"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:

خشبتا خلاص قادرتان على انقاذ المركب اللبناني من الغرق، وايصاله الى برّ الأمان. الأولى تكمُن في الانتخابات النيابيّة التي من شأنها أن تُجدّد الحياة السياسية وتقوّي مفاصل الدولة وتصنع التغيير المُنتظر. والثانية ترتكز على مؤتمرات الدعم التي تهدف الى انتشال الاقتصاد اللبنانيّ من أزمته وانعاشه من جديد وتدعيم استقراره تفادياً للكارثة الكبرى التي تطاول المرافق والقطاعات كافةً.

وبانتظار الاستحقاق النيابيّ المقرر في السّادس من أيّار المقبل، يتحضّر الأفرقاء اللبنانيّون للمؤتمر الاقتصادي الدوليّ لدعم لبنان "سيدر" المرتقب انعقاده في السّادس من نيسان المقبل، والمؤتمرات اللاحقة له في كل من روما وباريس وبروكسل، التي تهدف الى مساعدة الدولة اللبنانيّة على إحياء مؤسساتها، ودعم الاستقرار السياسيّ والاقتصادي والأمني، ومعالجة مشكلة النازحين السوريين.

يوم الثلاثاء، افتتح رئيس الحكومة سعد الحريري مؤتمر "الاستثمار في البنى التحتيّة في لبنان"، التحضيري لمؤتمر "سيدر 1"، الذي تنظّمه مجموعة الاقتصاد والأعمال بالاشتراك مع مكتب رئاسة مجلس الوزراء وبالتعاون مع الهيئات الاقتصادية اللبنانيّة. ويعتبر الحريري هذا المؤتمر بمثابة الحجر الأساس لسياسة إعماريّة طموحة، والفرصة الأكبر لنسج عقد للاستقرار والنموّ والعمل بين لبنان والمجتمع الدولي.

في هذا السّياق، توقّفت مصادر مطلعة على ملفّ الدعم الدوليّ للبنان عند أهميّة المؤتمرات من زوايا عدّة، إذ "تكمن في كثافة الدول المُشاركة بها سواء الأوروبيّة أو الآسيويّة والعربيّة ولا سيّما الخليجيّة منها. وكان لافتاً عودة السعوديّة بشكل خاص لتُشارك في كلّ المُؤتمرات بعد غيابها عن مؤتمر مجموعة الدعم الدولي من أجل لبنان الذي عُقد في باريس في 8 كانون الأول العام 2017. وهي التي تُعتبر الداعم الأكبر للبنان على مرّ التّاريخ من ناحية المساعدات الماليّة. وهذا دليل صريح عن أنّ صفحة جديدة فتحت بين البلدين بعد الأزمات الأخيرة".

ونوّهت بدور الإمارات "عبر سفيرها في لبنان حمد الشامسي الذي يمتاز بعلاقاته الجيّدة مع مختلف الأطراف اللبنانيّة والذي يؤكّد في كل مناسبة الدعم الإماراتي المستمر لبلاد الأرز سواء في المؤتمرات او في محطّات أخرى".

وأضافت المصادر أن فرنسا تستمر بدورها في إظهار دعمها المتواصل للبنان، ومدى حرصها على الاستقرار اللبنانيّ على المستويات كافة، سواء من خلال مشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شخصيّاً في مؤتمر سيدر، وكذلك عند سعيها في وقت سابق الى التنسيق مع المانيا وايطاليا والبنك الدولي وغيرها من الجهات الدوليّة لعقد المؤتمرات الدوليّة الثلاثة، بالإضافة الى الدور الفرنسي الكبير في حلّ أزمة استقالة الحريري".

ولفتت الى أنّ "هذا المؤتمر يختلف عن باقي المؤتمرات، فهو غير مُرتبط بالشقّ الأمني العسكري أو بالنّازحين، بل يتمحور حول برنامج استثماري، ومشروع اصلاحي تنموي لتثبيت الاستثمارات"، مُعتبرةً أنّ "أهميّة هذا المؤتمر تكمن أيضاً في مشاركة القطاع الخاصّ اللبنانيّ به، الأمر الذي من شأنه أن يعقد شراكة بينه وبين القطاع العام ما ينعكس ايجاباً في ملفّات كثيرة".

ورأت المصادر ذاتها أنّ هذه المؤتمرات وإن دلّت على شيء فهي تؤكّد مدى الحرص الدولي وحتّى العربي على استقرار لبنان. لكنّ في المقابل، وكما يقول المثل "يد واحدة لا تُصفّق"، بمعنى أنّ لبنان هو اليوم أمام فرصة كبيرة جدّاً للعودة الى موقعه الرائد والقويّ، الذي يُغنيه ويعيد للبنانيّين والشباب منهم الأمل بالعيش والعمل في هذا البلد. بيد أنّ هذه الأمنيات تحتاج ملاقاة المسؤولين المحليّين الداعمين الدوليين الى منتصف الطريق، وتعبيدها بالإصلاحات والشفافيّة المطلوبة لضمان نجاح المؤتمرات وحثّ الدول على تقديم المُساعدات للبنان، وفقاً للمصادر.