذه الكلمات ليقلع عن التدخين، او تساهم ولو بشيء بسيط للحد منه؟

في لبنان لا يمكن القاء اللّوم على جهة معيّنة من دون الأخرى في ما يتعلّق بالتدخين. تحوّل لبنان الى بقعة ضبابية كبيرة من الدخان المترتب عن المدخنين في كافة الأماكن الخاصة والعامة، وتعدد المذنبون. من جهة صدر قانون 174 المتعلق بحظر منع التدخين في الأماكن العامة منذ أكثر من 5 سنوات، تم تطبيقه في الفترات الأولى على إصداره وبعدها "انتهت صلاحيته كبقية القوانين"، وتناست الدولة ما بدأته، حتّى اللبنانيين الذين التزموا في البداية بالقانون لأنه مس جيوبهم، تناسوه.

من جهة أخرى، قرّرت شركة "فيليب موريس إنترناشيونال" التخلّي عن فكرة استيراد السجائر إلى السوق اللبناني من مصانعها في الخارج، والاتجاه صوب تصنيع بعض أصنافها في لبنان، ما اثّر على انخفاض سعر بعض علب السجائر التي تصنّعها هذه الشركة بشكل فاجأ مدخني هذه السجائر، وكأن اللبناني ينقصه ما يشجّعه على التدخين!

في هذا الإطار، علّق وزير السياحة السابق فادي عبّود عبر "ليبانون ديبايت" بالقول "قانون منع التدخين في الاماكن العامة وعدم تطبيقه لا يختلف عن قضايا الفساد الأخرى في هذا البلد، فاذا لم يُعجب القانون أحد اصحاب السلطة بكل بساطة لا يطبّقه". وشدّد على أن ما من أحد يمنع التدخين وكل شخص حر ان يختار التدخين أو عدمه، ولكن ليس من حقه ازعاج غير المدخنين والتأثير سلبا على صحتهم، عبر التدخين في اماكن عامة أو مغلقة.

عن المطاعم والمقاهي وغيرها من الأماكن التي اعتبر اصحابها ان القانون قد ضر بمصلحتهم اقتصاديا، وتسبب بخسائر فادحة، أوضح عبود "منذ ان وُضع القانون آنذاك وباشرنا بتطبيقه، سجل هؤلاء اعتراضهم في الوزارة. فأعيد النظر في القانون وتعديله، على شكل ان يستثني بعض الاماكن التي تستوفي شروط معيّنة مذكورة، اي فتحنا المجال امام بعض المطاعم لتسوية امورها، وهذا أكبر دليل انه لا نية في التسبب باي ضرر لأحد، بل العكس. الهدف هو الحد من الامراض الهائلة التي يتسبب بها التدخين. على سبيل المثال، لبنان يتكبّد سنويا خسارة 500 مليون دولار لمعالجة امراض السرطان التي يُعتبر التدخين أحد أبرز مسببها".

انتقد عبّود اصحاب المراكز في السلطة الذين يعيقون تطبيق قانون منع التدخين، علما انه من المدخنين، لكنه شرح عن "بعض الذين يفترض ان يكونوا مثلا اعلى للمواطنين، ولا يدخنون شتى الأنواع في الأماكن المغلقة، ومع ذلك يخالفون هم بأنفسهم القانون الذي عليهم ان يحرصوا على تطبيقه". وأضاف "في البلدان المتحضرة يضطر اي نائب او وزير الى تقديم استقالته إذا اقترف مخالفة قانونية مهما كانت بسيطة".

كما اشار الى ان البداية تكون بتطبيق القانون، من ثمّ الحرص على تطبيقه من قبل السلطات المعنيّة والتشديد في الرقابة، واصدار محاضر ضبط بكل المخالفين من دون اي تغطية أو محسوبية. بالإضافة الى اقامة حملات توعية أكثر عبر الاعلام عن مضار التدخين، حتى يتبع ذلك اضافة رسوم ضريبية على السجائر والتنباك والتبغ المستورد، الامر الذي يحد تدريجياً من نسبة التدخين. العملية تحتاج لسنوات للوصول الى النتائج المطلوبة، على امل ألّا تشتري المافيات اصوات الحرصين على حماية القانون.

في استراليا، يبلغ ثمن علبة السجائر او النرجيلة في المطاعم حوالي 45$، لأن الدولة حريصة على صحة مواطنيها، لهذا السبب تنخفض نسبة المدخنين كثيرا. في المقابل، وبحسب المنظمة الدولية يحتل لبنان المراكز الأولى عربيا وعالميا في قائمة الدول الأكثر استهلاكا للتبغ، ليعلّق الشاب حمزة على هذه النسب قائلا "طبيعي، بلبنان ما عاد عنا شي نفش خلقنا في الّا الدخان".