"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:

بينما تعمل القوى السياسيّة على تفكيك شيفرات القانون الانتخابي والافخاخ التي نتجت بعد إقراره ودرس حظوظ التحالفات، فجّر رئيس تيار المردة، النائب سليمان فرنجيّة، منذ يومين، في مقابلة تلفزيونية، لغماً ارضيّاً من أدما وصلت ارتداداته الى اللقلوق وبنشعي، مُحدثاً فجوة كبيرة في العلاقة بين "المردة" و"الوطنيّ الحرّ" يستحيل ردمها.

تصريحات فرنجيّة الناريّة والقويّة أتت كضربة قاضية للتحالف الخُماسي أو السداسيّ الذي كثر الحديث عنه ورقد في العناية الفائقة بعد صراع الرئاستين الاولى والثانية حول مرسوم الاقدميّة وتوتّر علاقة رئيس مجلس النوّاب نبيه بري مع رئيس الحكومة سعد الحريري إثر توقيعه المرسوم، واعلان الأخير موقفه الرافض لأيّ تحالف مع حزب اللّه.
بالإضافة إلى غيرها من الخلافات المُستجدّة التي أبطلت كليّاً مفعول الحديث الذي أشيع بالتزامن مع "أزمة استقالة الحريري" حول وجود مسعى جديّ لإنشاء تحالف يضمّ التيّار الوطني الحر، وحركة أمل، وحزب الله، وتيار المستقبل، والحزب التقدمي الاشتراكي، واحتمال انضمام "المردة" اليه كونه ينتمي الى المحور نفسه.

الأوساط اعتبرت أنّ "القوى السياسيّة التي استغلّت ازمة الحريري لصنع تحالف كبير وقويّ يضمن وصولها الى المجلس النيابيّ بوجه الاحزاب المُعارضة والمجموعات المدنيّة وكذلك القوّات التي كانت تتعرض لحملة جديّة تهدف الى عزلها، فقدت اليوم فرصتها في تشكيل مثل هذا التجمّع بعد حالات الانفصال والتوتّر وارتفاع حدّة الخلاف بين التيّارات السّابق ذكرها، والتي من المُتوقّع ان تتصاعد أكثر بسبب التشابك الكلامي والاعلامي الحاصل مع وزير العدل سليم جريصاتي".

وأشارت الى أنّ "الأوراق السياسيّة والانتخابيّة عادت واختلطت من جديد، وسط حالات ضياع تُسجّل عند القوى والاحزاب، والتي وضعت بدورها حزب الله في الوسط وأحرجته بين حلفائه المُتخاصمين، الامر الذي من شأنه أن يؤخّر عمليّة حسم خياراته وتحالفاته". هذا الأمر الذي اعكس ايجاباً على "القوات، إذ رأت هذه الأوساط أنّ "القوّات هو المُستفيد الاكبر من تفتّت التجمّع الكبير، خصوصاً على صعيد الشمال، بعدما كان المسعى لإلغاء وجوده هناك عادوا وقدّموا اليه القضاء على طبق من فضّة، وأعادوه كمُنافس اساسيّ وقويّ وحليف ضامن".

ولفتت الأوساط الى أنّ "الحديث الذي كان يُشاع سابقاً حول احتمال حصول تحالف بين الكتائب والقوّات انتفى كليّاً بعد عودة المياه الى مجاريها بين الثنائيّ المسيحيّ، وإيمانهما المُطلق بأنّ في تحالفهما سويّاً مكسب كبير لهما وللبنان بشكل عامّ والسّاحة المسيحيّة. من هنا كثرة اللقاءات بين الجانبين، والاتصالات المُكثّفة لتصحيح العلاقات، وتنقية الأجواء، واعادة تثبيت بنود تفاهم معراب واعلان النوايا، بعد استعراض كافة التباينات، والتي قادها بشكل أساسيّ رئيس التيّار وزير الخارجيّة جبران باسيل، وعرّابا المصالحة التاريخيّة أمين سرّ تكتّل التغيير والاصلاح النّائب ابراهيم كنعان، ووزير الإعلام ملحم الرياشي".

وأشارت، في الوقت نفسه، الى أنّ "الفريقين يدركان تماماً حسابات القانون النسبيّ الذي يحتّم عليهما التحالف في دوائر معيّنة والتنافس ديمقراطيّاً في تلك التي لا مصلحة لهما في المُشاركة بها في لائحة واحدة، الامر الذي يأتي ضمن التنسيق التامّ الذي اتّفقوا على تقويته في هذه المرحلة".

ورأت الأوساط أنّ "معالم التوافق بدأت تظهر في أكثر من مُناسبة، آخرها كان في الجلسة الحكوميّة التي عقدت، الخميس الماضي، والتي شهدت سجالات كثيرة أبرزها بين الوزيرين ملحم الرياشي وعلي قانصوه بشأن فيلم "The Post"، اذ أثنى الأوّل على قرار وزير الداخليّة نهاد المشنوق في السّماح بعرضه، في حين ردّ عليه قانصوه بالإشارة الى أنّ "هذا الكلام لا يعبّر عنه ويقوله الاّ ملحم الرياشي". فما كان من وزير الخارجيّة جبران باسيل الّا أن تدخّل مُدافعاً عن وزير الاعلام مُشدّداً على أنّ "هذا الكلام غير صحيح، فنحن ايضاً نقوله". وهذه الخطوة اللافتة خصوصاً بعد التباينات الكثيرة التي حصلت بين وزراء التيّارين وُضعت في إطار التصوّر المُشترك والمرحلة الجديدة من التعاطي بين الفريقين والتي ستتكرّر في ملفّات واستحقاقات اخرى.