"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:

عام 1960، عقد المرشّحون للرئاسة الأميركيّة جون كينيدي وريتشارد نيكسون مناظرة تلفزيونيّة علنيّة، شاهدها أكثر من سبعين مليون شخص، وتمكّنت بفضل نجاحها الكبير من جذب الدول التي تتمتّع بنظام ديمقراطي الى اعتماد هذه الأساليب الفعّالة للوصول الى أكبر عدد من النّاخبين وطرح مشاريعهم وبرامجهم الانتخابية التي من شأنها أن تلعب دوراً مؤثّراً في وجهة التصويت، في غالبيّة الاستحقاقات.

اليوم، يخوض لبنان معركة انتخابيّة حامية، وفق قانون انتخابي جديد أتى بعناوين سياسيّة ضخمة لتكريس الحقوق وصحّة التمثيل. لكنّه لم يتمكّن من فرض أصول اللعبة الديمقراطيّة كما يجب، اذ يلجأ العدد الأكبر من المرشحين الى استخدام وسائل غير علنيّة، خفيّة، من تحت الطاولة لضرب منافسيهم في اللوائح الأخرى وضمن البيت الواحد ايضاً، وتشويه السمعة والصورة، واللجوء الى طريقة التراشق الاعلامي المنفصل بدل القبول بالمواجهة المباشرة.

وسط هذه الضبابيّة الديمقراطيّة، يحاول بعض المرشّحين قدر المستطاع الدعوة الى مثل هذه المناظرات ايماناً منهم بأنها من أرقى الوسائل الواجب استخدامها في كلّ الاستحقاقات، خصوصاً النيابيّ منه على اعتبار انّ صوت المواطن في لبنان هو الطريق الذي على المرشّح ان يسلكه باتجاه ساحة النجمة، فكانت اوّل مناظرة بين عدد من المرشّحين من مختلف اللوائح الانتخابية في دائرة الشمال الأولى، بحضور عدد من الناشطين المدنيّين.

تطرّق النقاش الى المشاريع المقرر تحقيقها، والثغرات التي تعتري القانون الانتخابيّ الجديد، مع الدعوة الى تعديل التمثيل السياسيّ لعكار بما يتناسب مع حجمها الانتخابي، وغيرها الكثير من المواضيع التي طرحت في ظلّ اجواء هادئة تصبّ جميعها في مصلحة عكّار.

فيما قدّم جعفر عبد الكريم عبر برنامج "شباب توك" مناظرة تلفزيونيّة مميزة تُبثّ على شاشة "دويتشه فيله عربية" و"قناة الجديد"، استمرّت لأكثر من ساعتين بين ستّة مرشّحين هم المرشح عن "التيار الوطني الحر" أدي معلوف، والمرشح عن "تيار المستقبل" شادي نشابة، المرشحين المستقلين والمدنييّن حاتم حلاوي ونعمت بدر الدين ومارك ضو والمرشحة جمانة حداد، في ظلّ مشاركة الجمهور بالاقتراع مباشرة على الهواء.

في هذا السياق، يدعو عدد كبير من المرشّحين الى اجراء مناظرات علنيّة، الّا ان معظم الدعوات تُترك معلّقة من دون ردّ أو جواب، وآخرها دعوة المرشح عن لائحة "كلنا وطني" في دائرة بيروت الأولى لوسيان بو رجيلي للمرشّح عن لائحة "بيروت الأولى" ميشال فرعون والمرشّح عن لائحة "بيروت الأولى القوية" نقولا صحناوي الذي سبق أن دعا وزير الدولة لشؤون التخطيط للإقدام على هذه المواجهة، جاءه الردّ من الأخير أنّ "الموضوع لا يهمّه كثيراً ولم يضعه حتّى على الأجندة".

مصادر مقرّبة من وزير الاتصالات السّابق أكّدت أنّ دعوة صحناوي لا تزال قائمة، وهو مستعدّ في أيّ وقت لإجراء المناظرة الثلاثيّة والتوجّه بها الى النّاخبين في منطقة الأشرفيّة والدائرة بشكل عام، متمنية على المرشح بو رجيلي اقناع الوزير فرعون بذلك بعدما سبق أن طالب الوزير السّابق صحناوي أكثر من مرّة.

المرشّح عن المقعد الماروني في جبيل ــ كسروان زياد حواط الذي يدعو ويؤيّد المناظرات، وجّه بدوره الدعوة مرّة أخرى الى المرشّحين، معتبراً أنّ "السّباق يجب ان يكون في المشاريع وعليها لخدمة المنطقة وأهلها، وحول الرؤى المتطوّرة لمستقبل البلد السيادي القويّ الذي نحلم به دوماً، وعلى الناخب ان يختار بين المشروعين".

ورأى حواط أنّ "هناك وعود واهية وغياب للإنجازات وسوء إدارة مستمرّ منذ ثلاثة عشر عاماً يحول دون قبول المرشّحين في اللوائح الاخرى من القبول بالمناظرة، لا سيّما أنّها غير منسجمة مع بعضها بالحدّ الأدنى ولا تتبنى مشاريع وخطط مشتركة".

بدوره، أكّد المرشّح عن مقعد الروم الأرثوذكس في دائرة بيروت الاولى عماد واكيم أنّه "يؤيّد المناظرات العلنيّة بين المرشحين، ولن يرفض تلبية اي دعوة في هذا السياق، خصوصاً إذا كان المراد منها تحقيق أهدافها ومبادئها التي تتمثّل في طرح مشروعين اساسيّين في الشقين السياسيّ والاجتماعي، أمام المواطنين الناخبين حتى يختاروا المرشّح الأفضل بالنسبة إليهم".

واذ رأى أنّ "المؤشّرات لا تبشّر بالخير على صعيد اجراء المناظرات"، أسف "للطريقة التي يتمّ فيها تناول المرشّحين بالشخصيّ في أكثر من مناسبة ولقاء ومقابلة، والتي لن يردّ عليها بالأسلوب نفسه".