Beirut
16°
|
Homepage
"واو الجمع" بين السيّد والطفيلي
عبدالله قمح | الثلاثاء 17 تموز 2018 - 0:00

العلاقة بين جميل السيّد وحركة أمل وصلت الى نقطة اللا-عودة

يؤخذ على السيّد اعادة صياغته لمصطلح فتنوي اطلقه الشيخ صبحي الطفيلي

ينظر الى خطابه على انه يتسبب بإنقسام داخل الصف الشيعي

بات حزب الله محشوراً بين السيد وحركة أمل

مسؤولون في حزب الله لا يخجلون من البوح بامتعاضهم من سلوك السيد


"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

دخل على الوجدان البقاعي مقولة جديدة يرشحها البعض لبلوغ مصاف المذهب السياسي على مستوى المنطقة. البعض يحسب انها في طور النضوج مبالغاً في رفعها من المذهب السياسي الى معجم المفردات السياسية فتترقى على سلم المفردات لتصبح رائجة فور اكتمال دورة حياتها غير البعيدة، المقصود عبارة "الثنائي الجنوبي".

للحقيقة أن ابوتها الروحية تعود الى الوكيل الشرعي للاعتراض التاريخي على الثنائي الشيعي، الامين العام "المفصول" لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي الذي اكتشف المقولة منذ فترة ووجد ضالته لترويجها في الانتخابات النيابية الاخيرة التي حفلت بتطور نوعي لم تشهده الساحة البقاعية قبلاً، تجلى برفع صوت الاعتراض الانمائي بوجه الثنائي الشيعي.


وللحقيقة ايضاً أن المقولة لم تبقَ على حالها أو حصر استخدامها من قبل شخصيات او مشتغلون محددون في السياسة، بل تعرضت للتفسير والتأويل والتعديل، كلٌ وفق ما يهوى.

فالمرشح الاساسي الذي واجه الثنائي الشيعي، يحيى شمص، اعتمدها كسلاح تأجيج واستجرار اصوات ضد الثنائي مستنسخاً العبارة كما جاءت على لسان مطلقها بالضبط، في حين أدخل آخرون تعديلات عليها وفقاً لما يشتهون، لعل آخرهم النائب المنتخب على قوائم الثنائي نفسه، اللواء جميل السيد الذي هندسها لتصبح "شيعة مقاومة وشيعة دولة".

وكي لا يشوب تفسيره تفسيرات مقابلة، شرح عبر "تويتر" مقصده من وراء الطرح، لكن يا ليته لم يشرح لكونه صنف شيعة الدولة على انهم حركة أمل وكأنه أوحى بأنهم ليسوا مقاومة، واضعاً اياهم في خندق "ابتذال" منطقة البقاع عبر حجب الانماء والتقديمات عنها مقارنةً مع السخاء المقدم للجنوب، في تفسير هندسي واضح لا يبتعد عن المقولة الاساس، "الثنائي الجنوبي" الا من حيث تصريف المصطلح.

حتى أن المفسرين ذهبوا بعيداً في تحديد ما وراء كلام السيد، معتبرين أنه "لا يفرق كثيراً عن اهداف صاحب الحق الحصري للمقولة (الشيخ الطفيلي) الى حد وضع النائب السيد نفسه في خانة واحدة مع الطفيلي ويا لها من مفارقة ان يقع الرجلان في خانة واحدة.

لم يعد سراً ان كلام النائب السيّد الاخير تسبب بمزيد من الخلاف مع قيادة حزب الله التي ترعى بشدة المكون الثاني في الثنائي، حركة أمل، لكن أبعد من ذلك، يدور امتعاض حزب الله الأكبر بسبب خلق "منصة خلاف" غير ضرورية تنسحب تدريجياً الى انقسام داخل البيئة الشيعية، بين من هو مؤيد لخطاب جميل السيد "الانمائي" وجزء منهم من المحسوبين على حزب الله، وآخر يرفض ذلك لأسباب سياسية معروفة تقوم على اعتبار الانتماء لحركة أمل، وهي مصيبة الحزب الاكبر الذي اتته من غير ما يحسب.

أكثر من يزعج حزب الله اليوم أن خطاب جميل السيّد وما ينتج عنه في الشارع، وعلى احقيته في جانب منه، يصب في مصلحة من راهنَ أساساً على خلق بيئة متحركة عند شيعة البقاع انبرى الحزب لمعالجتها بعيداً عن الشعبويّة المتهم بها جميل السيّد اليوم، بل وبأقصى منها، أي محاولة خلق ثنائية سياسية مغايرة تستبطن داخل الثنائية الاساسية المحسوب عليها التي اتى بفعل حصريتها الشعبية لا قوته الذاتية.

أنها الاهداف البعيدة المدى التي جعلت من النائب السيد ينقلب "مبدئياً" على رفاق دربه في حزب الله الذي لا يحسد على الحرج الذي اوقعه السيد به أمام مناصري "أمل" الذين يشيرون بأصبع اللوم والمسؤولية على الحزب.

ولطالما عمل وتعامل حزب الله مع محاولة انهاء أي شائبة ممكن ان تظهر وتؤدي لانقسام بين الطرفين، وفي ظل المعطى الجديد والنموذج المقدم من السيد عبر تويتر وخلال المواقف التي يصدرها أمام من يئمون دارته اسبوعياً في أبلح، يصبح السؤال لا بد منه: "كيف للحزب أن يتعامل مع هذه الحالة؟"

تقرّ مصادر متابعة أن جميل السيد قارئ يجيد السياسة بل إنه قارئ جيّد جداً يعرف كيف يخط طريق مواقفه ويحدد لها مسارها والهدف الذي ستبلغه، ويعلم كيف يهندسها على نحوٍ تخلق جدلاً وتصل الى غايتها كرسالة منمقة، اي يحيط ما ينطق به بإدارة محنّكة، حتى انها تجد كثيراً من الشبه بينه وبين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي يجيد هو الاخر توجيه الرسائل، كإجادة فتح دارة المختارة في الاوقات الحساسة، تماماً كوضع السيّد اليوم.

وتستخلص أن السيد عرف حقاً كيف يستغل الاعتراض الموجود في البقاع ثم يبدأ عملية تبنيه مستفيداً من قربه من حزب الله -الغير مؤيد لهذا النموذج-، كما يقهر معارضي الحزب من الخطاب الذي سحب من اسفلهم سجادة لطالما بنوا سياساتهم عليها، فوجودا فجأة أن "السيّد" روّض الخطاب ونسبه إليه!

آخرون يجدون أن ما يقوم على خطاب النائب جميل السيّد هي اسباب تاريخية تعود أولاً الى تصفية حسابات بينه وبين حركة أمل، وثانياً معاينته تراجع حضور الحركة في البقاع عامةً وهو عامل يرتكز اليه في ايجاد قاعدة تأييد لحملته، وهو ما يجعل من السيّد مبالغاً الى هذا الحد في انتقادها وتصويب السهام نحوها على وزن التغريدة الثقيلة ( اطلقوا شتاميهم بحملة منظمة هيدا مستواهم مش أكتر هني معودين يخوفوا الناس ببعض زعرانهم صوت الناس من صوت الله) التي حملت مجموعة اتهامات في تغريدة واحدة واعتبرها هؤلاء "نقطة اللا-عودة".

في المقابل، ينظر متفائلون الى نوعية الخطاب على انه أمر جيد يفيد الثنائي الشيعي وتحديداً حزب الله! كيف؟ عبر "تهذيب" خطاب الاعتراض البعلبكي وسحبه من أسفل المعارضين السياسيين لحزب الله! ووفق نظرتهم، أن جميل السيد وإن تمادى كثيراً وذهب بعيداً في الاعتراض، تبقى له حدود ومسلمات لا يتجاوزها، ويستطيع ان يضبط خطابه ويعيده الى قاعدة أولى، وهو ما لا يتمتع به المعارضون الاخرون لحزب الله.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
اسرائيل تحضّر لـ "اقتحام برّي" في الجنوب والجولان! 9 صدمةٌ بين الأهالي... بلدة لبنانية تستفيق على مأساة! (صورة) 5 يخضع منذ الصباح للتحقيق... والتهمة صادمة! 1
الحزب يبدأ "معركة الداخل" ويطلب وضع الجيش "رهن إشارته"... مخطّط سريّ! 10 ممارسات إسرائيلية تشكّل تهديداً لمطار بيروت! 6 "رسائل خطيرة على الهواتف"... وتحذير جدّي إلى المواطنين! 2
المهندس "أبو علي" ضحيّة جديدة للإعتداءات الإسرائيلية! 11 بعد فصل طالبة لبنانية من جامعة أميركية... دعوةٌ من إعلامي لبناني! (فيديو) 7 "الثمن مُكلف جدًا"... لافتة تُثير الإستغراب في الغبيري! 3
سرقة أسلحة وذخائر من إحدى فصائل قوى الأمن… حاميها حراميها 12 تحذيرٌ "عاجل" من اليوم "الحارق" المُرتقب... وهؤلاء عرضة للخطر! 8 "إجتياح من نوع آخر" لمدينة لبنانية! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر