Beirut
16°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
بلديات
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
رياضة
صناعة الوطن
فعلها "داروين" في لبنان!
عبدالله قمح
|
المصدر:
ليبانون ديبايت
|
الجمعة
06
نيسان
2018
-
0:30
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
يقول تشارلز داروين في نظريّة التطوّر التي وضعها عام 1873م أن "آليّة التطوّر والتغيّر العضوي لدى الكائنات الحيّة والذي يعتمد على الانتخاب الطبيعيّ، تقوم على فكرة أن جميع الكائنات الحيّة من أصل واحد، ابتداءاً من الثدّييات، وانتهاءاً بالكائنات الحيّة ذات الخليّة الواحدة ومنه نشأت كائنات حيّة متنوّعة بفعل التعديل والتطوّر على السلالات الناشئة منه، إلى جانب عمليّة الانتخاب الطبيعيّ".
وبصرف النظر حول الجدليّة العلميّة القائمة بالنسبة لدقّة توصيف داروين من عدمها، ثمّة ثابتة وحيدة في أن النظريّة وتحديداً فكرة "جميع الكائنات الحيّة من أصل واحد" تَصلح للاعتماد ضمن المقاييس اللبنانيّة ويمكن أخذها كسند في تحديد أصل الطبقة السياسيّة، بحيث أن أركانها وأفرادها وكل ما ينتج عنهم، هم في الأصل "خليّة واحدة" تعمل على إعادة إنتاج نفسها بنفسها من خلال عمليّة إنتخاب.
لكن عمليّة الانتخاب هذه لا تخضع لمعايير طبيعيّة بل لمعيار سياسي مصلحي تتم ترجمته من خلال وضع قوانين انتخاب تتراعى واهداف روّاد هذه الطبقة الذين أصبحَ وجودهم فيها أشبه بالعضويّة في نادٍ لكبار الكَسبة ورجال الأعمال، والدخول إليه يتم إن بدفع الدنانير وتقديم المكرمات، أو بنيل بركة التسميات من أركان المحفل وما أكثرهم.
الانتخابات القادمة ليست إستثناءاً، بل مقدّر لها أن تَعكس نفس القيمة المتوخاة من أي عمليّة مماثلة، أي إعادة انتاج السلطة كما يصبوا أصحابها، إذ لن تطرأ التغييرات الجذريّة على المشهد صبيحة 7 أيار 2018 بخلاف ما يجري ترويجه في الزواريب الاعلاميّة. من هنا يتوقّع مرجع سياسي أن يزدادَ عدد الداخلين إلى نادي السياسيين لا أن يتقلّصوا.
مبعث إعتقاد المرجع مبني على قاعدة "إن الحياة إستمراريّة"، لذا يُمعن أركان السياسة في لبنان بإبتكار الجينات الخاصة بتأمين ديمومة وجودهم وإستمراريّة أرزاقهم السياسيّة، ومن ضمن ذلك تحضير البُدلاء لينوبوا عن الأسلاف بعدما إقترب موعد تقاعد الكثير منهم وانتهاء صلاحياتهم.
قاعدتهم لا تأتي من باب ضرورة التجديد التقني وإدخال دمّ جديد في شرايين الدولة أو في مؤسساتهم السياسيّة، بلّ من ضرورة إبقاء القديم على قدمه، وإرخاء يد السيطرة في دوائر القرار، من هنا ودائماً لا يتوخّى من الداخلين الجدد إعطاء أي قيمة تطويريّة مضافة على الأماكن التي قد يدخلوها، وأكثر ما في إمكانهم تحقيقه هو تنفيذ تعديلات هشّة لا تطال جوهر الأمور، مع الإبقاء على إحتمال كسر القاعدة ممكناً ولو جزئياً.
وتأسيساً، ليس هناك من باب أفضل من الانتخابات النيابيّة كي يُعاد إنتاج السلطة، حيث شَهدت في هذا الموسم إرتفاعاً ملحوظاً بنسبة المرشّحين فاق النسب الطبيعيّة. وبعد أن إتضحت صورة الترشيحات واللوائح، بات في الإمكان توزيعهم على خانات كالتالي:
- طبقة المتموّلين أصحاب المال والأعمال
- طبقة الكوادر الحزبيّة
- طبقة الصحافيين والمحللين السياسيين
- طبقة المستشارين الحاليين والسابقين
- طبقة رؤساء البلديّات والموظفين
جزء كبير من هؤلاء المرشّحين خرجوا من أكناف سياسيّة، فمنهم من حظيَ ببركة الانضمام إلى لائحة، ومنهم من وجدَ أن اللعبة أكبر منه فإنصرف إلى شؤونه.
الجزء الذي نجحَ بالعبور إلى اللوائح، وبصرف النظر عن تجاوزه لاحقاً عتبة الحواصل أو الوصول إلى ساحة النجمة أم لا، يبقى الثابت، استناداً على نظريّة المرجع، أنه حجًزَ لنفسهِ مكاناً في النادي، وهذا الحجز سواءٌ خسِرَ أمّ لم يخسَر، يُقدّم له التوظيف اللازم الساعي إليه في إحدى دوائر العمل السياسي الموزّع على المهام الاستشاريّة لنوّاب حاليين أو سابقين أو وزراء قادمين، أو التوظيف الاداري في مؤسّسات الدولة، أو تولّي مهام حزبيّة رفيعة المستوى وصولاً لإمكانيّة التوزير تبعاً للظروف اللاحقة.
ومع أنه ثَبُت بالوجه الشرعي، ليس الآن بل منذ أزمان فائتة، أن الانتخابات هي الممر الالزامي لدخول المعترك السياسي، لذا يطمح حتى أصحاب الشأن الكبار إلى خوض غمارها لتأمين ورقة عبورهم التمثيلي، يبقى أن الصدفة أحياناً أو صلة القربة أو التوريث أو ضربة الحظ حتّى ترفع اسماءاً فوق الريح وتدخلها دخول الكبار إلى نوادٍ سياسية، كاسرةً نظريّة "داروين" نفسه!
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان،
اضغط هنا