"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:

بين سيدة البحار وعروس الشلال، قضاءين منفصلين، جمعتهما قواسم تاريخيّة ثقافيّة سياحيّة كثيرة مشتركة، قبل أن يُضيف اليهما القانون رقم 44 القاسم الانتخابيّ الذي من شأنه أن يفرض معالم تشريعيّة جديدة بعد الصبغة البرتقاليّة ـ الزرقاء التي فرضتها نتائج انتخابات 2009 مع اكتساح التيّار الوطنيّ الحرّ المقاعد الجزينيّة الثلاث، وفوز تيّار المستقبل بحصّة صيدا النيابيّة.

سبعة عشر مرشّحاً اختاروا السّير تحت جناح أربعة لوائح منفصلة لتحقيق هدف واحد يتمثّل في كسب أكبر عدد مُمكن من أصوات 122382 ناخب محليّ واغترابيّ، لتمثيل صيدا ـ جزين برلمانيّاً، عبر المقاعد الخمسة التي تتوزّع على السنة بمقعدين، الموارنة بنائبين، والروم الكاثوليك بمقعد نيابيّ واحد، انطلاقاً من تحالفات رفعت خارطتها من حدّة المعركة. كما زوّدت جرعة التنافس بين الأحزاب والشخصيّات والقوى السياسيّة ووضعت اسماء في خطر السقوط المُبكر، وشخصيّات مرتاحة في "مياه صيفيّة باردة" قد تُسخّن درجتها غيمة سياسيّة، مُحمّلة بشتاء "نوّار" المتوقّع.

المنافسة في دائرة لبنان الجنوبي الاولى ستكون الأشدّ بين ثلاثة لوائح انتخابيّة هي "لكلّ الناس" المدعومة من الثنائي الشيعي، "صيدا وجزين معاً" التي تضمّ تحالف التيّار الوطني الحرّ والجماعة الاسلاميّة والدكتور عبد الرحمن البزري، و"التكامل والكرامة" المدعومة من تحالف تيار المستقبل ومستقلين. فيما تخوض لائحة "قدرة التغيير" التي جمعت حزبي القوّات والكتائب، معركة الحاصل الانتخابي الذي قد يُخرجها من السباق الانتخابي في الجولة الاولى.

في هذا السّياق، يلفت الباحث في الشركة الدولية للمعلومات محمد شمس الدين الى أنّ "التوقّعات تشير إلى احتمال وصول عدد المقترعين الى سبعين ألفاً، يتوزّع حوالي ثلاثة وستّين ألف منهم بشكل شبه متقارب على اللوائح الاولى الثلاث التي تضمن لنفسها مقعداً نيابيّاً واحداً، فيما تحصل لائحة "قدرة التغيير" على سبعة الاف صوت بالحدّ الأقصى، في نسبة لن تُمكّنها من تأمين الحاصل الانتخابي المُقدّر بأربعة عشر ألف صوت تقريباً".

وأوضح شمس الدين أنّ "التنافس بين اللوائح الثلاث يرتكز بشكل اساسيّ على الكسر الأكبر الذي يخولّهم تأمين المقعد الثاني، إذ إنّ المنافسة تدور على مقعدين متوقّعين هما الكاثوليكي، والماروني الثاني، قد ينضمّ اليهما المقعد السنيّ الثاني، على اعتبار أنّ الأمور لم تحسم بعد وقد تغيّرها تفاهمات الأيام الأخيرة التي تسبق موعد الانتخابات".

وأشار بمعنى آخر إلى أنّه "في حال تخلّى حزب القوّات في اللحظة الاخيرة عن اللائحة التي يدعمها والتي من الصعب جدّاً أن تؤمّن الحاصل الانتخابي، وذهب باتجاه دعم تيّار المستقبل نتيجة تفاهم سياسيّ معيّن يبقي اللائحة المُسجّلة حبراً على ورق، عندها تفوز لائحة "التكامل والكرامة" حكماً بمقعدين. الامر نفسه ينطبق على الأصوات الشيعيّة التي في حال صبّ بعضها لصالح الوطنيّ الحرّ، فإنّ بمقدور التيّار في هذه الحالة ان يؤمّن مقعدين نيابيين بسهولة، علماً أنّ المسؤولين الشيعة قرّروا دعم لائحة إبراهيم عازار في خطوة تعزّز حظوظه على باقي المرشّحين".

بدورها، اشارت اوساط جنوبيّة الى أنّ "النائب بهية الحريري مرتاحة جدّاً نظراً للشعبية الكبيرة التي تتمتّع بها وستمنحها ثقتها مرّة جديدة. ومن أبرز المنافسين على المقعد السني الثاني سيكون رئيس لائحة "لكل الناس" الدكتور اسامة سعد، بينما ترتفع حظوظ المرشح زياد اسود على الصعيد الماروني هو النائب الجريء بمواقفه وخطواته والقريب من الجزينيّين ميدانيّاً وحياتيّاً. وكذلك حظوظ النائب امل بو زيد الذي يرغب بوكالة جديدة كاملة ليلبي طموحات اهالي عروس الشلال ويكون كلمتهم في الندوة البرلمانيّة. الا ان المرشح ابراهيم عازار قد يفرّق بينهما ويسحب من واحد منهما المقعد الماروني هو الحائز على ثقة الثنائي الشيعي، ليبقى التنافس الاشد على المقعد الكاثوليكي بين "الخوريين".

في المقابل، أكدت مصادر خاصّة أنّ "لائحة قدرة التغيير تدرك تماماً صعوبة المعركة، والواقع الذي فرضه القانون الانتخابيّ الجديد بتقسيماته الاداريّة وحواصله الانتخابية، لكنّ الماكينة الانتخابيّة تعمل بجديّة ونشاط متواصل ومستمرّ برزت معالمه يوم الأحد خلال الاحتفال الرسميّ الذي أعدّ للإعلان عن اللائحة والذي شهد توجّه موكب قوّاتي يضمّ أكثر من 700 سيّارة الى جزين لدعم المرشّحين، والوقوف الى جانبهم، ايماناً منهم بأنّ المستحيل عندهم غير وارد، بعكس حال المفاجآت".