Beirut
16°
|
Homepage
خطوات عقابيّة تحضّر لباسيل
عبدالله قمح | المصدر: ليبانون ديبايت | الثلاثاء 12 حزيران 2018 - 0:00

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

يتعمّد البعض دائماً "ادخال الصالح بعزا الطالح"، فما يصلح لهذا الفريق السياسي لا يصلح لذاك حتى وإن كان يصلح للظرف أي ظرفٍ كان. نعيش في بلد اسمه لبنان من دون معيار واضح لمفهوم المصلحة الوطنيّة وعند أيّة حدود يعتبر قد مُسّ بها أو جرى تجاوزها.

فإذ نُفّذت خطوة سياسيّة كتلكَ التي أقدم عليها وزير الخارجيّة في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل بحق المفوضيّة العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأممّ المتّحدة التي تجاوزت الحد المسموح به وتعمّدت الضغط على النازحين لعدم العودة، تصبح مادة سجال تضرب الطبقة السياسيّة وتقسم أفرادها، وبدل أن يبحث هؤلاء عن الأسباب الكامنة خلف تصرّفات المفوضيّة، يذهبون لإجراء عمليّات فحص دم للتأكّد من النوايا واستشراف الاسباب المخفيّة.


فمثلاً، يسود همسٌ يصل حد الظنّ في أسباب فتح السجال الآن حول موضوع النازحين السوريين ودور المفوضيّة العليا السلبي فيه، فيبدو لهم وكأنه تغطية أو قنابل دخانيّة رميت لإشاحة النظر عن مرسوم التجنيس مستندةً على أن مشكلة المفوضيّة بدأت منذ أشهر وتحرّكاتها المريبة ليست جديدة، وضمن هذا المستوى، لماذا يفتح الملف الآن؟

السبب واضح لبروز مثل هذا التشكيك لكوننا بلد لم يعتد مواجهة المؤسّسات الدوليّة صاحبة صورة الأم التي ترعى أبناءها، فكيف لوزير خارجيّته أن يتّخذ قراراً بإيقاف طلبات الاقامات لصالح المفوضيّة؟ هذه خطوة مهولة يمكن أن توقظ ردّة فعل عكسيّة أو يُجنّد من أجل ترويجها سياسيّون لبنانيّون على شاكلة أحد الوزراء الزملاء لوزير الخارجيّة الذي ذهبَ إلى الحدود القصوى مطالباً المجتمع الدولي بـ "فرض عقوبات على باسيل".. هل يعقل أن نشهد هذا المستوى من الانبطاح؟

في العقل الدبلوماسي يعتبر اتخاذ خطوات كالتي اتخذها باسيل ردّاً قانونيّاً معتمداّ تقدم عليه أيّة دولة تضرّرت بفعل تصرّف قامت به دولة أخرى أو جهة ممثلة لمؤسّسة دوليّة، إلا في لبنان إذ لا حدود واضحة أين تبدأ الصلاحيات وأين تنتهي بفعل تداخل السلطات ببعضها ودخول المصلحة العليا للدولة في بازار المصالح الشخصيّة، وهو ما يعني حكماً نبات أزمات عند كل خيار قد يُقدم عليه وزير خارجيّة أو غيره، كالذي حصلَ في الساعات الماضيّة.

المهم، أخذ جبران باسيل قراره ومشى، وعلى ذّمة المتابعين للقرار، لم يأتِ بشكلٍ أحادي أو تعسفي بل بسبب تراكمات طويلة وتجاوزات مستمرّة تطاول حقوق لبنان عمرها أعوام، لم تُردع على الرغم من استدعاء ممثّلة المفوضيّة الأمميّة لوزارة الخارجيّة مرتين وابلاغها عدّة مرّات أخرى رسائل يطلب فيها لبنان الرسمي "ضبط التجاوزات"، وعلى الرغم من كل التحذيرات والاشارات حول وجود تجاوزات، لكن المفوضيّة شاءت ضرب كل ذلك بالحائط والتصرف بوقاحة بالغة.

لكن لا، كيف لمؤسّسة دوليّة أن تقبل على نفسها تلبية طلب مقدّم من دولة في العالم الثالث؟ يصبح عندئذٍ صاحب الحق هو المتعدي، فيُهمَس إليه أن خطوات كبرى سيتعرّض لها كعقاب لما أقدمَ عليه أو في حال استمراره به، تماماً كتلك التي يُسمع صداها اليوم في وزارة الخارجيّة بحيث يترقّب باسيل ردّة فِعل المفوضيّة ويرصد رد فعل القوى الدوليّة على الخطوة والمتوقع أن يخرج إلى العلن قريباً.

وتؤكّد معلومات "ليبانون ديبايت" أن باسيل لن يتراجع عن خطواته، وهو يراقب حالياً مدى تجاوب المفوضيّة للقرارات كي يبني على الشيء مقتضاه مع الاشارة إلى أنه مُستَعد لتوجيه جرعة ثانية في الاجراءات في حال عدم الالتزام ومراعاة الضرورات اللبنانيّة السياديّة والابقاء على التّجاوزات متفلّته، ما يعني أن الوزير باسيل ذاهب للأخير في المواجهة التي بدأت منذ سنوات وأخذت اشكالاً تصاعديّة لم تبلغ هذه الحديّة من ذي قبل.

الحديّة ووصول الموضوع إلى مستويات لم يعهدها قبلاً، دفع المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان بالإنابة برنيل كارديل لزيارة رئيس حكومة تصريف الاعمال قبل أيام تشكو إليه الاجراءات.

وبينما لم يسرّب شيء يذكر حول ما جرى بحثه في الاجتماع، يمكن فهم ما دار من خلال تحليل خطوات ومواقف عدد من المسؤولين المحسوبين على الرئيس الحريري كمستشاره لشؤون النازحين السوريين نديم المنلا ووزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة تصريف الأعمال معين المرعبي اللذان بلغا الحدود القصوى في توجيه اللوم والتنبيه المبطّن لباسيل، ما يعكس مواقف مستقبليّة صرفه.

اللافت أن ما يسرّب لدى مرجعيّات سياسيّة يحمل بين طيّاته ابتزازاً للبنان في حال أرادَ الابقاء على الإجراءات أو استكمالها على نحوٍ قاسٍ، إذ يتردّد أن الرّد سيكون على شكل تحضير ملف التجديد لمهمة قوات "اليونيفيل" العاملة في جنوب لبنان ووضعه على طاولة النقاش والتشريح قبل أشهر قليلة من دخوله استحقاق التجديد، كإشارة ضغط تحمل ايحاءاً بنيّة لادخال تعديلات عليه.

وتجزم مصادر أنها التقطت اشارات حول وجود نوايا لاتخاذ اجراءات ميدانيّة ترتبط بتخفيف مهام اليونيفيل بذريعة نقص التمويل الذي بات لزوم عدّة الضغط، بعدما اتخذت ادارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل أشهر قراراً قضى بتخفيض الدعم المالي لهذه القوّات. لكن السياق العام الذي جرى رصده منذ ذلك الحين وحتى اليوم، يؤكّد أن تخفيض النفقات لم يؤثّر على نشاط اليونيفيل، فهل يُلحَظ اليوم على ابواب محاولة وأد قرارات باسيل الجريئة؟؟
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
"الإتفاق حصل"... بو صعب سيبلغ بري بهذا الأمر! 9 مرة جديدة... الجيش الإسرائيلي يستهدف بعلبك! (فيديو) 5 طائرة تهبط في مطار بيروت وعليها عبارة "تل أبيب"! 1
"إنجاز هائل" لحزب الله... إعلام إسرائيلي يكشف! 10 رواتب القطاع العام في خطر هذا الشهر! 6 صوت قوي "يوقظ" سكان الجديدة... ماذا حصل عند "ABDO"؟! (فيديو) 2
نائب يودّع العزوبية بعد أسابيع! 11 عملية للحزب في عمق اسرائيل... صقور متفجرة تدك القاعدة العسكرية الأكبر! 7 الرواية الحقيقية لـ "إنفجار دورس"! 3
"بهدف التستر"... الأقمار الصناعية تظهر ما قامت به إيران! 12 الإثنين يوم مفصلي... هل يحمل البشرى؟! 8 أرسل صوراً لـ"القبة الحديدية"... هكذا خدعت طهران جندي إسرائيلي! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر