"ليبانون ديبايت" - كريستل خليل:

شكلت دعوة نقابة الأطباء الى الاعتصام في منزل الطبيب الشرعي أحمد المقداد يوم أمس والطلب من الأطباء التوقف عن العمل حتى الساعة التاسعة والنصف، صدمة للمواطنين الذين يتساءلون ما إذا أصبح الطبيب يتمتع بحصانة تحميه من الملاحقة القانونية.

في كل مرة يخطئ فيها طبيب، أو يزوّر أو يتهم بأي ملف، تقيم النقابة القيامة وتستنكر التوقيف أو التحقيق أو اتخاذ الاجراءات اللازمة بحق الطبيب المخالف، الذي احيانا يكون قد عرّض حياة أحدهم للخطر. وأحدث تلك القضايا، ما حصل عقب قرار المحامية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية نازك الخطيب بإحالة المقداد على قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور.

تهمة المقداد ليست صحيّة، إنما بتزوير تقرير، اذ قام الطبيب بالكشف عن سجين في سجن رومية وإعطاء تقرير بأنه مصاب بجلطة لنقله من السجن إلى المستشفى. الأمر الذي تبيّن عدم صحّته بعد الكشف عليه من قبل طبيب آخر، موضحا ان السجين بصحة جيدة وما جاء في تقرير المقداد غير صحيح.

حاول "ليبانون ديبايت" الاتّصال بنقيب الأطباء ريمون الصايغ الذي دعا الى الاعتصام في بيت المقداد عقب توقيف الأخير، فجاء رده "نحن باجتماع ومشغولين كل النهار بقضيتنا".

وفي هذه الحالة، بات اللجوء إلى القانون ضرورياً، إذ تنص المادة 12 من مرسوم رقم 7384 انه في حال أخل الطبيب الشرعي في واجبات مهنته او اظهر اهمالا او تقصيرا اثناء القيام بعمله او اعطى افادة كاذبة او تقريرا كاذبا، يحال بقرار من وزير العدلية الى لجنة مؤلفة برئاسة النائب العام الاستئنافي وعضوية مدير الصحة والاسعاف العام ومدير الداخلية. ويحق ملاحقته جزائيا من قبل اللجنة على ان تنزل بالطبيب المحال اليها التدابير التالية: اللوم، النقد، الكف عن معاطاة الطب الشرعي مدة اقصاها ستة أشهر، الشطب من قائمة الاطباء الشرعيين.

في هذا السياق، أوضح رئيس منظمة جوستيسيا الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص لـ"ليبانون ديبايت" أن "الطبيب ليس منزّها في المطلق عن الملاحقة القانونية. ودور نقابة الأطباء مواكبة المسار القضائي لما تملك من مكانة على المستوى الطبي من شأنها تعزيز وتصويب المسار من الناحية التقنية والفنية الطبية وليس لمنع الملاحقة القانونية".

وأكّد مرقص ان الطبيب المنتسب الى النقابة فعلا يملك نوعا من الحصانة المهنية، بحسب المادة 44 من تعديل القانون المتعلق بإنشاء نقابتين للأطباء في لبنان. وتنص هذه المادة على أنه عند ملاحقة الطبيب جزائياً، للنقابة أن تبدي رأيها العلمي خلال خمسة عشر يوماً، حول ما إذا كان الجرم المدعى به ناشئاً عن ممارسة المهنة. وفي هذه الحالة يجري استجواب الطبيب الملاحق بحضور نقيب الأطباء أو من ينتدبه لهذه الغاية. ولا يجوز التوقيف الاحتياطي للطبيب الملاحق بجرم ناشئ عن ممارسة المهنة قبل أن تبدي النقابة رأيها ضمن المهلة المذكورة أعلاه.

لم يكتف البروفيسور في القانون عند هذا الحد، وأضاف "بالتدقيق في مضمون نص المادة 44 نجد انها جاءت واضحة الدلالة على قصد المشترع الذي أوجب على سبيل الجواز لا الوجوب أخذ رأي نقابة الأطباء قبل المباشرة بإجراءات الملاحقة بحق الطبيب بجرم ناشئ عن المهنة بدليل استعماله عبارة "للنقابة ان تبدي رأيها". فمن غير الجائز تحميل النص المذكور أكثر مما يحتمل طالما ان عباراته جاءت واضحة الدلالة". وأشار الى انه "في حال قرر القاضي توقيف الطبيب احتياطياً، يتم الاستحصال على رأي نقابة الاطباء.

بالمقابل تنص المادة 40 من قانون اصول المحاكمات الجزائية على أن الطبيب ملزم بأداء القَسَم القضائي أمام رئيس محكمة الاستئناف، على أن يقوم بمهمته بما يفرضه الضمير، لذلك يُعدّ الطبيب الشرعي ضابطاً عدلياً مساعداً للعدالة. بالتالي هو ناكثا لقسمه في حال إعطاء تقرير غير صحيح بهدف نقل سجين الى المستشفى".