"ليبانون ديبايت" - فادي عيد:

يلاحظ أكثر من مصدر مواكب للحراك الانتخابي النيابي، أن قانون الانتخابات الجديد جرى "إفراغه" من مضمونه النسبي وتحويله أقرب ما يكون إلى القانون الأكثري، بحيث يلعب "الصوت التفضيلي" و"الحاصل الإنتخابي" الدور الفصل في استحواذ مرشّحين معينين على غالبية المقاعد النيابية. وتتّسم هذه الانتخابات بـ"الصراع" ضمن الصف الواحد وداخل الطوائف والأحزاب للوصول إلى ساحة النجمة، بوصفها "برّ الأمان".

وعليه، كان لا بدّ للمرشّحين وأحزابهم أن "تلعبها صحّ"، وأن تختار المسار التحالفي الأنسب لها ولمرشحيها، علماً أنه بقدر ما يؤمّن مصلحة المرشّحين، يحول من دون أن يتحوّلوا "مطيّة" للآخرين، ووقود دفع لقطارهم الإنتخابي المختلف المحطات والمتناقض المسارات.

لم يحتمل المرشح غسان الأشقر، ممارسات حلفائه المفترضين على اللائحة الواحدة. هو عبّر في أكثر من مناسبة عن انزعاجه منهم ومن أدائهم الذي سيؤدي حتماً إلى عزله، وبالتالي خسارته المعركة الإنتخابية في المتن.

اشتكى الأشقر من "غياب التنسيق" بينه وبين زملائه على لائحة التيار الوطني الحر، بشكل يوحي بأن الهدف من ضمّه إلى اللائحة هو فقط الإستفادة من صبّ الأصوات القومية لزيادة الحاصل الإنتخابي للائحة المتن القوي، وذلك، بصرف النظر عن تعزيز فرص المرشح القومي فيها غسّان الأشقر.

وانطلاقاً من هذا الواقع، ناشد المرشح القومي على لائحة الوفاء المتنية الدكتور ميلاد السبعلي، المرشح غسان الأشقر لاتخاذ "موقف تاريخي إعتراضي، شبيه بالموقف الذي اتخذه السبعلي يوم انسحب من معركة 2009 لصالح الأشقر".

واعتبر السبعلي في كلمة له خلال افتتاحه مكتباً انتخابياً في بلدة ضهور الشوير الأسبوع الماضي، أن انسحاب الأشقر "يوحّد صفوف القوميين في المتن، ويُجنّب الأشقر والحزب خسارة المعركة نتيجة مضايقات حلفائه، ويؤمّن وصول مرشح قومي في المتن على لائحة الوفاء المتنية".

وبالتالي، فإن انسحاب الأشقر هو "مصلحة قومية"، كما يصفها المراقبون، خصوصًا في ظلّ تنامي انعدام الثقة بين الأشقر وزملائه على اللائحة، وصعوبة اختراقه في ظل وجود مرشحين آخرين على نفس اللائحة "يأكلون من صحنه" مثل كورين الأشقر والياس بو صعب. وتصبح ظروف المعركة أكثر تعقيداً في ظل وجود "أصحاب الملايين" في المتن بشكل عام.

وصرّح خبير الإحصاءات كمال فغالي على إحدى القنوات التلفزيونية، أخيرًا أن حظوظ الأشقر شبه معدومة، إلا إذا نالت لائحة المتن القوي خمسة مقاعد وأكثر، وهو أمر مستبعد، خاصة، كما أضاف الفغالي، أن أكثر من نصف الأصوات الشيعية في المتن سيصبّ لصالح لائحة "الوفاء المتنية".

أما في المقلب الآخر، يبدو المرشح القومي على لائحة الوفاء المتنية متمكناً من خيوط اللعبة، واثقاً بتحالفاته. إذ يرى المرشح السبعلي، أن خوض المعركة إلى جانب الرئيس ميشال المرّ، أسهل بالنسبة للحزب القومي منها على لوائح التيار الوطني الحرّ. فعلى الرغم من كل الظروف التي رافقت تشكيل لائحة الوفاء المتنية بالتحالف مع المرّ، والضغوطات التي مورست لمنع تشكيلها، تحوّلت المعركة إلى معركة سياسية وطنية بامتياز، مع اكتساب اللائحة دعماً عابراً للمناطق والطوائف والأحزاب. إذ عبّر رئيس مجلس النواب نبيه بري، والوزير السابق النائب سليمان فرنجية، عن دعمهما لـ"الوفاء المتنية"، في حين تحاول لائحة المتن القوي استثمار إسم الرئيس ميشال عون، للقول إنها هي لائحة العهد، علماً أنّ رئيس الجمهورية وأجهزة الدولة يجب أن تكون على مسافة واحدة من الجميع.

على أي حال، يبدو السبعلي مرتاحاً لموقعه وإدارته للمعركة أكثر من الأشقر. ومن هذا المنطلق، يدعو السبعلي، رفاقه والمواطنين، إلى المشاركة الكثيفة في الإستحقاق الإنتخابي الوشيك، ومنح أصواتهم التفضيلية للبرنامج الإنتخابي الذي يقدّم رؤية نهضوية واستراتيجية على مستوى الوطن، مقدّماً برنامجه الإنتخابي المُرتكز إلى "مشروع الحزب القومي ومبادئه الإصلاحية، وخطه التاريخي المبدئي"، إضافة إلى عرض ملامح استراتيجية إقتصادية حديثة تُدخل لبنان إلى عصر اقتصاد المعرفة، مما يساهم في توفير فرص عمل محلية وتكبير حجم الإقتصاد، واجتذاب الكفاءات المهاجرة والإستثمارات، وتفعيل دور جديد للبنان في المنطقة، يُسهم في تسريع إدخالها في عصر اقتصاد المعرفة، والتأسيس لمجلس تعاون في دول المشرق العربي.