"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:

مستقبل العلاقة اللبنانيّة ـ السعوديّة عاد الى الضوء من جديد، تحت ثلاثة عناوين أساسيّة وأدوار مُهمّة ستُكشف أوراقها أكثر، يوم تحليق الموفد السعودي الى مطار رفيق الحريري الدوليّ، وانتهائه من وضع اللّمسات الأخيرة على برنامج الزيارة و"توضيب" خلف "السبهان" نزار العلولا الملفّات التي يحملها معه الى لبنان.

العنوان الأوّل بحسب أوساط مُتابعة يرتبط بالمَشهد العامّ، والتطوّرات الأخيرة التي ساهمت في بناء جدار سياسيّ فاصل بين الجانبين، وضرورة انطلاق مهام المُكلّف الجديد لادارة الملفّ اللبنانيّ بشكل رسميّ، في حين يتعلّق العنوان الثاني بالملفّ الانتخابيّ واعادة تشغيل الخطوط "الجويّة" بين المملكة وحلفائها في الداخل اللبنانيّ، بينما يتّصل الثالث بالمسألة النفطيّة.

الدكتور سامي نادر الخبير السياسي ومُحلّل شؤون الشرق الأوسط اعتبر أنّ "العنوان السياسيّ السعوديّ معروف لناحية مواجهة ايران ووضع حدّ لتمدّدها في المنطقة، الى جانب الشراكة القائمة مع الولايات المتحدّة، لا سيّما بعد التحوّل السياسيّ الذي أحدثه الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ وصوله الى البيت الأبيض، وبالتزامن مع تغيير الاستراتيجيّة السعوديّة في كيفيّة إدارة الملف العربي، الامر الذي ينعكس حتماً على السّاحة اللبنانيّة".

وفي حين رأى نادر أنّ "ايران استفادت من عهد الرئيس الاميركي السّابق باراك اوباما بالذات، وسياسة غضّ النظر عن التمدّد الايراني، بغية توسيع نفوذها في الشرق الأوسط، تماماً كحال حزب اللّه الذي ومنذ عام 2006 وحتّى اليوم تمكّن من قلب موازين القوى لصالحه"، اعتبر أنّ الفريق المُعادي لإيران لم يعد بالحدّة أو الموقع ذاته، ومواجهة حزب اللّه في الداخل اللبنانيّ باتت أصعب مما كانت عليه سابقاً".

وأشار إلى أنّ "العودة السياسيّة للسعودية الى لبنان قد تحصل من باب مواجهة ايران بالشراكة مع اميركا وبنوع من الحوار مع روسيا"، لكنه استبعد إقدام المملكة على التدخّل في الملفّ الإنتخابيّ مع غياب الأدوات المطلوبة، خصوصاً أنّ المحسوبين عليها دخلوا في تسويات عطّلت وضربت الدور السعوديّ. كما أنّ القانون الانتخابيّ الجديد لم يأتِ لصالح هذه الطبقة السياسيّة، وإنّما سيسمح بتوسيع حدود حزب الله على السّاحة السياسيّة، وتعزيز قدرة الثنائي الشيعي على تكريس التعطيل في السّلطة التشريعيّة من دون الحاجة الى أصوات اضافيّة".

وبالإنتقال الى ملفّ النفط، أشار نادر الى أنّ "السعودية من شأنها أن تُساعد لبنان إذا أراد ذلك، من خلال تعزيز دور الوسيط الأميركي، الذي قد يُضاف اليه ذاك الأوروبي والروسي، من أجل التوصّل الى تسوية نهائيّة". وشدد على أنّ "الوساطة وحدها قادرة على حلّ هذه القضية، اذ لا يُمكن للمراجع الدوليّة أن تحسم الموضوع، خصوصاً أنّ اسرائيل لم توقّع على اتفاقيّة الأمم المتحدّة لقانون البحار 1985، ولا تعترف بنصّه بعكس لبنان".

وأضاف "كُثر يقولون أن الولايات المُتحدة لن تكون من الحلفاء أو الوسطاء الشرفاء في هذا الملف نظراً لعلاقتها وحلفها مع اسرائيل، بيد أنّ المؤشّرات تدلّ على أنّ أميركا هي أقرب الى وجهة النظر اللبنانيّة لا الاسرائيليّة، لانتفاء المصلحة النفطيّة الأميركيّة مع اسرائيل التي تملك شركة واحدة فقط، ولا دور لشركات اسرائيليّة في المُستقبل على هذا الصعيد، الامر الذي يختلف بالنسبة الى لبنان، من هنا الحرص الاميركيّ الاضافيّ على الاستقرار اللبنانيّ".

ولفت المحلل ذاته الى أنّ "الدور لا يقتصر فقط على اميركا، اذ يُمكن دعوة الفرنسيّين مثلاً أو الإيطاليين للانضمام الى جهود الوساطة، على اعتبارهما طرفين اساسيّين في هذا الملفّ من خلال شركتي توتال ووايني". وشدد على أنّ "لا مصلحة للبنان بالتصعيد، بعكس اسرائيل التي تستخرج نفطها وتستفيد من الوقت الذي يلعب ضدّنا. من هنا عليه تفعيل الوساطة وتعزيز هذا الدور الذي وإن دخلت اليه السعوديّة فهي قادرة على التأثير ايضاً نظراً لعلاقاتها الجيّدة مع الجميع".