"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:

تركت الاستشارات النيابيّة المُلزمة التي أجريت يوم الخميس الماضي في قصر بعبدا، صدىً ايجابياً على السّاحتين السياسيّة والشعبيّة ــ السنيّة، وسط تمنيّات بانتهاء المشاورات في المجلس النيابيّ يوم الاثنين المُقبل، لتبدأ بعدها عمليّة تأليف حكومة الوحدة الوطنيّة.

سياسيّاً، خلقت سرعة التكليف التي قادها رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، والتي افضت الى تسمية رئيس الحكومة في حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري بشبه اجماع، ارتياحاً كبيراً من النيّة الحقيقيّة والجديّة لدى الجميع بضرورة تسهيل تشكيل الحكومة، لمواجهة التحديّات الاقتصاديّة والإقليميّة، ومخاطر النزوح السّوري، والانكباب على رسم خارطة الإصلاحات الضروريّة اداريّاً واقتصاديّاً.

السّاحة الشعبيّة تلتقي مع تلك السياسيّة على الأجواء التوافقيّة السّائدة التي طوت صفحة الانتخابات النيابيّة وخطابها التحريضيّ، وتعبّر في بيتها السنّي الداخليّ عن تفاؤلها بتسمية غالبيّة اركان الطائفة الحريري، حتّى من قبل أبرز الخصوم الذين نجحوا في هزّ عرش رئيس تيّار المستقبل انتخابيّاً وسنيّاً. كانت المُفاجأة بوجهة اصواتهم التي منحت مع باقي الكتل النسبة الأعلى من التأييد لرجل المرحلة، واضعةً ايّاه أمام امتحان الثقة ليكون على قدر المسؤوليّة التي منحه ايّاها 111 نائباً وملايّين اللبنانيّين.

رئيس حزب الاتحاد النائب عبد الرحيم مراد سمّى الحريري، تأكيداً منه على وقوفه الى جانب وحدة الصفّ السنيّ، وبوجه الشرذمة التي لا تبني وطناً، وذلك بحسب أوساط مقرّبة، شدّدت على "انسجام مراد شعاراً وفعلاً مع هذه المبادئ، وضرورة تنظيم البيت الداخليّ الواحد، ايماناً منه بأنّ في الاتحاد قوّة".

ولفتت الأوساط الى أنّ "مراد لا يتعاطى مع الاستحقاقات من منطلق شخصيّ أو معارك بين الخصوم، بل على العكس يعتبر الانتخابات النيابيّة بمثابة تنافس ديمقراطيّ صحيّ وضروريّ لخدمة الناس والوطن والمنطقة ككلّ، ويتابع على اساسه باقي الملفّات والجولات ومنها الاستشارات". وأشارت الى أنّه "دائماً ما كان يمدّ يده للطرف الآخر".

كتلة "الوسط المستقلّ" برئاسة النائب نجيب ميقاتي سمّت بدورها الحريري، حفاظاً على مقام رئاسة مجلس الوزراء ودورها الأساسيّ في المعادلة السياسيّة بغض النظر عمن يتبوّأ هذا المركز، وتتطلّبه مقتضيات المرحلة، من استقرار سياسيّ وتعاون بين كلّ التكتلات السياسيّة لبدء مرحلة النهوض الفعليّ وتخطّي الأزمات التي تلوّح في الأفق.

رئيس حزب الحوار الوطني النائب فؤاد مخزومي سمّى بدوره الحريري، انطلاقاً من وعد الأخير الذي قطعه لناحية التغيير واعتماد طريقة تعاطي مختلفة مع الملفّات في المرحلة المُقبلة، مؤكّداً دعمه ووقوفه الى جانب الرئيس المكلّف لمصلحة لبنان.

طريق تسمية الحريري سلكته ايضاً كتلة "التكتّل الوطنيّ"، ومن أبرز اعضائها سنيّاً النائب فيصل كرامة الذي دعم القرار عملاً بالتوافق الحاصل في البلد، ومدّ اليد للجميع لبدء مسار عنوان المرحلة الأولى الذي يتمثّل بمحاربة الفساد. في حين امتنع النائب جهاد الصمد عن التسمية.

على صعيد متصل، أوساط سياسية اعتبرت أنّ "الأصوات التي صبّت لصالح الحريري جاءت تلاقياً مع خطوة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، ومع وجود رغبة سنيّة بطي صفحة الانتخابات والعمل سوياً لخير الطائفة ولبنان ككلّ".

وأشارت الى أنّ "على مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ان يقوم بدور في هذا الاتجاه مع كلّ الافرقاء، بعيداً عن الذي سلكه خلال المعركة الانتخابية، اذ كان من المفترض ان يبقى خارج السياسة والاستحقاق، وألا يضع الطائفة ككلّ التي يمثّلها مع الحريري انتخابيّاً، على أمل ان ينضمّ النواب السنة الذين لم يسمّوا الحريري الى دائرة التوافق لما في ذلك من خير للبلد".

وتوقّفت الأوساط عند المشهد الجامع في صالون السفراء بالقصر الجمهوري، حين كان المفتي دريان يؤمّ المصلّين من مختلف التوجهات السياسيّة وبمشاركة الرئيسين برّي والحريري، قائلة "هذا هو لبنان الذي نريد، وطن العيش المشترك، وهذه الصورة التي تكمّلها باقي القوى المسيحيّة والدرزيّة يجب أن تكون دليل لبنان الى العالم، لبناء الدولة القويّة الجامعة والموحّدة".