"ليبانون ديبايت" - كريستل خليل:

يواجه قطاع المياه في لبنان مشكلات حقيقية مدمرة قد تؤدي في حال استمرارها إلى تبديد هذه الثروة الوطنية النادرة وتشويهها. وأبرز المشاكل التي تستنزف المياه هي الاستغلال العشوائي للمياه الجوفية والآبار الارتوازية. العملية ترتبت عليها آثار سلبية عدة بسبب سوء تنظيمها، واستغلال غياب الدولة والقوانين لحفر آبار من دون ترخيص، وغير مستوفية للشروط المنصوص عليها قانونا. لكن هذه المرة الصرخة أتت من أصحاب الآبار المرخصّة والقانونية أنفسهم، وتحديدا من قلب منطقة جل الديب في المتن الشمالي.

اشتكى أحد مستثمري الآبار الارتوازية المستوفية للشروط القانونية لـ"ليبانون ديبايت" عن أنهم تلقوا تبليغاً من القوى الأمنية بضرورة قصد وزارة الطاقة والمياه لتسوية أوضاعهم، خلال 15 يوما بحسب مذكرة قانونية صادرة بشروط واجراءات معيّنة للتمكّن من سحب المياه الجوفية وتوزيعها. وأكد صاحب البئر أنه يملك الرخص والوثائق التي تتيح له ذلك قانونيا.

وتساءل "لماذا هناك استنسابية بمن يطبق عليهم القانون ومن هم فوق القانون ولا يرضخون للسلطة، ويفرضون سيطرتهم بمناطق معينة؟". وأوضح ان لديه رخصة لحفر واستثمار البئر، ويدفع ضريبة سنوية للدولة، "وإذا كان هناك شروط جديدة علينا معرفتها فليبلّغ بها بدل من ان يفرض اجراءات على من هم قانونيون، مقابل غض النظر عمن لا يملكون أي رخص، وحتى التقرير الفني الخاص لموقع البئر المستثمر من قبلهم يكون خارج عن شروط القانون".

ولفت الى ان الوزارة بصدد تركيب عدادات مياه على الآبار المستثمرة، وتستفيد بمبلغ حوالي 600 ليرة لبنانية على كل ألف ليتر مياه يسحب من البئر، وكأنها عملية متاجرة بالمياه الجوفية وهذا ليس مسموحاً، ويستوجب تشريعا من المجلس النيابي، "علينا أولا أن نكون على اطلاع بتفاصيله". وطرح استفهامات عدة حول سبب تحرك القوى الأمنية في هذا الوقت تحديدا، وعن تفتيش مناطق من دون أخرى، مثل منطقة الرويسات، والاستنسابية الطائفية السياسية الحاصلة في هذا الملف.

وإذا كانت المشكلة مواجهة انخفاض مستوى المياه في الآبار الارتوازية، والحد من مشاكل تملح مياه الخزان الجوفي، فهل ستشمل الحملة الآبار المخالفة على مختلف أنواعها، للمنازل والأبنية والشركات والمستثمرين او "شاطرين عناس وناس"، وفقاً لتساؤل المصدر ذاته. أما اعتراضه الأكبر كان على مبالغ قديمة، اذ "طُلب منا كمستثمري الآبار الارتوازية دفعها بمثابة كسور عن السنوات الماضية بحسب نسب المياه التقديرية التي سحبت من الخزانات الجوفية خلال هذه السنوات".

على الطرف الآخر، علّق مكتب وزير الطاقة والمياه بالقول لـ"ليبانون ديبايت" لا وجود لمذكرة جديدة في ما يتعلّق بالآبار الارتوازية، والتشريعات محدّثة منذ عام 2010، وفعالية تطبيقها سائرة على جميع المناطق بعد وضع سياسات واستراتيجيات متكاملة وشاملة ومنسجمة للإدارة الفعّالة للموارد المائية. وجرى سابقا تركيب عدادات في عدد من المناطق.

وأوضح ان العمل الروتيني نفسه مستمر، وعلى من ليس لديه رخص استثمار وحفر تسوية أوضاعه. وحكماً يجب أن يرافق كل بئر ارتوازي بعداد مختوم من احدى الشركات الثلاث التي تتعامل معها الوزارة، ومن الادارة. أما اختلاف الإجراءات، يتغير بحسب خاصية كل بئر ما إذا كان صناعي، أو تجاري، أو سياحي، أو زراعي، او سكني. وشدد على انها مجرد اجراءات روتينية ادارية ضرورية مطلوبة وعلى الجميع الالتزام بها.