"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:

يوم اختار رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط العزوف عن الترشّح للانتخابات النيابيّة، لم يُسلّم نجله تيمور العباءة الحزبيّة السياسيّة والنيابيّة فقط، بل وضع على كتفيه كوفيّة دار المُختارة التي اشتهرت بعلاقاتها التاريخيّة مع بيوتات عريقة ومؤثّرة محلياً، ودولياً، وعربياً، وبمشوارها السياسي الطويل مع آل الحريري وانفتاحها في الحقبة الأخيرة على كلّ القوى السياسية.

مساء الإثنين، استقبل رئيس الحكومة سعد الحريري في بيت الوسط النائب جنبلاط ونجله تيمور يرافقهما النواب غازي العريضي، أكرم شهيّب ووائل أبو فاعور، في حضور وزير الثقافة الدكتور غطّاس خوري. وكعادته عبّر جنبلاط على طريقته "التويتريّة" المُميّزة عن مدى صلابة العلاقة مع رئيس الحكومة سعد الحريري. وكذلك فعل نجله تيمور الذي قالها صراحةً وعلناً وكتابةً "معك شيخ سعد للعمل على اخراج لبنان من محنته الاقتصادية، ومعك للعبور الى لبنان أكثر استقراراً داخلياً وخارجياً".

أجواء اللّقاء التي وُصفت بـ"المُمتازة"، حملت رسائل عدّة أجابت في مضمونها على الكثير من علامات الاستفهام حول مصير التحالف بين الطرفين، وتأثير العلاقة المُتوتّرة بين جنبلاط والسعوديّة على خيارات الحريري الانتخابية بمجرّد وصوله الى لبنان.

وفي هذا السّياق، أكّدت مصادر "اللّقاء الديمقراطي" أنّ "العلاقة مع الحريري جيّدة جدّاً، واللقاءات دائماً ما تكون دوريّة، ويتمّ التأكيد فيها على خيار التحالف الثابت. ومن الطبيعي أن يحصل في مراحل معينة تباين في مقاربة بعض الملفّات لكنّ التحالف الاستراتيجي مع تيار المستقبل قائم ومستمرّ، وكلّ فريق سيُعبّر عن نفسه ومبادئه وثوابته في الانتخابات".

وردّت المصادر الموثوقة على كيفيّة ربط العلاقة مع الحريري بالمملكة، بالإشارة الى أنّ "العنصر الخارجيّ لا يدخل في علاقات الحزب السياسيّة مع الأطراف الداخليّة، التي تكون مبنيّة على الشراكة الوطنيّة مع كلّ الأطراف لما في ذلك من مصلحة للبنان". وشددت على أنّ "النائب وليد جنبلاط اتّخذ عام 2009 خياراً حاسماً أن تكون المختارة داراً للسلم الأهلي والتعايش بصرف النظر عن الخسائر التي مُمكن أن يتكبّدها لاحقاً".

ولفتت المصادر الى أنّ "الحزب على علاقة جيّدة مع كلّ القوى السياسية وخطوطه مفتوحة دائماً لأنّ السياسة الداخليّة يجب أن تكون تحت سقف اللعبة الديمقراطيّة والانفتاح والتحالف وإبداء المرونة لخير البلد. فالنظرة يجب أن تتعدّى مسألة الانتخابات التي ليست الا محطّة من المحطّات وتنظيم الأمور للمراحل المُقبلة".

وعن التحالفات الانتخابية، كشفت المصادر نفسها عن أنّ "النقاش تقدّم كثيراً مع تيّار المُستقبل، وبات هناك تفاهم شبه نهائيّ، وكذلك الأمر مع رئيس البرلمان نبيه برّي. فالعلاقة جيّدة جدّاً معه وإيجابيّة، لكنّ التواصل مع الأطراف الأخرى لا يزال قائماً ولم تُحسم الأمور حتّى السّاعة".

من جهتها، أشارت أوساط مستقبليّة الى أنّ "العلاقة مع جنبلاط وإن اهتزّت في أماكن مُعيّنة لا يُمكن أن تنقطع فهي تتعدّى الشقّ السياسيّ والانتخابي، وتقوم بشكل أساسيّ على الرابط الشخصيّ والعائليّ التاريخيّ. من هنا التواصل الدائم والمستمر سواء مع أو من دون تحالفات انتخابية". وأكدت أنّ "العلاقة ستُستكمل حتماً مع تيمور جنبلاط، والمُشوار سيستمرّ الى ما بعد الانتخابات النيابيّة للعمل على تحسين الأوضاع وبناء الدولة التي يستحقّها كلّ لبنانيّ".

ولفتت الى أنّ "كلّ فريق سياسيّ بما فيه تيّار المستقبل والحزب التقدّمي الاشتراكي يعتمد حسابات معيّنة ودقيقة قبل اتّخاذ ايّ قرار متعلّق بالتحالفات التي قد تكون مُنفصلة ومختلفة بين دائرة وأخرى تبعاً للتقسيمات الإداريّة المُعتمدة في القانون الانتخابي الجديد والتغييرات التي أحدثها. وبالتالي، فإنّ التحالف لن يكون مبنيّاً تماماً على العلاقات بين الاحزاب والأفرقاء، بل نتيجة النظام النسبيّ وتفاصيله والحاصل الانتخابي المُفترض تأمينه، وهذا ما يُفسّر الدخول بشكل مُنفرد في دوائر مُعيّنة، والتحالف في أماكن أخرى".