"ليبانون ديبايت" - كريستل خليل:

في مقدّمة لسلسلة عمليات متلاحقة, وفي مشهد يُعتبر الأول في انتقال نازحين سوريين من لبنان الى مناطق آمنة سورية, تم اجلاء 500 نازح سوري من شبعا وحاصبيا عبر المصنع بتنسيق مباشر بين السلطات السورية والنازحين ‏أنفسهم. تواصلت منظمة UNHCR (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) مع النازحين الراغبين في عودتهم، وتأكدت ان عودتهم طوعية بملء إرادتهم.

تمّت عملية الاجلاء بإشراف أكثر من جهة, ولم تتعثّر. لكن ما أثار بلبلة فعليّة هو تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" الذي تلى العملية ودان إجبار مئات اللاجئين السوريين في لبنان على مغادرة أماكن سكنهم وطردهم من عدد من المدن والبلدات قسرًا.

في هذا السياق، أكّد وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي في حديث لـ"ليبانون ديبايت" ان هناك بلديات تقوم فعلاً بترحيل السوريين منها قسرا, عبر طردهم لأسباب دينية وعنصرية. وأشار الى ان ما ورد بتقرير هيومن رايتس صحيح, وهناك حوالي 13 بلدية من مختلف المناطق اللبنانية تهين النازحين وتجبرهم على الخروج منها.

وأوضح الوزير ان التقرير لا يشمل الاجلاء الأخير الذي حصل من مناطق شبعا. لكنه أكد أنهم على علم بالعنصرية التي تمارسها بعض البلديات وتصرفاتها غير الانسانية مع النازحين وستتخذ الوزارة الاجراءات اللاّزمة. ودان ما يحصل قائلا "معليش كلنا تهجّرنا ومنعرف القيمة".

هيومن رايتس حدّدت عبر التقرير ان حوالي 13 بلدية في لبنان أجلت قسراً 3664 لاجئاً سورياً من منازلهم وطردتهم من البلديات، محذّرة من أن 42 ألفاً آخرين يواجهون الخطر ذاته. في هذا الاطار، لفت نائب رئيس بلدية شبعا باسم هاشم في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" الى انه واكب الأمر منذ بداية النزوح السوري.

وأضاف هاشم "استقبلنا عدداً من النازحين يفوق طاقاتنا, واستقر في شبعا حوالي 3500 نازح اليوم. وبعد مصالحات ذات وتيرة عالية بتعاون فعاليات المنطقة مع قيادات سورية, تمّ تأجيلها أكثر من مرّة بسبب الظروف, تمّت أخيراً عملية الاجلاء برغبة من النازحين انفسهم".

من شبعا والمناطق المجاورة قام حوالي 500 نازح بتسجيل أسمائهم راغبين بالعودة الآمنة الى سوريا. ويتحضّر عدد اضافي منهم للعودة, منتظرين انتهاء عام أطفالهم الدراسي, بحسب ما أكده هاشم.

رفض نائب رئيس بلدية شبعا بشكل قاطع ما يجري في بلديات أخرى من طرد قسري للنازحين، معتبرا الأمر "ليس من شيمنا". ورأى ان الشرخ السياسي الحاصل في البلد هو أساس التمييز الذي ترتكبه بعض البلديات, آملا التعامل مع الموضوع بأقل طائفية وعنصرية. وشدد على انه واكب عملية الاجلاء بتفاصيلها ولم تشهد أي عمل قسري او اجبار احد على المغادرة رغماً عن ارادته.

لا شك ان أعداد النازحين ومدّة لجوئهم إلى لبنان زادت الأعباء أمنيا, واقتصاديا واجتماعيا على البلد، انما هذا الأمر لا يبرر التصرف معهم بعنصرية وتقييهم على أسس طائفية أو سياسية. والأكيد أنّه لا يبرر طردهم من بلداتهم وأشغالهم قسرا. على أمل ان تؤمَّن عودتهم الى سوريا تحت اشراف جهات مختصّة, بانتظار انتهاء هذه الحرب الهوجاء.