Beirut
16°
|
Homepage
تفاهم مار مخايل 2
عبدالله قمح | المصدر: ليبانون ديبايت | الثلاثاء 05 حزيران 2018 - 0:30

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

استدل رئيس التيّار الوطني الحرّ الوزير جبران باسيل إلى جادة الصواب. في حضرة أمين عام حزب الله السيّد حسن نصراللّه مقولة أن "باسيل عاد" مرفوضة! هو أصلاً لم يغادر، أمّا تمايزه فنابع من معادلة بسيطة اجبرته الظروف عليها. الانتخابات للانتخابات.

أنها ليست عودة إلى كنف العائلة ولا زيارة تصفية قلوب، فالقلوب صافية، وما يدّلل اليها أن اللقاء الذي جمعه بنصرالله هو الثالث الذي يحصل في غضون 5 أسابيع تقريباً والثاني في ظرف 4 أخرى. اللقاء الأوّل عقد قبل الانتخابات بأيّام، والثاني بعد اعلان النتائج والثالث بعد جلاء صورة الانتخابات وسلوك مسار ترجمة النتائج مساره.


في اللقاء الأوّل الذي خيض في ذروة التباعد بين التيّار والرئيس نبيه برّي كان وعدٌ من باسيل للسيّد بالعودة بعد الانتخابات بصورة ما قبل الانتخابات، ومقصده واضح، سقف حديّة الخطابات حدوده 6 ايّار وبعد ذلك حديثٌ آخر، وفي ذلك أيضاً مؤشر بأنه يمارس تكتيكاً مرتبطاً فقط بدواعٍ انتخابيّة، بكلّ ما يحمله هذا التكتيك من معانٍ وضرورات.

في اللقاء الثاني صدقَ القول بالفعل، فحين ذك كانت قد بدأت صورة التبدّل في المواقف تظهر لتترجم تقارباً قارب الالتصاق في خيارات الحليف وحليف الحليف في مجلس النوّاب، عُبِدَ ذلك بلقاء "مصارحة" جمع الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي.

لقد بُحثت في اللقاء الثاني أمور عدّة بينها مكافحة الفساد وقراءة نتائج الانتخابات، لكن أهم ما طرحَ حينها كان الاستمرار في مسار الخروج من تراكمات مرحلة الانتخابات والتأسيس لتفاهمات واحياء أخرى ووضع الخلاف مع بعض الشخصيّات المحسوبة من ضمن الحلفاء على ميزان الحلّ. ويحسب أن الاجتماع الثاني كان مقدّمة للثالث الذي حصل ليل الجمعة – السبت.

تتمنّع مصادر قريبة من الطرفين عن الخوض في مضمون ما دار خلال هذا اللقاء بالذات، تكتفي بالإشارة أن الجلسة كانت "منتجة" على صعيد الاعداد لمواجهة الفساد، كاشفةً أنه جرى التفاهم على وضع آليات مشتركة تسهم في التنسيق بهذا الملف. لكن هل يعقل أن تنحصر جلسة 3 ساعات بموضوع واحد؟ طبعاً لا، فتمنعها له القدرة على رفع اللقاء من العادي إلى مصاف الهام جداً.

ينقلنا ذلك إلى تفسير معلومات تقول أن الحزب يؤسس لتفاهم ثابت مع الوزير باسيل مبني على التفاهم الأصيل الموقّع في مار مخايل عام 2006، لذا تحسب أن الحزب لا يهمه وراثة باسيل لتفاهم بقدر ما يهمه أن يكون لباسيل بصمة في هذا التفاهم، وفي عقل الحزب أن الاتفاق الجديد هو في منزلة مار مخايل 2.

ما يقود الى هذا الادراك، أن التفاهمات يجب أن تُهندس باستمرار تبعاً للظروف الزمنيّة وتلك المحيطة التي تنمو مع الأيّام، وفي مسألة مار مخايل الأول (1) كان أساس الاتفاق خارجي – داخلي رعى ظروف المرحلة وارتبط بعون ونصرالله، بحيث اخذ التيّار الشق الداخلي منفرداً وتبنّى الحزب الشق الخارجي منفرداً ايضاً.

كان هذا الاتفاق يتلاءم ومرحلة 2006 وما بعدها، لكنه لا يتلاءم، بنفس المواد، لمرحلة 2018 وما سيتبعها، لكون الظروف تغيّرت والاهتمامات والوجوه، ولان الاتفاق العام أي "وثيقة تفاهم مار مخايل" موضوعة لفترات زمنيّة بعيدة وليست فترة محدودة، واجب أن يجري تعزيزُ التفاهم السابق على نحوٍ رَصين يتطابق وتغيّر الازمنة وأفكار رئيس التيّار الجديد لا رئيس التيّار السابق الذي أعلن أنه أصبحَ "بي الكل".

في عقل الحزب عِلمٌ أن مرحلة إدارة جبران باسيل للتيّار الوطني الحر تختلف عن مرحلة إدارة ميشال عون للتيار الوطني الحرّ، معنى ذلك أن الحزب يريد أن يتكيّف مع النمط الباسيلي ومراعاته بطريقة مختلفة عن تكيّفه مع العقل العوني، فالحالتان مختلفتان ولكل منهما خصوصيّته وحاجاته وتصوّراته ومطالبه، لكن لا يعني هذا أن يقوم هذا التكيّف على التخلّي عن الثوابت.

تقوم هذه المراعاة على فهم ما يصبو اليه باسيل من خلال حراكه السياسي وإبقاء قنوات الاتصال مفتوحة، وثمة فهم وصل حد الادراك لدى حزب الله، ان هضم طروحات باسيل "الجارفة" في بعض الأحيان من اختصاص نصرالله الذي لديه المفتاح الكفيل بفتح كل من الأبواب، والأكيد أن جبران باسيل الذي ورث اتفاقات عظيمة عقدها عمّه ليس في وارد التخلي عنها لمصلحة أحد لكون اتفاق عون – نصرالله اعطى نتائج لم تعطها تفاهمات اخرى، وهذا دل خلال الحقبة القصيرة الماضية.

كانت فترة الانتخابات أبرز دليل على مراعاة الحزب لخيارات باسيل، ودليل على تفهم نصرالله لها، وعلى الرغم من كل مرورتها لكن الضاحية بلعتها. لا يخفي متابعون ان الخيارات بين الحليفين كان متفاهم عليها قبل الانتخابات وكان ثمة وعد بالعودة الى مقارنة جدواها بعد الانتخابات، من هنا يقوم تفسير أسباب كثرة اللقاءات بعد الانتخابات.

النقطة الأساس هي في ترجمة ثقلهما السياسي المردود عن التمثيل الشعبي المترجم مقاعد في الانتخابات، وهذا التمثيل لم يكن ليكون لولا حضورهما في بيئاتهما وخطابهما السياسي الذي قدم وعداً بالتحسين ومواجهة الفساد، وهذا ما يجب تقريشه على مستوى السلطة بالاستفادة من حضور الرئيس عون الذي يشكل رأس هرم البلاد.

هذا استفادة تقوم على اساس الاستثمار بورشة العمل التي يخوضها باسيل وتلك التي اعلن عن خطوطها الأولى السيد نصرالله حين وضع أولوية لحزب الله في مكافحة الفساد، ولكون التيار كان صاحب هذا الشعار في ما مضى وحزب الله حليفه الأساسي، يصبح الجانبان متطابقان في الخيارات.

نستدل هنا ان دخول حزب الله معترك مكافحة الفساد واتفاقه مع التيار على مكافحته سوياً يؤسس لتعديل جوهري على ورقة التفاهم، بحيث يضع حزب الله شريكاً في الملفات الداخلية التي غادرها في الاتفاق الأول وكان قبل ذلك قد غادرها بعد تقاسم الحصص داخل الطائفية الشيعية بينه وبين أمل، ما يعني اننا في مقدمة دخول حزب الله الكلي الى الملفات الداخلية يقابلها مساندة التيار الوطني الحر الكلي لهذا الدخول.

تغير من هذا النوع يجب ان يقود حكماً الى بنود مطورة في مار مخايل 2 تأخذ في أساسها تبدل نظرة الحكم الجديد للتيار وترعى دخول حزب الله الملف الداخلي بقوة، لكن هذا التعديل ليس بحاجة لتوقيع ورقة ثانية او اجتماع ضخم على شاكلة الاجتماع الأول عام 2006 بل يكفي تطبيق الوعود بالممارسة.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
عصابة "خطرة" تنشط في طرابلس... بطلتها إمرأة! 9 "النكزة الأخيرة"... منشورٌ "ناريّ" للسيّد! 5 إنتشار عسكري "غربي" في لبنان وحشود إيرانية وروسية وصلت.. عماد رزق: بيروت ستقصف وحرب التحرير بدأت! 1
بقوة 5.6 درجة... زلزال "يهز" شمال تركيا! 10 بشار بطل عمليّة نصب كبيرة في طرابلس! (صور) 6 حادثة رئاسية فضحت "الثنائي الشيعي" 2
تقريرٌ يكشف مصادر تمويل حزب الله 11 واشنطن تكشف دورها في "الضربة الإسرائيلية" على ايران 7 مستجدات فصل بو صعب من التيار! 3
حافي القدمين... نائب سابق يتعرّض لسرقة "من نوع آخر"! (فيديو) 12 كليب "يُرجح" ما قد تبلغه فرنسا لِميقاتي اليوم! 8 سيناريو "مُقلق" ينتظر مطار بيروت... إنذار خطير وأيام حاسمة! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر