"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:

حزب الوطنيّين الأحرار... ممثّل عهد الرئيس كميل شمعون، وصاحب التاريخ العريق الذي يشهد على انتصارات وتحالفات أوصلت رؤساء جمهوريّات الى سدّة الحكم، وكتل نيابيّة اعتبرت الأكبر في دورات انتخابيّة ماضية ابرزها عام 1972. جميع هذه الأدوار جعلت من الحزب شريكاً اساسيّاً في الحياة السياسيّة اللبنانيّة، ولاعباً رئيسيّاً في اوقات الحرب والسلم. لكنه بات اليوم خارج السّلطة التشريعيّة، بعد خسارة صادمة تعرّض لها في انتخابات 2018.

التعامل الخاطئ مع قانون الانتخابات الجديد يعدّ من ابرز الأسباب التي أوقعت "الوطنييّن الأحرار" بهذه الخسارة المدويّة، بحسب أوساط انتخابيّة مُراقبة. ورأت أنّ "الحزب لم ينجح في تدوير زوايا النسبيّة، والغوص في تفاصيلها وتقسيماتها وما تقتضيه من مفاوضات وخارطة تحالفات واستراتيجيّات تضمن تأمين الحواصل المطلوبة لكسب اكبر عدد من المقاعد النيابيّة".

وأشارت الأوساط الى أنّ "حزب الوطنيّين الأحرار لم ينجح في خوض تحالفات كفيلة بعقد شراكة قادرة على مدّ جسور مرشّحيه الى الندوة البرلمانيّة، ولا سيّما في الشوف ــ عاليه حيث كانت الضربة الأقوى له بعد الانفصال الانتخابيّ عن تيّار المستقبل والحزب التقدميّ الإشتراكيّ للمرّة الأولى منذ عام 2005. هذا الخطأ صعّب عليه مهمّة ايصال ايّ من مرشّحيه في الدائرة الى المجلس النيابيّ الجديد بمن فيهم نجل رئيس الحزب كميل دوري شمعون، والامر نفسه ينطبق على الدوائر الأخرى التي خاض فيها المعركة الانتخابيّة".

ولفتت الى أنّ "الحملات الانتخابيّة بدورها لم تكن على المستوى المطلوب، بعكس غالبيّة الأحزاب السياسيّة التي حضّرت نفسها مالياً، ولوجيستيّاً، ودعائيّاً، وتنظيميّاً، وإداريّاً لإيصال شعاراتها وبرامج مرشّحيها الى أوسع شريحة من النّاخبين محليّاً واغترابيّاً. وهو ما أضعف حزب الوطنيين الأحرار في انتخابات كانت حامية جدّاً تنافسيّاً وشرسة في كلّ الدوائر، وشهدت على اكبر عمليّة انفاق انتخابيّ في تاريخ هذا الاستحقاق".

"الوطنيّين الأحرار" الذي يعاني كباقي الأحزاب من جملة استقالات داخليّة، ابرزها استقالة مفوض الحزب في عاليه وفرع الكحالة، بكامل الأعضاء، تؤكّد مصادر مُقرّبة منه أنّ "الحزب رغم الخسارة التي مني بها، يفتخر بأنّ الانتخابات لم تبعده عن الثوابت والمبادئ التي ينادي بها، والتي لم يُعلّق مفعولها الى حين تمرير الاستحقاق، اذ ان السلطة بالنسبة اليه ليست اطماعاً ولا ينظر الى المقاعد النيابيّة كمكاسب شخصيّة، بل يتطلّع اليها من باب بناء الدولة القويّة، الحرّة والمستقلّة، وصاحبة السيادة والشرعيّة والقرار السياسيّ".

وتشير المصادر المقرّبة الى أنّ "الحزب كان أمام خيارين لا ثالث لهما. اما الذهاب بتحالفات لا تشبه خطابه الوطني لضمان عدد معيّن من المقاعد النيابيّة، او خوض الاستحقاق مع حلفاء وطنيين يشبهونه في الثوابت والمبادئ والنضال، وإن خسر الانتخابات، فالأهم الا يخسر نفسه ومصداقيّته امام الشعب اللبنانيّ ومناصريه بغية الزحف وراء كرسي او حقيبة او مقعد نيابيّ".

وشدّدت على أنّ "نتائج الانتخابات كانت شبه متوقعة، على الرغم من انها أتت صادمة في بعض الدوائر، وحزب الوطنيين الاحرار دائماً ما حذّر من هذا القانون وضرورة تعديله، والذهاب باتجاه الدائرة الفردية والاقتراع على دورتين. ونسبة الاقتراع الكارثيّة بعد حقبة التمديدات خير اثبات على الثغرات الموجودة به، وسنستمرّ في تسجيل هذه المواقف، تماماً كمسيرة الحزب الوطنيّة التي لن تبعدها دورة انتخابيّة كانت قد قاطعتها في مراحل وحقبات سابقة تمسكّاً بالشعار قولاً وفعلاً".