"ليبانون ديبايت"- رماح الهاشم
"أول ما خبرني الحكيم خفت.. بكيت كتير... فكرت بولادي.. خفت عليهم كيف رح يكملو حياتن من دوني.. وما بدي حدا يشفق عليي"، أفكار راودت ميرفت عندما أبلغلها الطبيب أنها مصابة بـ "سرطان عنق الرحم".
ميرفت التي انتصرت على "السرطان" ذلك "العدو" الذي يتسلل إلى حياتنا ويبقى عدواً حتى لو تعايش معنا. إنتصرت عليه بالإيمان القوي وغريزة الأمومة والابتسامة الطاحنة والكبرياء الذي جعله يأكل نفسه بنفسه كانت تُصر دائماً على أن تكون بكامل أناقتها وشياكتها أثناء العلاج لكي لا تسمح لأي أحد بأن يراها ضعيفة أو منكسرة أو مستسلمة.
تروي ميرفت (40 عاماً) وهي الأم لثلاثة أولاد قصتها المليئة بالفصول الحزينة حيناً والسعيدة حيناً آخر. وتقول في حديثها لـ "ليبانون ديبايت" أنه منذ ما يقارب الثلاث سنوات أجرت صوراً وفحوصات روتينية، ولم تكن تراودها ولا لأي لحظة أو برهة فكرة أن تكون مصابة بالسرطان، إلا أنه بعد إجرائها الفحوصات إتصل بها الطبيب وطلب منها الحضور إلى العيادة، حضرت إلى العيادة لتواجه "صفعة" الحياة دون أيّ مقدمات. فجأة أصبحت الأمور كغيمة سوداء ضبابية تطفو فوق أيامها، وكثرت الأسئلة التي تتداخل وتتشابك دون أن تجد جواباً".
تسترجع ميرفت تلك اللحظات بالقول: "طلبت من الطبيب أن لا يخبر أحد من عائلتي ولا حتى زوجي، اتصلتُ فقط بصديقتي المقربة مني وأطلعتها على نتيجة الفحوصات، معتبرةً "أن وجعها لم يكن جسدياً بقدر ما كان نفسياً، كان همّي الوحيد أن لا يؤثر مرضي على أولادي ودراستهم، لا أعرف من أين أتيتُ بكل هذه القوة، كانت دمعتي أقوى من أن تنجرف على خدّي، كل ما كنت أفكر فيه هو أولادي فهم ما زالوا بحاجة إليّ ولم أريد أن أثير شفقة أي أحد، وهكذا كنتُ قوية في مواجهة هذا السرطان، بدأتُ أخوض معركتي معه دون خوف أو رحمة".
قررت ميرفت أن تقضي عليه لا أن يقضي عليها.. تلك الأم الجميلة لم تكن لقمة سهلة لهذا المرض لأنها عرفت كيف تنتصر عليه، قررت إجراء العملية لإستئصال الورم بكل قوة وإيمان دون أي خوف ودافعها الأول والأخير كان البقاء بجانب أولادها، فغريزة الأمومة كانت أقوى من "الخبيث".
ميرفت هي حالة من الحالات التي باتت تغزو منطقتنا، حيث احتلّ لبنان المرتبة الأولى بين دول غرب آسيا في عدد الإصابات بمرض السرطان قياساً بعدد السكان، بحسب تقرير صدر حديثاً عن منظمة الصحة العالمية. ولفت التقرير الى أن هناك 242 مصاباً بالسرطان بين كل 100 ألف لبناني، فيما سُجلت أكثر من 17 ألف إصابة جديدة في 2018، ونحو تسعة آلاف وفاة بالمرض.
رغم "خباثة" هذا المرض فإن إرادة المريض والأمل يإيجاد علاج تعززه الأبحاث المتلاحقة يبقي باب الأمل مفتوحاً للقضاء عليه نهائياً.
ووفقاً لذلك، تقول الباحثة في الأمراض السرطانية الدكتورة ديانا حاطوم أن "السرطان هو مرض كأي مرض يصيب الإنسان، فالخلايا السرطانية موجودة لدى كل إنسان، إلا أنها لا يمكن أن تظهر إلا عندما تتكاثر هذه الخلايا نتيجة خطأ في سلوكها، وتتضاعف وتصل إلى بضعة بليونات، فتبدأ بالظهور كأورام خبيثة."، لافتة إلى أنه "في بعض الأحيان قد يكون "السكري" أخطر على المريض من السرطان".
مشددة على أن "ربط الكثير من الناس السرطان بالموت، هو خطأ كبير"، مشيرة إلى أن "الكثير من الناس يعتبرون الخلايا السرطانية خلايا "إرهابية" دخيلة على الجسم لتزج به في عالم الأموات، وهذه فكرة خاطئة".
مثنية على أهمية دور الغذاء في محاربة السرطان، مشيرة في حديث لـ"ليبانون ديبايت" إلى أنه "إذا كان جهاز المناعة قويا سيتم تدمير هذه الخلايا ومنعها من التكاثر وتشكيل الأورام. كما يعتبر تجويع الخلايا السرطانية من الحقائق العلمية المتبعة في العلاجات الطبيعية، فالخلايا السرطانية تتغذى على السكر المكرر الذي تعتبره الغذاء المثالي لها، كما تتغذى على المادة المخاطية ويعتبر الحليب من المواد المنتجة للمخاط في الجسم، خصوصا في القناة الهضمية".
وأكدت حاطوم على ضرورة "وجود روح حيوية إيجابية ونفسية سليمة لمساعدة الجسم على محاربة السرطان، بحيث أن الغضب والتوتر والحقد وعدم التسامح سيضع الجسم في توتر وفي حالة من الحموضة، لذلك على الإنسان المريض أن يعلم أنه أبعد من حدود الجسد المادي، وأن يرتقي بنفسه ليعيش التسامح والحب والرضى في حياة سليمة طيبة تمد جسده بالطاقة الإيجابية، والعلاج يجب أن يكون شاملا، هذا لا يعني أن العلاج المادي لوحده لا يكفي، بل يجب أن يدعم بالعلاج العقلي والروحي لتحقيق التوازن الضروري للصحة".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News