Beirut
16°
|
Coming
Soon
Coming
Soon
بلديات
الرئيسية
الأخبار المهمة
رادار
بحث وتحري
المحلية
اقليمي ودولي
أمن وقضاء
رياضة
صناعة الوطن
إنتَخبت "ذقن السِيد حَسِن"
عبدالله قمح
|
المصدر:
ليبانون ديبايت
|
الثلاثاء
08
أيار
2018
-
1:00
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
شدَّ الحاج أبو أحمد حزامه على وسطه منذ أن أشرقت شمس الأحد، ثم أتخذَ عصاه وبدأ يجول في المنزل العتيق الذي انهكته الحرب ولم تسقطه. يجول من غرفة إلى غرفة منادياً على السامعين ليستيقظوا. لماذا تنادي يا حاج.. "طُلع الضاو خدوني لروح إنتخب السِيِد حَسِن".
هذا هو لسان حال العجوز الثمانيني الذي أبا إلا أن يمنح صوته للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله (بشخص اللائحة) لسببين: "الأول أن أصله من عِنِي" يقول أبو أحمد أبن بلدة الطيبة قضاء مرجعيون، والثاني "كرمال لمئاومة (المقاومة) والشَبِب".
هكذا بلكنته الجنوبيّة البريئة يختصر كل الحكاية. الصوت هنا لسيِد حسِن! نشأت علاقة عشق بين السيِد (كما يُنادى هنا) "أشد من حب قيس لليلى" كما يفسّر أبو أحمد الأمر.. ماذا عن حزب الله؟ يجيب "بتقصد المئاومة (المقاومة)؟ الله يحميهن ويحمي السِيِد حَسِن".
يصعب في الجنوب فك ربط المقاومة بالسيّد حسن نصرالله. شخيصتان تكمّلان بعضهما، عند هذه الحدود تُخط علاقة الناس بحزب الله الذي يعرف هنا بالمقاومة لا بإسمه المشهور "حزب الله".
ليس أبو أحمد إستثناءاً.. أم علي مرمر صورة طبق الأصل عنه ولو أنّهما لا يتصلان بالقربة. أم علي انتظرت ساعات كي تصل الهيئة الصحيّة الإسلاميّة من أجل نقلها إلى قلم الإقتراع الكائن في رسميّة الطيبة. "الدرج طويل يا خالتي ما فيني أمشي وأطلع". العجوز الثمانينيّة لديها آلام متنوّعة نحتت على جسدها دون أن يمسها وهن. توجّهت إلى القلم وإقترعت لـ"ذقن السِيد حَسِن"..! ليش "الذقن؟" يأتيك الجواب سريعاً.. "لأنّها شابت وهي تحمينا.. أنا نهدّ بيتي مرتين يا خالتي وينهد تالت مرا ولا ينهد السِيِد"، علماً أنها أبلغتنا بإقتراعها دون خطأ وهذا يرتسم لديك من شرحها للقانون.. ولبركةِ بالشَبِب أيضاً.
نساء وكهول، شيوخ وعجزة كثر صدح اسمهم بأبجديّة بالتوجه السياسي الذي صبغ المنطقة، ليس احتكاراً بل عن سابق الاصرار والتصميم.. فاذا كان كبار القوم على هذا النحو فما بالك الشباب منهم.. هؤلاء حدّث ولا حرج، يقترعون ليس فقط للسيّد، بل للدماء والشهداء والخط، حتى أن للحاج عماد مغنيّة نسبة تصويت هنا.. يقترعون للرضوان!
في المشهد العام لعمليّة الاقتراع في دائرة الجنوب الثالثة ذات الغالبيّة الشيعيّة، شكل يوم الإنتخاب بالنسبة لهم يوماً للاستفتاء على خط وليس اقتراعاً على برنامج سياسي، لذا سعت الغالبيّة التي شاركت (إقترع زهاء الـ49.9%) أن توصل ليس أرقاماً فقط، بل أصواتاً تصدح بهويّة هذه المنطقة السياسي، وعملت على إثبات وجهّة نظرها القائمة على حضور المقاومة في المنطقة، من خلال ليس فقط الاقتراع والإزدحام على أبواب المراكز، بل عبر الجولات السيّارة الذي صبغت النهار الطويل.
لكن وعلى الرغم من هذا التأييد لا تنصبغ الجنوب 3 بلون حزبي واحد بل تتميّز بتعدديّة طائفيّة - حزبيّة شاركت في معركة إنتخابيّة غابت عنها وسائل الاعلام، بحيث كان لمرشحي الأحزاب المناوئة لحزب الله وحركة أمل مرشحان صريحان هما فادي سلامة عن المقعد الاورثودوكسي (قوات لبنانية) و عماد الخطيب عن المقعد السني (تيّار مستقبل)، فضلاً عن مرشحين آخرين تباروا على الاحجام وليس الأرقام أو على إستعادة مقعد كحال المرشح الاورثودوكسي العوني شادي مسعد.
المشهد في القرى المسيحيّة التابعة لقضاء مرجعيون، وقرى حاصبيا وشبعا مختلف. في الأولى يقوم الاقتراع على "إثبات الوجود". لا يخفي أحد القواتيين في القليعة هذا التوجّه. يبرره بالقول ان أصواتنا محدودة جداً، وأساساً المسجّلين لا يقترعون! كلام ثبت أنه دقيق عند إغلاق الصناديق التي اقفلت على نسبة متدنيّة جداً من المشاركة. بالنسبة للعونيين الأمر مغاير "نقترع لإستعادة حقنا" (بالاشارة منهم إلى استحواذ النائب اسعد حردان على المقعد منذ عام 1992).
في قرى حاصبيا المشهد مغاير. هنا البيعة للـ"بيك" يقول أحد الاشتراكيين الذي يقف بالقرب من مركز إقتراع مدرسة الصبيان، الذي يؤدي اليها طرقات أشبه بسراديب مكتظة.
"انظر.. (يشير بيده إلى عواميد الكهرباء) كلها أعلام تقدمية! حاصبيا جنبلاطية يا شيخ" لكن اباعلام فقط يثبت الوجود؟ يجيب " لا! سنثبتنه بالصندوق" لصالح من؟.. "ليش في غيروه، الاستاذ أنور (الخليل)". يجيبه صديقه همساً "له أنور بيك!" (ساخراً) ينتفض ويصرخ "لا! فش بيك غير وليد بيك" ثم يضيف "..وتيمور أيضاً".
علاقة حاصبيا بمحيطها "جيدة جداً" يقول الإشتراكي الذي لا يستهويه رؤية رايات "ارسلانيّة". يركن إلى علاقة النائب وليد جنبلاط بالرئيس نبيه بري. "عشنا كل الفترة الماضية سوا. نحن اهل. مناكول من خير بعض.. منزرع بحاصبيا ومنبيع بكفركلا والجديدة (مرجعيون)". ينطبق على حزب الله ما ينطبق على حركة امل ايضاً.
ديمقراطيو "حاصبيا" لا يتقبلون كلام الإشتراكي، يركنون في ترشيح "المير" لوسام شروف كدليل على وجودهم، فضلاً عن حيثيتهم الشعبية التي اثبتت في حاصبيا وخلوة البياضة مؤخراً، لكنهم يتوافقون مع الإشتراكي حيال العلاقة مع المحيط "لو ان بري نزعها قليلاً" يقول أحدهم.
في شبعا المشهد ليس مختلفاً من حيث التنوع لكنه مختلف من حيث الخطاب. هنا، يبحث المستقبليون عن انفسهم! يريدون مقعداً يسعون لسلبه من بري. يتوافقون مع نظرائهم الاشتراكيين والديمقراطيين في العلاقة مع الجوار، لكن للعلاقة السياسية اختلافاتها ولشبعا الاولوية والخصوصية التي يقول أنصار الخرزة الزرقا ان الثنائي الشيعي "لا يحترمها".. هناك آخر يقابله ويقوم على منطق "الضفر ما بيطلع من اللحم" بالاشارة الى جغرافية المنطقة التي كانت سابقاً ولاحقاً تدور بفلك محيطها. على هذا الاساس يعتبر حشد لا بأس به ان لا ضرورة للاقتراع لشخص "طالع طالع وآخر نازل نازل".. وهذا يفسر تدني نسبة المشاركة.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان،
اضغط هنا