"ليبانون ديبايت" ــ فيفيان الخولي

هل ينتخب برلمان 2018 رئيس مجلس النواب نبيه برّي مجدداً؟ لماذا يُعاد انتخابه للمرة السادسة على التوالي؟ وفي حال ترفض الأكثرية الرجل، هل هناك من بديل؟ هذه الأسئلة وغيرها تُطرح بعد كل استحقاق نيابي.

أحد السياسيين المخضرمين يطرح سؤالاً أعمق، "كيف يمكن انتخاب رئيس للمجلس النيابي غير نبيه برّي إذا كانت الشخصيات الشيعية المنتخَبة لا تمثّل طائفتها، أي منتخَبة من خلال رافعات غير شيعية؟ ويجيب في الوقت عينه، أنه لا يمكن إيصال هذه الشخصيات إلى موقع شيعي في رئاسة المجلس.

ويستفيض في الحديث مشيراً إلى أن موضوع تداول السلطة في رئاسة البرلمان مسؤولية في الدرجة الأولى داخل البيئة الشيعية المحتكَرة التمثيل للأسف من قبل ثنائية حزبية (حركة أمل وحزب الله) نتيجة عوامل عدة، تبدأ بقوانين الانتخاب ولا تنتهي بالسلاح، وبينهما القدرة على التوظيف السياسي في الدولة وإنشاء دورة اقتصادية متكاملة. لكل هذه العوامل مجتمعة لم تنجح أية حالة شيعية أخرى في اختراق هذا الواقع لتقدّم بديلاً.

لكنه في الوقت عينه يرفض انتخاب شخصيات شيعية لا علاقة لها ببيئتها، باعتبار أنه يتوجّب أن يعكس الشخص الموجود في الرئاسات الثلاث بيئته السياسية. كما أنّ المعضلة الأساسية ليست بشخص بري، بل بالمكوّن الشيعي الذي يريد ترشيح هذه الشخصية الشيعية، ولا يوجد منافس في المقابل أو حتى بديل. وبالتالي في حال جيء بشخصية شيعية لا تمثّل الوجدان الشيعي، كأنه استهداف لبيئة سياسية ووطنية معيّنة، وضرب ميثاق العيش المشترك كلبنانيين.

لذلك يقع التحدي الأساسي على المكوّن الشيعي الذي يجب أن يؤسس في هذه الانتخابات لحالة شيعية، على الرغم من الصعاب التي يناضل فيها، تستطيع أن تحدث خرقاً على المستوى النيابي وتقدم البدائل في مرحلة سياسية لاحقة. "وإما علينا تحديث النظام السياسي عبر إلغاء الطائفية، أي اللعب على الأكثرية والأقلية، وهذا مستحيل"، وفقاً للسياسي ذاته.

وفي تفنيد سريع للأحزاب المعارِضة والمؤيدة للتجديد لبرّي، يبدو أنّ التيار الوطني الحرّ سيبعث برسالة للرئيس بري مفادها "أنك لم تنتخب الرئيس عون لذلك لن ننتخبك". وستبدأ معركة الأصوات في ما بينهما، إذ سيحاول "الوطني الحرّ" تخفيض الرقم الذي سيوصل بري إلى رئاسة البرلمان مجدداً، في الوقت الذي ستبقى العلاقة في ما بينهما متوترة من دون سياج.

أمّا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يكرّر عبارة "بعد بكير" لإعطاء الجواب عما إذا كان سينتخب بري أم لا. وهنا لا بدّ من التذكير بموقف القوات الذي سيتأثر حتماً بتلك السابقة، إذ لم تصوّت كتلته في الدورتين 2005 و2009 لصالح بري، لأن الحزب ضد سياساته على المستوى الوطني من خلال تأييده لسياسة حزب الله، وخيار المقاومة، وبري يدرك تماماً هذا الأمر. والقوات يتعامل مع هذه المواقف انطلاقاً من موقفه المبدئي الوطني، وهو طبعاً يميّز الأمر عن العلاقة الشخصية الجيدة ببري.

بدوره، يبدو أن سياسة حزب الكتائب اللبنانية المتّجهة نحو المدني وفي الوقت عينه مع القوات، وتأسيس جبهة معارضة ضد السلطة، تشير إلى حالة رفض التجديد لبري.

في المقابل، خيار تيار المردة محسوم، خصوصاً أنّ بري رشّح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. أما الحزب التقدمي الاشتراكي يجمعه ببري حلف قديم تاريخي، وكان لدى النائب وليد جنبلاط وبري طموح أن يعيدا احياء الحلف الثلاثي إلى جانب رئيس الحكومة سعد الحريري، لكن الأخير مال نحو الرئيس ميشال عون، لذلك يعملان جاهدين لاستعادته. إذاً، خيار الاشتراكي محسوم لصالح بري.

وتيار المستقبل أكّد تأييده لبري عبر الحريري الذي قالها في أكثر من مناسبة إنه سيعيد اختيار الرجل. فيما يبدو أن حزب الله مرغم بحركة أمل لأن هناك واقعاً سياسياً على الأرض لا يمكنه الخروج عنه، من خلال وجود بري في رئاسة المجلس الذي استطاع أن يخلق حالة على المستوى المؤسساتي لا يستهان بها، بالإضافة إلى شبكته الكبيرة على الأرض. كما أن الحزب يهاب بري وبحاجة لشخصه على المستوى الدولي ومن خلال توزيع الأدوار في ما بينهما.