Beirut
16°
|
Homepage
"صديق إسرائيل" يرسّم حدود لبنان
عبدالله قمح | المصدر: ليبانون ديبايت | الاربعاء 06 حزيران 2018 - 1:00

"ليبانون ديبايت " - عبدالله قمح

دائماً هناك امور مكشوفة ومخفية، مستورة ومفضوحة، امور تبقى محصورة وطيّ الكتمان تُلازم صالونات أو تستقر بين جدرانها لطبيعة حدّدتها الوقائع الراهنة وجعلت منها سرّية. هذه القواعد مجتمعة تنسحب على اجتماع بعبدا أمس الأوّل بين الرؤساء الثلاثة، بحيث تسلّل منه ما يجب أن يعرفه الناس فقط ويرتبط بتوحيد الموقف خلف قضيّة ترسيم الجنوبيّة، أمّا الباقي فحُصِرَ مضمونه بالشخصيّات الحاضرة، فدلّلَ الامر على أن ثمّة شيء طارئ حصل يتجاوز بخطورته مسألة الترسيم.

لكن ما هو الأمر الخطير الذي استدعى هذا الاجتماع الذي دُعي إليه على عجل؟ هل الملف مرتبط فقط بعمليّة ترسيم الحدود البريّة والبحريّة كما أعلن، أم أن هناك شيء آخر أكبر وأضخم يُحضر من خلف الكواليس أجبر الرؤساء الثلاثة على الاجتماع وكولسه المقرّرات؟


يبدو نعم، فالولايات المتّحدة الاميركيّة التي تغالي بالحياد المصطنع مع لبنان، تصدر منها اشارات غير مطمئنة لناحية صفاء هذا الحياد المستخدم لذرّ الرماد في العيون، لكونها أقدمت قبل مدّة قصيرة على تعيين ديفيد شينكر كمساعد لوزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو لشؤون الشرق الاوسط خلفاً للسفير ديفيد ساترفيلد. فمن هو؟

شينكر الذي شغل موقع إداري في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى وهو مركز أبحاث مؤيد لإسرائيل أسّسه أعضاء سابقون في لجنة الشؤون العامة الأميركيّة الإسرائيليّة (AIPAC) في الثمانينيات، هو ثاني مسؤول غير دبلوماسي يحصل على تعيين عالٍ في وزارة الخارجيّة منذ دخول الرئيس ترامب البيت الأبيض، وقد أوكله ملف الشرق الأوسط لضلاعته به.

يصنّف من الحلقة الضيقة لترامب ومن المسميين على جناح "المحافظين الجُدد". شغلَ منصب مستشاراً بارزاً لدونالد رامسفيلد عندما عمل الأخير وزيراً للدفاع في إدارة جورج دبليو بوش. وفضلاً عن اعماله الاستشاريّة، ينشط ديفيد شينكر بمجال كتابة المقالات الصحافيّة على عددٍ من وسائل الإعلام الأميركيّة المعروفة كموقع "فورين بوليسي" وموقع معهد واشنطن، تتطرق لقضايا الصراع في الشرق الأوسط.

لكن أبرز ما تكشفه الاوراق عن شينكر أنه "صديق لإسرائيل" وهو أمر أكدته مواقع تدور بفلك اللوبي الصهيوني، لا بل أن بعضها "يشطح" بادعائه قولاً أن ديفيد شينكر عضو في أحد اللوبيات الأساسيّة مستثمراً انتمائه اليهودي، لتتكوّن خلاصة مفادها أنه صهيوني الفكر.

ويعرف عن شينكر أيضاً أنه خبير في قضايا لبنان سوريا والأردن، وحزب الله على وجه التحديد، وله مقالات تتطرّق إلى شؤون داخليّة لهذه الدول، لكن أبرز ما تؤشّر مصادر مواكبة إليه، أن شينكر يكنّ العداء الشديد لحزب الله وهو واحد من الاشخاص الذين تبنّوا نظريّة تقوية الجيش اللبناني على أمل أن يصبح ثقلاً موازناً للحزب، لكنه أبدى مؤخراً في مقالاته عتباً سببه أن "الجيش لم يقدم المطلوب منه".

وفيما ينتظر لبنان من شينكر أن يخلف دور ساترفيلد السابق في مسألة الاستمرار بالوساطة بين لبنان وإسرائيل حول الأراضي المتنازع عليها منتهجاً أنماط حياديّة، يتضح أن المسؤول الأميركي ليس من الطراز الحيادي أبداً، فمقالاته في موقع معهد واشنطن تضج بعبارات منتقدة للدعم الذي تقدّمه الإدارة الأميركيّة للجيش اللبناني واصفاً إياه بـ "غير ذي حاجة" لكون الجيش "يتواطأ مع حزب الله" كما يقول، بالإضافة إلى تحميله وزر اعتداءات اسرائيل على لبنان على حزب الله نفسه.

تأسيساً على ما تقدم، يصبح ضرورة أن يلتئم الرؤساء الثلاثة، لأن المبعوث القادم إلى لبنان لاستئناف مهام ساترفيلد ليس من النوع الناعم الذي يستقبل بالابتسامات، بل هو شخصٌ منزوع القدرات عن التعاطي مع الأمور بسلاسة، ويصنّف صداميّاً قادماً من فريق يعطي الأولويّة للنظرة الإسرائيليّة، وتالياً هو شخص يقيم المصلحة الإسرائيليّة على ما عداها، فكيف له أن يكون وسيطاً نزيهاً غير منحاز في عمليّة تفاوض غير مباشرة ترتبط بترسيم حدود دولة تكن العداء لإسرائيل؟

تظلّل هذه القراءة مؤشّرات وصلت إلى مراجع رئاسيّة في بيروت قبل انعقاد اللقاء فرضت الدعوة إليه، تحسب أوساط مطّلعة على دائرة القرار، أن ما ورد هو معلومات ثقيلة تبلّغتها إحدى المرجعيّات من دوائر ذات صلة بالمفاوضات، تدل على حصول تبدّل في موقف تلّ أبيب بهذا الشأن، ليتّضح في المسار أن تلّ أبيب تجاوزت الاتفاق الضمني الذي توصّل إليه ساترفيلد بين لبنان وإسرائيل والقاضي بتجميد العمل في إنشاء وبناء الجدار الاسمنتي على النقاط الـ 13 المختلف عليها.

واللافت أن القرار الإسرائيلي أتى قبل 4 أيام فقط من تأدية شينكر اليمين الدستوريّة لمنصبه الجديد ليتولّى مهامه رسمياً، ما يدل على أن إسرائيل استغلّت التغيير الذي حصل على صعيد إدارة الملف أميركيّاً للقيام بانعطافه تطيح بكل ما جرى التوصّل إليه سابقاً تمهيداً لفتح المجال أمام المبعوث الجديد للبحث عن حلول أخرى أو مسارعته للسفر إلى بيروت وبدء اجراءات المتابعة فوراً.

وثمّة اعتقاد راسخ مسنود على المعلومات ذاتها، أن وراء الالتفاف الاسرائيلي نّية في طبع رسائل مفخّخة وارسالها إلى لبنان لفرض مزيدٍ من الضغط عليه بهذا الملف ومن يتّصل به.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
طارد مواطن بهدف سلبه عند أنفاق المطار... هل وقعتم ضحيّة أعماله؟ 9 "حربٌ أهلية"... هذا ما تنبّأ به ماسك! 5 "الجنون" يضرب نيسان... خنيصر يتحدّث عن أمرٍ نادر ويكشف "مفاجأة"! (فيديو) 1
ابن الـ 24 عاماً يُفجع زغرتا! 10 بشأن تسديد الفاتورة سواء بالدولار أو الليرة... بيان من "كهرباء لبنان"! 6 سرقة أسلحة وذخائر من إحدى فصائل قوى الأمن… حاميها حراميها 2
ابن الـ12 عاماً يروج المخدرات... ماذا جرى في إحدى مدارس لبنان؟ (فيديو) 11 بسبب الإيجار... إقتحمت وابنها منزلاً وقتلا إثنين! (فيديو) 7 سعر ربطة الخبز إلى ارتفاع كبير... كم سيبلغ؟! 3
"القادم خطير جداً"... العريضي يتحدّث عن "زحطة" كبيرة للقوات! 12 كتاب يُثير الجدل ولافتة "تحذيرية" في الضاحية الجنوبية: احذروا المرور! 8 تصلّبٌ مفاجئ! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر