"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

تدبير واحد "مُطَنطَن" اتخذته السلطة ضد الإتحاد العمالي العام في الأيام الماضية. تدبير السكوت. مراسم طلاق ودّي مُرفَق بتعهد بعدم الإقتراب من الشعب. إنسلاخ كامِل للبؤبؤ عن العين. وكأن الإعتصام حدث في سلطنة بروناي وليس في بيروت.

المسؤولون كانوا وقت الإعتصام يطلقون حَمائم تويتر من نوافذ قصورهم . تويتر، آخر صيحات الحوار الوطني. حَمامات تويتر الزرقاء تدير مداولات تشكيل حكومة لبنان. طبعاً خروقات حزبية طفيفة شاركت في الإعتصام كحّلَت سلطة مكفوفة تيمّناً بالمثل الرائج: الكحل أحلى من العمى. وصلت الرسالة. الشارع لن يهزّ ريشةً وضعها النظام الطائفي والراقصون في سهرةِ نارِه.

الهزيمة نفسها منيَت بها أقلام الصحفيين. بدعة السلطة: القلم الذي لا تستطيع الى تقليمه سبيلاً، أهمله وَأدع له بالتقليم. السكوت بيان وزاري بديل. مجلس نيابي يتحضّر ليكون الوكيل عن الأصيل. سلطة وقّعت على وكالة عامة لصالح حَمامات تويتر بحبر السكوت.

الشارع الآن جاهز لكل الأحذية. أحذية فقيرة تكاد تمشي من غير نعال وأحذية نعالها من جلد الفوضى.

وسط كل هذا السكوت يبني اللبنانيون بيوتاً من ذلّ ويقيمون فيها ويرصدون من وقت لآخر مرور سرب حمام تويتر أمام شرفاتهم.

ذلّ في كل شهقة وزفرة. البلاد تتحضّر لجولة جديدة من مهرجانات الدواليب المستعملة. سكوتٌ أيضاً. سكوتٌ لا يقيمُ وزناً لفداحة الجمهورية. السترات الصفراء تهزُّ عروش في أوروبا. في بلادنا تنزلُ مليون سترة يقابلها الصمت. أُطلِقَت آخر خرطوشة. لم يبقَ أي خرطوشة في بيت الشعب.

في الأجواء الإقليمية تحلّق أسراب حَمامات تويتر وخطة ماكنزي. الأولى تخرق رتابة الكلام. الثانية تخرق جدار الصمت.

لا يبدو لبنان بحاجة الى خطة بهذا الحجم. يكفيه أن تسترجع الدولة ملياراتها المنهوبة. ماكنزي يحقق أحلامنا الوطنية في العام ٢٠٣٥. أحلامُنا لا تتعدى حلم الصمود حتى الأسبوع المقبل.

طبعاً الجواب هو السكوت. سكوتٌ يشبه شخير الوالي وسبات شتوي لدببة القطب الشمالي. سكوت بمثابة شهادة وفاة للضمير الوطني. بمثابة هديل الحَمام. سكوتٌ يخرقه بين الفينة والفينة نبأ تحوّل لبنان الى منصة لحوار الأديان والحضارات.

دولة تسكت في الداخل ولا تجد حرجاً في أن تنطق وبطلاقة زكريا للتوفيق بين البرهمانية الهندوسية والبوذية السيخيّة .

إنسلاخ البؤبؤ عن العين. إنسلاخ الدولة عن الناس. وحدها حَمامات تويتر الزرقاء تحملُ اليناً قليلاً من الكلام في وطن السكوت المدوّي.