"ليبانون ديبايت" ــ فيفيان الخولي

في ظلّ الفوضى القائمة حول توزيع الحقائب الوزارية، تراقب أوساط سياسية داخلية وخارجية تحركات حزب الله على هذا الصعيد، واصفة إياها بالمطاطة والليّنة تجاه وزاراته، وموقفه من بعض الأفرقاء اللبنانيين، خصوصاً حزب القوات اللبنانية، الخصم الاستراتيجي له، لكنها في الوقت عينه تبدو حذرة، وفقاً لمصالحه المحليّة والإقليمية.

حزب الله المعروف بمواقفه الحازمة والاستخفاف بتحدي بعض القوى له سياسياً، يفرض واقعاً جديداً يتجلّى في حرصه على تسريع تشكيل الحكومة، وتمني خفض سقف مطالب الحلفاء قبل الخصوم، ما يريح رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري. لكنّه من جهة أخرى يبدو صارماً في عدم التعاطي معه وزارياً من باب العقوبات الأميركية.

وعلى الرغم من استهزاء الحزب من خطوات أميركا العقابية، لا يمكن غض الطرف عن قلقه تجاه حصار إيران إقليمياً ودولياً، والضغوط عليها، الأمر الذي ينعكس سلباً على الحزب، وهو ما يبرّر استعجاله. لكن استراتيجيته المتّبعة في الداخل وفقاً لبعض قواعده الثابتة، بينها ثلاثية، تساعده على عبور النهر، خصوصاً بعدما صبّ كامل جهده لتحقيق مبتغاه في الاستحقاق النيابي.

وأبرز هذه النقاط، الانسجام "العابر للزمن" مع حركة أمل، ما يقسّم المصالح في ما بينهما، الأمر الذي يجعل حزب الله غير متطلب وزارياً، إذ إن الاكتفاء بثلاث حقائب غير سيادية مقابل إعطاء هذه الهدية لأمل يعود لاعتبارات إقليمية، في ظلّ واقعية الحزب أن هذا النوع من الوزارات يتطلب حضوراً وتعاطياً دولياً، وهو غير متوفر له نظراً للعقوبات والدول التي تدرجه على لوائحها الإرهابية.

وجوده في الحكومة، بدور معارض لتمرير صفقات وتنفيعات، مع السعي إلى التغلغل أكثر في مؤسسات الدولة، خصوصاً تشديده حالياً على مكافحة الفساد، وهي نقطة تصبّ لصالحه محلياً ودولياً.

بالإضافة إلى التحالف الاستراتيجي مع التيار الوطني الحرّ، ورئيس الجمهورية، وهي المظلّة المسيحية التي يستعين بها الحزب لمواجهة الارتدادات الإقليمية، في ظلّ الحديث عن أنه لو عاد القرار له لأعطى التيار ضوء أخضر لتمثيل وزاري مسيحي موسّع، مع بعض الحرص على الحلفاء المسيحيين الآخرين، مثل المردة.

لكن مصادر مقرّبة من الحزب توضح أنّ هذا الكلام غير دقيق في ما يخصّ خيار الحزب في اجتياح "الوطني الحرّ" للحكومة، باعتبار أن حزب الله لم يدخل في هذا الموضوع أساساً، بل توافق مع حركة أمل التي كانت من أكثر المدافعين عن عدم عزل القوات.

وتعود الليونة مع القوات إلى سببين؛ وجود الأخير في الحكومة عنصر إيجابي، وهو ما أثبته عمل وزرائه. ثانياً، لعدم تكرار أخطاء الماضي في ما يخص العزل، لأن هذا الأمر إن حصل سيزعزع أمن البلد، كما هناك وضوح لدى الحزب أن القوات بات قوة سياسية وازنة لا يمكن تغاضي تمثيلها.

في المقابل، تشير أوساط سياسية إلى أن ما يقوم به الحزب تجاه القوات يدخل في اطارين؛ الأول محاولة اظهار نفسه على أنه المنفتح على جميع القوى، خصوصاً الافرقاء المسيحيين، الأمر الذي يحسّن صورته في الخارج.

وترى في الإطار الثاني نوعاً من الايجابية، باعتبار أن حزب الله لطالما توافق مع القوات في ملفات عدة، وكانت معظمها ضد التيار الوطني الحرّ، الذي يختلف معه حول قضايا، بعيداً عن الإعلام، وفقاً للتحالف القائم. واستدركت الحديث لافتة إلى أن "ذلك لا يعني أن القوات ينتظر من يدافع عنه، أو يطالب له بحقيبة أو حسنة، فتمثيله الوازن وتمدده الشعبي كفيلان بإعطائه كامل الحق من دون منّة من أحد".

وبالعودة إلى سياسة الحزب المستجدة، تنفي مصادر حزب الله أن يكون تشكيل الحكومة معنيّ بالضغوط الخارجية، بل بعيد عما يفرضه الأميركيون والسعوديون، وتشدد على حرص الحزب على تجنيب لبنان أية ضربات.

لكنها لا تنكر أن اهتمامه بالداخل يعنيه اليوم في ظل المتغيرات بالمنطقة، والظروف التي يواجهها لبنان على جميع الأصعدة، معتبرة أن الوضع الخارجي يؤخذ بعين الاعتبار، لأن أية تطورات إقليمية تفرض أن يكون الحزب محصّناً سياسياً داخلياً.