3.64 مليار دولار بـ7 صفحات فقط... ماذا يحصل في عكار؟

Beirut

16°

Coming
Soon

نهلا ناصر الدين

الجمعة 31 آب 2018 - 0:00

تدور حول العقد المبرم بين بلدية شدرا وشركة "هوا عكار" إشارات استفهام عديدة

تستطيع الشركة أن تنتج 129 ميغاوات أي قيمة مبيع تساوي 121.5 مليون دولار في السنة

الغرامة الاكراهية للشركة قدرها فقط 50 دولار في اليوم أي 18,400 دولار في السنة

عدد صفحات العقد لا تتجاوز الـ 7 صفحات ما يشكل سابقة في تاريخ العقود المماثلة

لماذا لا يتم التلزيم بشكل قانوني عبر فتح مناقصة أمام الشركات المهتمة وفض عروض؟

"ليبانون ديبايت" - نهلا ناصر الدين

بعد كشف "ليبانون ديبايت" بالوثائق الإعتداء الممنهج والصريح على أملاك خاصة تعود لمواطنين لبنانيين في شدرا، لتنفيذ مشروع "هوا عكار" تحت عنوان تأمين الطاقة الكهربائية للقضاء، ندخل اليوم في تفاصيل العقد المبرم بين البلدية وشركة "هوا عكار" الذي تدور حوله إشارات استفهام عديدة.

يشرح رئيس بلدية الظل في شدرا المهندس روجيه جعلوك هذه التفاصيل، ويؤكد أن في العقد إجحاف كبير بحق البلدية وأهلها. فالمساحة اللازمة لتنفيذ المشروع كما هو ملحوظ في محضر تحقيق عدد 204/28 بتاريخ 31/1/2013 في مخفر فصيلة درك مشتى حسن، بحسب إفادة رئيس بلدية شدرا المهندس جورج خليل هي 343,523 متر2، بينما الخرائط المنشورة تؤكد أن المساحة تبعاً لإفادة خبراء طبوغرافيين تقدر بما هو أكبر من ذلك بكثير.

واستناداً لما صرح به وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال سيزار أبي خليل في مقابلة تلفزيونية بتاريخ 19/9/2017، حدد سعر مبيع الميغاوات إلى الدولة المتفق عليه مع الشركات المنتجة للطاقة الكهربائية بواسطة المراوح هو 10.75 سنت أي ما يعادل 941,700 لمبيع الميغاوات في السنة.

وبحسب بنود العقد المادية والقانونية يتيح لشركة "هوا عكار" أن تنتج 129 ميغاوات أي ما قيمته 121.5 مليون دولار في السنة (البند السابع)، يذهب من المبلغ لصالح البلدية ما يقارب الـ 516,000 دولار أميركي في السنة، أي نسبة 4.2 في المئة فقط من قيمة المبيع للشركة (البند التاسع ـ ج)، علما أن البلدية مسؤولة عن تقديم طريق يربط الطريق العام بالموقع، ومسؤولة أيضاً عن حماية الموقع بكل مساحته الشاسعة والمعدات الموجودة فيه، وهذا يستدعي تكلفة كبيرة للحراسة، وان أي ضرر سيقع على معدات الشركة ستتحمل البلدية كامل المسؤولية المادية والقانونية عنه (البند السادس)، ما اعتبر مجحفاً بحقها.

أما "أخطر بند" في العقد كما يسميه جعلوك، فهو (البند العاشر) الذي ينص على أن مسؤولية الشركة هي فقط الالتزام بغرامة اكراهية قيمتها 50 دولار في اليوم أي ما يعادل 18,400 دولار في السنة، ما يعني أن الشركة تستطيع الاستمرار في العمل إن أخلت ببنود العقد، لأن قيمة الغرامة الإكراهية في السنة لا تساوي شيئاً بالنسبة لقيمة المبيع المقدرة بـ 121.5 مليون دولار في السنة.

كما يبدي جعلوك ملاحظاته على عدد صفحات العقد التي لا تتجاوز الـ 7 صفحات، ما يشكل سابقة في تاريخ العقود المماثلة، ولا ننسى أن قيمة العقد المالية تساوي 3.64 مليار دولار (البند الثالث) إذ أن مدة العقد تبدأ بتاريخ توقيعه وتنتهي بعد ثلاثين عاماً.

ولجانب كل هذا هناك لغط كبير حول إلغاء العقد واستمراريته القانونية، فالعقد المبرم بتاريخ 11/4/2011 لا يزال قائم بين الشركة والبلدية، بالرغم من اصرار كل من شركة "هوا عكار" ورئيس البلدية سيمون جرجس على أن العقد بات بحكم الملغى، تبعاً للبند الثالث من العقد الذي ينص على وجوب بدء الانتاج والعمل في المحطة في مهلة أقصاها أربع سنوات من تاريخ انبرام العقد. إلا أن البند العاشر المتعلق بفسخ العقد ينص على أنه يحق لأي من الفريقين فسخ العقد الحاضر وذلك في حال لم يلتزم الفريق الآخر بأي موجب من موجباته التعاقدية أو القانونية ولم يصلح الوضع خلال 30 يوم من تلقيه انذارا بهذا الخصوص من الفريق غير المخلّ.

وتثبّت الوثائق التي حصل عليها "ليبانون ديبايت" أن العقد لا زال سارياً، إذ أن هناك مراسلات بين البلدية والشركة، تطالب فيها الأولى الشركة بدفع مبلغ ستة ملايين ليرة لبنانية عن الفترة الممتدة من 11/4/2015 وحتى 11/12/2016 مقابل إشغال العقار، وردت الشركة في 23/1/2017 على رئيس البلدية مع إرسال شيك مسحوب على بنك لبنان والمهجر رقم 246729 تاريخ 21/1/2017 بالمبالغ المتوجبة لغاية 11/4/2017 ، أي ما يغطي إشغال العقار لأربعة اشهر لاحقة عن التاريخ الذي أوردته البلدية.

وعاد وراسل رئيس البلدية الشركة في تاريخ 4/2/2017 معتبراً أن العقد مفسوخ بينهما، بحكم عدم انفاذ موجبات الشركة التي تعهدت بتنفيذها بموجب العقد. ممهداً للقاء ثنائي للاتفاق على عقد جديد. وردت الشركة على البلدية وبررت تأخير الانتاج بعدم التزام البلدية بتأمين الموافقات اللازمة لابرام العقد ومنها موافقة وزارة الداخلية والبلديات. وهي الموافقة التي اعتبرتها بلدية شدرا في ردٍ لها "لزوم ما لا يلزم" كون المادة 59 من قانون البلدية لا تخضع عقود الايجارات التي تقل قيمتها عن عشرة ملايين ليرة لسلطة الوصاية الادارية.

ويلفت جعلوك إلى أن رئيس البلدية مهّد بعدة مناسبات لإعادة ابرام عقد جديد بالتراضي مع "هوا عكار" منها ما سبق ذكره، ومنها ما أفاد فيه جرجس محافظ عكار في تاريخ 16/3/2018 بأن البلدية في صدد مفاوضات لإجراء عقد استثمار في الجبل الشرقي لصالح شركة "هوا عكار". ما يطرح إشارات استفهام حول الإصرار على الاتفاق بالتراضي تحديداً مع هذه الشركة مقابل مشروع بهذا الحجم، فلماذا لا يتم التلزيم بشكل قانوني عبر فتح مناقصة أمام الشركات المهتمة، وفض عروض وتلزيم كما يحصل في كل العقود المماثلة؟.

وينفي جعلوك ادعاءات رئيس البلدية بإلغاء العقد، إذ أنه لا وجود أي مستند قانوني بفسخ العقد، علماً أن أي عقد يلغى بموجب سببين لا غير، إما بموافقة الأطراف المعنيين بالعقد أو بحكم قضائي، وإن أي انذار كتاب مهما كانت قانونيته لبطلان أي عقد، لن يكون نافذا قانونياً إن لم يتبعه بحكم قضائي.

كما يبرز جعلوك مراسلة بين شركة غريب العالمية للشحن الدولي "جيفكو ش.م.ل" لوزارة الدفاع – قيادة الجيش، عمرها ما يقارب الثلاثة أشهر، تطالب فيها، بتفويض من شركة (BUTIC) بوتيك صاحبة الامتياز بإنشاء محطات الأبراج في منطقة عكار، التسهيل والمساعدة في عملية الكشف من أجل شدرا التقييم والاستكشاف لمسار عملية نقل 16 تورباين وأبراج الرياح والشفرات التابعة لها.

حالة قانونية هجينة، تعتري هذا العقد، ولعل أضعف الايمان اليوم هو إلغاء العقد قانونياً كما يلزم، والتأسيس لعقد جديد يحفظ حقوق أهل شدرا، عبر تلزيم قانوني غير مشبوه، يشبه ولَو من بعيد العقود المماثلة في أي دولة تحرص على مالها العام وحقوق مواطنيها.

للاطلاع على العقد المبرم بين بلدية شدرا وشركة "هوا عكار" اضغط هنا:
http://lbdb.co/8302018.pdf

انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا