"ليبانون ديبايت"

كعادتها في الأسبوع الثالث من شهر تشرين الثاني من كل عام، تلتئم الجمعية العمومية للمحامين لانتخاب أربعة اعضاء جدد لمجلس نقابة المحامين في بيروت.

قد يبدو الخبر عادياً غير أن دورة 2018 تتخذ هذا العام طابعاً استثنائياً لا سيما وانها تجري على أبواب الذكرى المئوية الأولى لتأسيس نقابة المحامين في بيروت، هذا فضلاً عمّا يرافق هذه الانتخابات من سطوع نجم "المحامين المستقلين" كلاعبٍ أساسي في عملية الإقتراع لدورة 2018، وذلك وسط أجواءٍ تتكاثر فيها الإشكاليات المتصلة بحقوق المحامين ومعايير الحصانة والعلاقة مع الجسم القضائي.

الأحزاب السياسية في حالة تأهّب تستنفر مناصريها بين المحامين وتحيك تحالفاتٍ ترمي من خلالها إلى بسط سيطرتها على نتائج الإنتخابات لتعزيز حضورها في مجلس النقابة والفوز بالمقاعد الأربعة من أجل قطع الطريق على احد المرشحين المستقلين، وهي لهذه الغاية تتموضع وفقاً لخريطة تحالفات على النحو التالي:

- التيار الوطني الحر أنجز تحالفه الإنتخابي مع حركة أمل من أجل دعم مرشحيه الإثنين المحاميين فادي حداد وإيلي بازرلي ومرشح الحركة المحامي أسعد سعيد، هذا في حين تتحالف القوات وتيار المستقبل لدعم مرشحيهما المحاميين إيلي الحشاش وجميل قمبريس وسط معلوماتً من إمكانية إنضمام الحزب الإشتراكي لدعم هذا التحالف دون أن يكون للتقدمي أي مرشح حزبي.

وتلفت مصادر مطلعة على سير مجريات العملية الانتخابية الى أن ثمة تعاملاً باتت تظهر معالمه بين قواعد المحامين المحازبين في الأحزاب المشار إليها اعلاه للضغط على مرجعيتها بقصد دعم مرشحٍ من المستقلين لا سيما في ضوء المواقف الخجولة وشبه المعدومة لهذه الأحزاب من مجمل الهواجس والإشكاليات التي يعاني منها المحامون، هذا في حين يتصدّر المحامي عماد مارتينوس قائمة المرشحين المستقلين بحيث تسعى أحزاب التحالف إلى محاولة تطويقه وحجب الأصوات عنه.

مارتينوس يتسلح بمروحة علاقاتٍ شخصية واسعة فضلاً عن علاقاته المهنية مع جميع شرائح المحامين بالنظر الى اضطلاعه بمهامٍ نقابية عديدة خلال مسيرته المهنية فضلاً عما يحظى به من تأييدٍ لدى المحامين المستقلين ولدى نادي الحقوقيين الأمر الذي يترافق مع ما أكدته مصادر مطّلعة من اتجاه واضح لدى قيادة كل من حزبي الكتائب والأحرار في دعم ترشيحه، لا سيما وان المحامي عماد مارتينوس تمكن بخطابه ومشروعه الإنتخابي من ملامسة كافة الهواجس التي يعاني منها المحامون بطروحاتٍ موضوعية وحلولٍ عملية واضحة تجعل منه حاجةً للتصدي لما يعتبره المحامون "تخاذلاً نقابياً" أمام التحديات التي باتت تشكل مساساً بكرامة المحامين وحقوقهم.

كما تلفت المصادر المطلعة لسير العملية الإنتخابية الى أنه في حال تمكن المحامون المستقلون من رص صفوفهم والتوحّد حول مرشّح مستقل يحمل همومهم وهواجسهم فهم حتماً سيتمكنون، مع دعم الأحزاب الخارجة عن اصطفافات التحالفات الحزبية، من أحداث إختراقٍ مدوٍ لمجلس النقابة وتالياً تفعيل طروحاتهم وتحويلها الى قراراتٍ نقابية فاعلة.

وفي الختام، ثمة استياء يسود أوساط المحامين من الهجمة الحزبية المتكررة التي تهدف بحسب الاوساط المتابعة إلى السيطرة التامة على مجلس النقابة، بالاضافة الى إصرار مجموعة من نقباء المحامين السابقين على محاولة فرض ترشيح محامين بالإتفاق مع النقيب الحالي بحيث تؤكد هذه الأوساط ان المرشح ايلي بازرلي الذي انتقل من صفوف المحامين المستقلين خلال دورة 2017 إلى مرشح للتيار الوطني الحر لهذه الدورة هو مرشحٌ ايضاً لنقيب المحامين الحالي أندريه شدياق.

وهكذا وفي ظل اشتداد غبار المعركة الانتخابية داخل نقابة المحامين تجري عملية الإقتراع الإلكتروني يوم الأحد لتسدل بعد دقائق معدودة على انتهائها ستارة التكهنات وتحسم خيار المحامين.

فهل تنعكس حداثة الإقتراع الالكتروني على إحداث تغيير جذري وإيصال مرشح مستقل لعضوية مجلس النقابة؟ وهل تستعيد "أمّ النقابات" خيار الحرية ومناصرة كرامة المحامين وهيبة المهنة دون حساباتٍ سياسية؟