"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

منذ خمسٍ وسَبعينَ سنةً تماماً في العام 1943 تأسست جمهوريَّة المَوزُ البَلدي. موزٌ لَم تستَعِمل الجمهوريَّةُ سِوى قشورُهُ لتنزلِقَ عليها الدولَةُ ويزحَطَ فوقَها الوَطَن.

بسياسَةِ "التّزحيط" حكَمتِ الجمهوريَّةُ. كلمَة واحِدَة كانَت وما زالَت تشكِّلُ بياناتِها الوزاريَّة هي كلِمَة "زَحِّط". زَحِّط مواطِن، زَحِّط إصلاح،زحِّط أمِن، زحِّط صِحَّة، زَحِّط إستِقرار، زحِّط تنميَة.

ألفُ زَحطَةٍ أفضَلُ مِن السَّير على خُطَى الدّولَة. الطريق التي لا تَنزَلِقُ تثيرُ حَفيظَةَ الحكّام وكلَّما استَوَت واستقامَت وصارَت صالِحَةً لسيرِ الدّولَةِ يسارِعونَ إلى فَلشِها بقشرِ المَوز لِيَضمَنوا للدولَةِ زَحطاتٍ طويلَةً لا يَنجو مِنها حتّى أفضَلُ المتزلِّجين.

وَطَني يسأل متى يُصبِحُ وَطَناً لا زَحطَةَ وَطَن. وطَنٌ يشبِهُ كلَّ أوطانِ العالَم. وَطَنٌ فيهِ فَقط ما يَكفي لحياةٍ كَريمَة. وَطَنٌ يتنفّسُ كبقيَّةِ الأوطان مِن دَونِ أنابيب، يتغذّى ويَنمو مثلُ أوطانِ العالَم لا على حِقنِ المورفين والعلاج الكيميائي.

وطَنٌ يولَدُ فيهِ الأطفالُ ليلعَبوا ويتعلّموا لا ليتسوّلوا مستَقبَلَهُم على أبوابِ السفارات.وطنٌ نموتُ فيه عندما نشيخُ ونمرضُ مثلُ بقيةِ الناس لا عندما تقتلُنا السمومُ ورفاريفُ السيارات.وطنٌ لا نموتُ فيه على باب مستشفَى ولا يقتلُ فيه حلمَنا تاجِرُ مخدّرات ولا يغتالُنا فيه رصاصُ الأفراح ولا يَحمينا فيهِ زُعَماءُ الطوائِفِ.وَطَني يسألُ وعَلى أرصِفَةِ الأجوِبَة يزحَطُ الوَطَن.

منذُ خمسٍ وسَبعينَ سنةً والوَطَنُ يسأل. من زَمنِ "السلطان سَليم" المتأنِّقُ الذي أسَّسَ لِنِظامِ النشّالَين البارِعَين "بوني وكلايد" إلى زَمنِنا هذا حيثُ تمارسُ ذريّتهُما فكَّ شيفَرَةِ خزنَةِ الدولَة وتغرفُ مِنها تلالاً من ساعات رولكس وحقائِبَ أرماني للزوجات وسياراتَ دَفعٍ رُباعيٍّ للأذنابِ من المدّاحين.الوَطَنُ يسألُ فلا يَجِدُ سَوى قَراريطِ المَوز على مَدّ مؤسساتِهِ والنّظَر.

مَخامِرُ ممتدَّةٌ على طول التاريخ والجغرافيا، مَخامِرُ متخصِّصَةٌ بِتَخمير المَوز الفَجّْ وتَوزيعِهِ أمامَ الوزارات، والإدارات والدواوين لِضمان زَحطَةٍ قاتوليَّةٍ على أبواب أحلامِنا.

قِرَدَةٌ وسناجِبٌ وغوريللا بجميع الأحجامِ والأنواع تتناسلُ وتتسلَّقُ أشجارَ أدغالِنا القوميَّة منذُ 1943 تلتَهِمُ المَوزَ البَلدي وتَرمي بقشورِهِ أمامَ أرجُلِنا حتّى تضمنَ انزِلاقَنا من موزة إلى موزِة حتى آخرِ قِرطٍ في الوطن.

لقَد حَصَلنا عَلى براءَةِ إختراعِ جمهوريَّةِ المَوز البَلدي واستَوحَتها عَنّا بقيَّةُ المَزارِع المنتشرَةُ في العالَم فنحنُ الزرّاعونَ، ونحنُ القاطِفونَ، ونحنُ الخمّارونَ، ونحنُ رماةُ القشور في وَطنِ القشور، وكلَّما رأينا قِرداً يتلذّذُ بِموزَتِه فلنقُل " يا قِرد" ولنتحضَّر لِمسلسل جَديد من التزحيط الوَطَني على طولِ مساحاتِ الغَباءِ والغَيبوبَة!