Beirut
16°
|
Homepage
المعادلة التي أسقطت "مسودة الحريري"
عبدالله قمح | الخميس 06 أيلول 2018 - 1:00

ساد اعتقاد خلال مرحلة الانتخابات ان تشكيل الحكومة سيتأخر

السبب هو تبدل موازين القوى في الداخل

سعى الرئيس المكلف لادخال تعديل على تلك التوازنات عبر عكس صورة الحكومة عن المجلس

قدم تشكيلة وزارية تعطي الثلث المعطل الفعلي لقدامى 14 آذار

ما اعطى انطباعاً لدى المعنيين ان الحريري يعمل على نسف نتائج الانتخابات


"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

راجَ قبلَ بداية السِّباق الإنتخابي وصولاً للفَترة التي تَلَت إصدار النّتائج، حديثٌ في أكثر من مَجلس وَجرى تناقُل تفاصيله في الكَواليس السّياسية، بأنّ تشكيل الحُكومة سيأخُذ وقتاً ولَن يَكون بالأمر السَّهل، نتيجة عِدّة عَوامل لا تقتَصِر على القانون الإنتخابي المُرتكز الى قاعدة النّسبية فَحَسب، حتّى أنّ التّوقعات يَومَها رجّحت تأخيراً لأشهر معدودة إفساحاً في المَجال أمام إجراء جِراحة موضوعيّة للتوازنات التي ستنتُج عن الإنتِخابات.

خلال تلك الفَترة، سَرى حديث حول أنّ أشهُر الصّيف الثَلاث ستمُرّ دون حُكومة على أن يبدأ البَحث الجدّي عِند حلُول الخَريف، وهوَ حَديث طغى وتسلّل في بعض الأوقات الى الإعلام على شكل تسريبات صحافيّة. ما يُثبت أنّ التّسريبات قَد صدقت، هو إعلان رئاسة الجّمهورية أنّها عازمة إبتداءاً من مَطلع ايلول على تبني أسلوب يؤدي الى التّشكيل.


وكانَ خِلال تلك المّدة، أنّ بعض من هُم وَراء البِحار اعطوا فترة سماح تنفع في إحداث تبدُّلات، بحيثُ لا تنعكس على الوَضِع الإقتصادي، إلى أن بدأت الأزمة تشتَد وتهدّد بالإفلاس، ما أسَهم في إدخال مسألة "التفّكير في إعادة التّرتيب" الى قائمة الخيارات البَديلة.

وَ رُغم ذلك، سادَت نظريّة أُخرى سَعى سَفير دولة أوروبية رئيسة لترويجها في بيروت، تقوم على القُبول بنتائج الإنتخابات كما هي وترك الغالبيّة النيابيّة تَحكُم، وَذلك في نفس الفترة التّي راج فيها مضي البَعض في خيَار تأليف حكومة أكثرية. حينَها وعِند سُؤال أحد المواظبين على لقاء هذا السّفير عن أسباب إطلاقه لهذا المَوقف أجاب: "سعادته يعلم أنّ لُبنان لا يُحكم إلا بالتّوافق، وَحينَ يستلم الفريق الآخر السّلطة، إعلموا أنهّ لَن يتَّخذ قرارات تُثير حَفيظة الدُّول" أي بِما مَعناه أنّ الدّول تُؤمِن بإلتزام أي فريق في لبنان المَعايير الدّولية.

المُهِم ، أسفَرَت الإنتخابات النّيابية عن انكفاء السّيطرة البرلمانية التي دامت لـ ١٤ آذار مدة ١٣ عاماً، لصالح غالبية بالشراكة بين ٨ آذار وحلفائهم في التيّار الوطني الحُر، على شكل لامَس حدود ٦٠ نائباً ٧٠ في حال جرى احتساب حلفاء التيار الذين فازوا على لوائحه، ما يَعني أنّهم وضعوا بالحد الأدنى اليد على ٤٦٠٨ في المئة من نسبة التّمثيل في المَجلس وبالحد الأقصى ٥٤٠٦ في المئة، ما يَجعل الفريق الآخر قابض على ما يقارب الـ ٤٥٠٤ في المئة فقط!

هذه النِّسب قُرأت جيّداً عند الدُّول المَعنيّة بالمَلف اللّبناني سيَّما تلكَ الدّاخلة في تفاصيله، التي عمّمت أوامرها بضرورة إعادة التوازُن السّياسي الى البلاد عبر تجيير القوة التي فُقِدت في الإنتخابات الى مَجلس الوزراء بالإستفادة من وضعية لُبنان الطّائفية وبعض العناوين الدّستورية، وهذا السيناريو يتم عبر صَرف توازُنات جديدة على قاعدة "الحُقوق التوزيرية لأحزاب" تُصنّف ضُمن خانة أضْعَف الفائزين.

من أَنتج هذه النّظرية وراهنَ على إحتِمال تحقيقها، لَجَأ للقياس على التّاريخ، على إعتبار أنّ عامَي ٢٠٠٦ وَ ٢٠٠٩ فازَت قوى ١٤ آذار بنسَب قريبة من النّسب التي حَقّقتها ٨ آذار وَ حُلفائها في ٢٠١٨ ، لكنّها لَم تتمكّن مِن الحُكم بِشكلٍ مُنفَرِد أو تَمرير سياسَات احادية مِن دون مُوافقة الفَريق الآخر، الذّي عَمِل على نَسف نتائج الإنتخابات من خِلال اعتماد مَبدأ الشّهية في التوزير، مُسترداً ما خسره في الصناديق بعد إنتظام دام أشهراً ، في مَجلس الوزراء من خلال ما سُمّي حينها "الثّلث المُعطّل".

في عام ٢٠١٨ تَلجأ القُوى الرّئيسية الفائزة في ١٤ آذار لإعتماد الأُسلوب ذاته، أَي استعادة ما خسرته في الإنتخابات داخل مَجلس الوزراء وهذا يُمكن الإستناد إليه في عدّة أمور ظاهرة منها:

- إنّ َفريق تيّار المُستقبل - القوّات اللّبنانية - الحِزب التّقدمي الإشتراكي، رفض فكرة مَنح التيّار الوَطني الحُر ومن خَلفِه حُلفائه كمثل حزب الله، ثلثاً معطّلاً داخِل مَجلس الوزراء يَتيح لَهُ التفرّد في التحكّم بمجلس الوزراء، كَي لا يَسمح له/لهم بِضَم المَجلس الى قائِمة النُّفوذ المُمتدة مِن رئاسة الجّمهورية حتى المَجلس النّيابي.

- إنّ الرّئيس المُكَلّف تَشكيل الحُكومة سَعد الحَريري، وَفي آخر مسودّة حكوميّة رَفعها لرَئيس الجّمهورية العِماد ميشال عون، اعتمد صيغة ثلاثينية أعطَت فريق ٨ آذار التَقليدي (أمل - حزب الله - المردة) ٧ وزراء مُقابل مَنِح فريق ١٤ آذار التَقليدي (قُوات - مستقبل - اشتراكي) ١٣ وزيراً بالإضافة لـ ١٠ وُزراء لِفريق رَئيس الجُمهوريّة والتيّار الوَطني الحُر، بمَعنى أنّ الثّلث المُعطّل وُضِع في عُهدة الفَريق الثّاني على اعتبار أنّ الفَريق الأوّل ليس بحاجة إليه، ما فسّر على أنّ الصّيغة الجَديدة ضَربة قاضِية لنتائِج الإنتخابات.

وقياساً على ذَلك، استنتجت أوساط أن ما دَفَع بالرّئيس الحريري إلى الوقوف في وَجه الغالبيّة النيابيِة، ليسَت أسباباً داخليّة تَقوم على مَصالح سياسيّة تَخُص جهات حزبيّة مُعينة بقدر ما هي إيحاءات خارجيّة تَرتبِط بوضعيةّ لبنان في الإقليم وشكل توجّهاته السياسيّة والجّهة السياسيّة المُكَلّفة إدارته بالإستفادة مِن ما غنمته خلال فترة الإنتخابات.

لِذا تستَخلِص أنّ مَنِع الرّئيس المُكَلّف من أنّ تَقوم الغالبيّة النيابيّة بتفسير نَفسِها في مَجلِس الوزراء، يرتَبِط في إقامة توازُن سِياسي مُعيّن داخِل المَجلِس لا يتّخِذ من نتائج الإنتخابات -كَما هيَ- قاعدة له، بحيث لا يَكون فيها القَرار للغالبيّة النيابية، وهذا ما جَعل مسودة الحريري تسقُط في فَخ عون بذريعة أنّها غير متوازنة، وُسط ظَن مِن أنّ الوَضِع سيبقى على ما هو عليه حتّى يتبلور شيء ما في الإقليم يُعيد ترتيب التّوازُنات الجَديدة.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
فرنجية ليس شيطاناً والياس بو صعب خسارة كبيرة... نائب عوني يحذّر من قنبلة ستنفجر ونداء إلى بري! 9 عصابة "خطرة" تنشط في طرابلس... بطلتها إمرأة! 5 بالفيديو: إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في برج حمود 1
كليب "يُرجح" ما قد تبلغه فرنسا لِميقاتي اليوم! 10 بشار بطل عمليّة نصب كبيرة في طرابلس! (صور) 6 مستجدات فصل بو صعب من التيار! 2
بشأن تعديل قيمة رسوم المعاملات... بيانٌ من الأمن العام! 11 "النكزة الأخيرة"... منشورٌ "ناريّ" للسيّد! 7 سيناريو "مُقلق" ينتظر مطار بيروت... إنذار خطير وأيام حاسمة! 3
صور "تظهر" حجم الأضرار في القاعدة الإيرانية المستهدفة! 12 زياد أسود يكشف خلفيات "فصل" بو صعب وعن "حضانة" باسيل: ما حدا باقي! 8 حافي القدمين... نائب سابق يتعرّض لسرقة "من نوع آخر"! (فيديو) 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر