Beirut
16°
|
Homepage
عاصفة أميركية تضرب التيّار
عبدالله قمح | الخميس 17 كانون الثاني 2019 - 1:00

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

بينَ نوبات الضحك والزهود بالأجواء الدافئة، أجلسَ وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل، نائبان من حركة أمل ومثلهما عن التيّار الوطني الحر، على طاولةِ الضيافة التي تتقدم رهط المدعوّين إلى منزلِ النّائب ميشال معوّض. الدّعوة على شرفِ الضيف الأميركي، وطبعاً متى طلب العم سام الكل يستجيب. أمّ المتقاتلون المائدة، دقوا الانخاب على طرف نقيض من أزمة حديثة، شربوا الكؤوس، "قضّوا سهرة"، ومضوا في حالِ سبيلهم.

قبلَ "العشاء الأخير"، كان الضيف الأميركي قد ملئ الدنيا رشقات كلامية قصفَ بها حزب الله، لم تحرك أياً منها مشاعر الحلفاء الذين حضروا بالمثنى المائدة الدسمة والأطباق تشهد على شهيةِ الحاضرين، ولو قدر لها أن تتكلم لنطقت بما لذّ وطاب.


ثم ذهبت السّكرة وجاءت الفكرة، الضيف الأميركي غادر. القرار الآن هو في العودةِ إلى مربع الإشتباك الداخلي، لكن هل أدرك الحاضرون بعد أفول سكرتهم، أن ما تعده إدارة هيل له أن يبقيهم في سكرةٍ طويلة وتصبح الإشتباكات الدّاخلية مقرنة بما يحضر أمراً صغيراً؟

قبل أشهر قليلة تأهّب الحركيون والعونيون إثر معلوماتٍ عن شملهما ضُمن مروحة قانون العقوبات المالية الذي يستهدف حزب الله، ما جعلهما يتوحدان على المصيبة ويوكلان مهمة النجدة إلى "طقم نواب وخبراء" ذهبَ على وجه السرعة إلى واشنطن لإكتشاف الحقيقة ودراسة ما يمكنُ فعله.

طبعاً الأميركيون خبراء في عملياتِ الإحتلال. "لفّوا اللفّة" على الزوّارِ اللبنانيين وأسمونهم بعبارات النفي حتى أتخموا، ليعود هؤلاء مبشرين في "ديار الأرز" عن خلو المعلومات من دقتها، لكن الأميركيين كانوا يمضون في إعدادِ اللوائح بغرض الإبتزاز وتعديل السلوكيات.

قبلَ تلك الجولة، "حركش" أحد الزواّر الدائمين إلى واشنطن، وهو بالمناسبة يشتغلُ بالشؤون المالية والمصرفية، معلومات دقيقة عن توجه لدى وزارة الخزانة الأميركية لتسمية عدد من الأشخاص والكيانات القريبة من التيار الوطني الحر، عرف منها شركة حوالات مالية شهيرة، ضمن رزم العقوبات التي تحضر بذريعة إكتشاف علاقات مقامة مع حزب الله.

طبعاً الغاية معروفة ، وسريعاً علمَ أن تندرج تحت خانة ممارسة الضغوطات. تأهب القصر والمعنيون برتقالياً، وعلى الفور، جهزوا وفداً ضمَ شخصية بارزة تدير مصرفاً، و"لحقوا حالهم" إلى واشنطن.

للمفارقة، أن مدير المصرف المذكور الذي وفي المناسبة رشّح لتبوء منصب وزاري، كان قد وُضعَ سابقاً على لائحة المتهمين بتبييض الأموال لصالح الإرهاب قبل أن يعود ويرتب أموره مع الأميركيين بصفقة شارك في الإعداد لها جهات سعودية وإماراتية تجمعهُ بها علاقات أكثر من جيدة.

حولّت الضرورات مدير المصرف إلى ساعي بريد ينقل الرسائل السّياسية وغير السّياسية من واشنطن إلى بيروت وعبرها إلى قيادة التيّار، التي استنتجت أن هناك خطراً داهماً عليها، فأخذت على نفسها إجراء عددٍ من الحسابات الدّاخلية بشكل دقيق. ويعتقد متابعون، أن علامات التمايز التي ظهرت مؤخراً مع الضاحية، تندرج ضمن خانة المفاعيل العكسية للزيارة المذكورة وما تبعها من زيارات.

المهم، استأنفت لاحقاً رحلات الحج إلى واشنطن، وفي كل مرة كان يتوجه فيها موفد لبناني مكلفاً من التيار البرتقالي، كان يأتي بعلامات ولو أنها صغيرة إنما لا تُبشر بالخير، ففهم وقتذاك أن واشنطن تحاول الإستثمار في مسألة إجراء تعديل على موقف التيّار الوطني الحر من حزب الله، والرهان في إمكانيةِ حصول ذلك هو على الوقت.

أحد المعنيين سياسياً في بيروت، وأثر لقاء عقده قبل فترة مع رئيس التيّار الوطني الحر، جبران باسيل، ألمح إليه بما يحضر اميركياً للتيار، ونصحه بالأعداد للموجة القادمة، كذلك أسهب أمامه في عرضِ مشورات تتعلق بسبل المواجهة، ومنها على سبيلِ المثال، الإستفادة من أدوار وعلاقات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لكن ما أشير به بوضوح إلى باسيل ثم بعده إلى أكثر من مسؤول عوني، هو إتضاح وجود توجه أميركي يقضي بممارسة كم هائل من الضغوطات في سبيل دفع العلاقة بين التيار والحزب إلى الإرباك عبر رفع درجات التوتر، وهذا يأتي ضمن مشروع الغرض منه إبعاد التيار عن الحزب وإن قضى الأمر تفكيكه كي يضعِف ويبعُد تلقائياً.

وعلى سبيلِ الذكر، عُرضت على التيار نماذج من وسائل الإستخدام التي يحضّرها الأميركي، وبينها، ممارسات على سبيلِ خلق أزمات داخلية تعصف بالتيار، من المحتمل أن ينتج عنها إستقالات أو إنشقاقات تحت مسميات شتى، والتركيز الأكبر كان على العناصر القيادية، فأتت النصيحة إلى القيادة البرتقالية بممارسة نوع من "الحكمة" في معالجة القضايا الداخلية وعدم أخذ الأمور إلى أنماط متشددة.

العناوين أعلاه، ارتسمَ جزء منها خلال جولة السّفير هيل في بيروت، بعدما اتضحَ أنه يسعى إلى إقامة "مشروع حيوي" يهدف لمواجهة حزب الله كمقدمة لعزله، أدواته الوظيفية محلية الصُنع تحظى برعاية أميركية، وبالتالي، فإن تركيز هيل على حركة أمل والتيار الوطني الحر تحديداً، والإفراط في تغنيج بعض مسؤوليهم على طاولته، له مدلولات يسعى المسؤول الأميركي إلى البناءِ عليها مستقبلاً.

طبعاً في السّياسة لا شيء يُقدم بالمجان، فالحماية من عواصفِ العقوبات الأميركية العاتية له ثمن يقرش من خلال إسداء خدمات على الصعيد الداخلي، بصرف النظر عن حجمها ووقت حصولها أو إحتمالاته. الأميركي الخبير في الأساليبِ البرغماتية، يعلمُ أنه حتى تضرب الجسم عليك بالقبض على الرأس.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
"ما زلت أحفظ شيئاً من الود"... وهاب "يهدّد" خلف الحبتور! 9 بعد كشف ملابسات جريمة العزونية... بيانٌ من "التقدمي الإشتراكي"! 5 جماعة "مرعبة" تغزو شوارع لبنان! 1
من زغرتا… عملية جديدة تُضاف إلى سجل النزوح السوري وابن البلدة في غرفة العناية الفائقة! 10 الحزن يخيم على عائلة الحريري! 6 توقيف المشتبه بهم بجريمة العزونية... تفاصيل مثيرة عن وضع الزوجة! 2
توقيف المشتبه بِهم بِجريمة قتل ياسر الكوكاش! 11 وكالة اميركية تتحدث عن تلقيح السحب بِفيضانات الإمارات! 7 آلاف المقاتلين السوريين في لبنان ينتظرون "إشارة العم سام"... ومعلومات من أوروبا! 3
"ولدنة" كادت تتسبّب بفتنة... ماذا حصل في بلدة شمالية؟ 12 إشكال وجرحى في بلدة لبنانية... ما علاقة "الزوجة الثانية"؟! 8 الحقيقة بشأن جريمة باسكال سليمان 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر