"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:

نادراً ما تجد في الحقل السياسيّ إجماع شبه كامل من "الزملاء" الحلفاء والخصوم أو الرأي العامّ على شخصيّة تتعاطى الشّأن العام، النيابيّ والوزاري، الى أن برز اسم ملحم الرياشي، الذي خرق هذه القاعدة، في عمله الصحافي ــ الاستراتيجي ــ الجامعي، فالسياسيّ والحزبيّ كرئيس جهاز التواصل والاعلام في القوات اللبنانيّة، وموفد خاص لرئيس الحزب الدكتور سمير جعجع الى الرئيس ميشال عون، تمكّن مع النّائب ابراهيم كنعان في التوصّل الى "المصالحة المسيحيّة التاريخيّة" وتوقيع وثيقة "اعلان النيّات" في الثاني من حزيران 2015، ليبدأ بعدها تحديّات جديدة في وزارة الإعلام.

الرياشي تمكّن منذ تسلّمه حقيبة الإعلام الوزاريّة من تحقيق مشاريع كثيرة، وتنفيذ قوانين كانت عالقة لفترة طويلة، في وزارة كانت تحتاج الى ورشة عمل كبيرة لتضعها على درب التطوّر والتقدّم، بيد أنّ حلمة الأكبر في تطبيق الخطّة النهضويّة لتلفزيون لبنان لم يتحقّق بعد ولا يزال يخوض لأجله معارك عدّة، فهل يودّع الرياشي وزارة "التواصل والحوار" بعد أشهر قليلة من دون ان يسجّل هذا الإنجاز؟

سباق الرياشي مع الوقت بدأ، والعقبات التي تعرقل وصوله الى خطّ النهاية السعيدة لا تزال قائمة، لكنّه يستغلّ الآن كلّ الصلاحيّات المُعطاة له لاستمرار عمل تلفزيون لبنان، وابعاد الخطر المعيشيّ قدر الإمكان عن الموظفين، وتأمين حسن سير المرفق العامّ الإعلامي من خلال دفع رواتب وأجور وضرائب وإيجارات واشتراكات الأقمار الاصطناعيّة وغيرها من القرارات اللاّزمة للقيام بأعمال الإدارة العاديّة، بانتظار حلّ أزمة تعيين مجلس الإدارة ورئيساً له.

في هذا السّياق، شدّدت مصادر مطّلعة على هذا الملفّ على أنّ "كلّ قرارات الرياشي في هذا السياق قانونيّة ولا تحتاج الى مصادقة مجلس الوزراء لأنها ليست من الاعمال المتعلقة في صلاحيات الجمعيات العمومية العادية او غير العادية المنصوص عليها في المادة 33 من النظام الاساسي، وفق ما صدر عن هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل ورئيستها القاضية ماري دنيز المعوشي".

ولفتت الى أنّ "الوزير الرياشي يقوم بكلّ ما بيده من صلاحيّات وإمكانات لتأمين استمراريّة التلفزيون، وأدّى واجبه كاملاً لناحية إرسال الأسماء الثلاث الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء بغية البتّ بها، وهذا الملفّ لا يزال في عهدة الحكومة ولم يُفرج عنه بعد".

وأشارت المصادر الى أنّ "الأصول القانونيّة المُتبعة لاختيار الأسماء من خلال مجلس الخدمة المدنيّة تمّ احترامها بالكامل، وأوصلت بشارة شربل، ايلي خوري وتوفيق طرابلسي الى المرحلة الأخيرة، مع اسماء مجلس الإدارة وقد تمّ الاتفاق مبدئيّاً على طرابلسي، لكنّ الموضوع متوقّف الآن في أدراج مجلس الوزراء".

ورأت المصادر نفسها أنّ "وزير الإعلام يقوم بدور وزير الوصاية ليدير المرفق بالحدّ الأدنى المنصوص عليه والمسموح به في ظلّ غياب رئيس مجلس الإدارة، المُناطة اليه اكثريّة الصلاحيّات. وسبق له أن عمل على تأسيس مجلس المديرين المؤلّف من المدراء ومستشار الرياشي الاستاذ طوني عيد الذين يتمتعون بكفاءات عالية بغية إدارة التلفزيون في المرحلة الانتقالية بأفضل طريقة ممكنة، والذي في هذا المجال يؤدّي جهوداً استثنائيّة، وسيستمرّ في ملاحقة الموضوع والتذكير به في كلّ مناسبة ليبادر الجميع الى انقاذ التلفزيون".

ونفت المصادر كلّ ما يُحكى عن إقفال تلفزيون لبنان، قائلة "هذه الخطوة لن تحصل ابداً، هو تلفزيون الوطن وكلّ اللبنانيّين من دون استثناء، ويعبّر عن سياسة الدولة اللبنانيّة، وهو عريق جدّاً وغنيّ بأرشيفه الكبير ودوره وسيبقى على أهميّته في حال تعيين مجلس الإدارة وتطبيق الخطّة التي وضعها وزير الاعلام لنهضة التلفزيون والمبنيّة على دراسات عدّة وجهود متواصلة، تُمكّنه من احتلال المراتب الأولى عربيّاً وعالميّاً ومُنافسة اقوى المحطّات المحليّة خلال ستّة عشر شهراً".

وحذّرت المصادر من ان "الوقت يمرّ ويداهمنا وسبق أن أضعنا منه الكثير، وهذا الواقع الصعب ليس لصالح تلفزيون لبنان، من هنا الضرورة في ان تتحرّك الحكومة سريعاً للإفراج عن الملفّ والبت به نهائيّاً".

وعن وضع الموظّفين، أكّدت المصادر نفسها أنّ "التلفزيون يفتقر حتماً الى الإنتاج، لكنّ الموظّفين يقومون بواجباتهم كاملةً ويعملون بشكل طبيعيّ، ويعبّرون عن آرائهم من خلال البيانات ونقابة موظّفي التلفزيون، ودائماً ما يناشدون الرئاسات الثلاث لحسم هذا الملفّ بسرعة".